تقرير أممي يؤكد تمرد الانتقالي عسكرياً على الشرعية مأرب تحتشد تضامناً مع غزة وتنديدا باستمرار حرب الإبادة الاسرائيلية مباحثات يمنية سعوديه بخصوص إجراءات سير تأشيرات العمرة اجراءات حكومية رادعة ضد محلات الصرافة المخالفة والمضاربين بالعملة في جميع المحافظات المحررة حشود هادرة بمحافظة تعز تنديدا بجرائم الابادة والتهجير بقطاع غزة الذكاء الاصطناعي يورط عملاق التكنولوجيا «تسلا» ويقودها للمحاكمة عبر القضاء كلاب آلية تنظف أحد الجبال المصنفة ضمن قوائم التراث العالمي رابطة اللاعبين المحترفين تكشف عن المرشحين لجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي لشهر أكتوبر دولة خليجية تبدأ بسحب الجنسية من المئات من مطلقات مواطنيها الإنذار المبكر ينشر توقعات الطقس خلال الساعات الـ24 القادمة في 11 محافظة يمنية
الصومال بلداً عربي جريح أكلت جسده الحروب الأهلية ومحت محاسنه صروف الزمن والنسيان ، قدر للصومال ان تكويها نيران الحرب ولا أبناء الشعب الصومالي ان يكونوا نازحين يبحثون عن مكان يأويهم ومصدر رزق يقتاتون منه .
الصومال نسيناها او تناسيناها كعادتنا نترك قضايانا وراء ظهورنا الصومال للصوماليين وفلسطين للفلسطينيين.
وانطلاقاً من إحساسنا بعمق القضية الصومالية وواجبنا تجاه قضايانا العربية الإسلامية تنفرد " مأرب برس " من بين جميع المواقع الإلكترونية اليمنية بإعادة نشر تقرير حول الأوضاع الصومالية في حلقات بعد ان نشرت في صحيفة 26 سبتمبر الأسبوعية وقد قام بإعداد التقرير الصحفي المبدع / جلال الشرعبي الذي نتقدم له بالشكر والعرفان على ما قدمه للصحافة اليمنية .
الحلقة الأولى
كلمة أولى ظلت المهمات الخارجية للصحافة اليمنية أمراً بعيد المنال.. كان الهدف كسر حاجز صدى بالإمكانات. لذا قطعت قرابة ثلاثة آلاف كيلو متر براً في الصومال وآلاف الأميال عبر الجو...
الصومال بالنسبة لي قصة محببة منذ زمن، وقد كان تعب لذيذ لا يقاوم وأنا أرى القبيلة.. شبه الدولة.. رؤساء بالكم.. وكثير عساكر ومليشيات يشكلون الجغرافيا الصومالية. في الميدان تبدو مهمة الصحافة شيئاً عملياً ذا فائدة.. فكيف إذا كان المكان الصومال، حيث الاحتراب لا يهدأ وطلقات البندقية لا تنام.. أما لماذا الصومال فإن في هذا سفر طويل لأزمة في مقديشو انعكست سلبياتها في اليمن التي فتحت حدودها للاجئين، مثلما رعت حوارات عدة للفصائل الصومالية، وهي ما لبثت تؤكد مبادراتها الدائمة على استقرار الصومال ووحدته وتقديم الدعم الذي يحتاجه حتى يستعيد مكانته الإقليمية والدولية. وسط أزمة يتقبلها المجتمع الدولي بأذنٍ من طين وأخرى من عجين. وقد ذهبت إلى هناك لأقدم لكم حصيلة نصف شهر في الداخل الصومالي.
الصومال.. مــن بدايـة الموت إلى موت لا ينتهي..!!
الموت لا ينتهي في الصومال.. القتل يبدأ بذبح العنق ولا ينتهي بوفاة الدولة.. الصومال التي كانت مطمعاً للاستعمار الفرنسي والبريطاني والايطالي، كانت ايضاً اكثر إغراءً وهي تسيل لعاب حتى جيرانها ليتسابقوا لأخذ حصتهم من الكعكة الصومالية. وكانت النتيجة تقسيم الصومال الى عدد أصابع اليد: فرنسا تستعمر الصومال الفرنسي (جيبوتي) عام 1884م وبريطانيا يستقر بها المقام في الإقليم الشمالي عام 1887م وايطاليا تحط رحالها على الجنوب في العام 1889م.
أما الأشقاء والجيران فقد كان لهم قصة مشابهة للاستعمار، لكنها عصية على نسيان ما خلفته من تركة ثقيلة أضحت تؤثر على مستقبل الصومال حتى اللحظة.
لقد أخذت أثيوبيا إقليم الاوجادين 1897م، فيما خضع إقليم ( N.F.D ) للسيطرة الكينية في العام 1924م.ظل الاستعمار قابضاً على الصومال في أجزائه الثلاثة، فكانت النتائج تقسيم الصومال ونهب ثرواته علاوة على إعاقته وأبنائه من الاستقرار. وفي الجزئين الباقيين دخلت الصومال في حروب طاحنة بشأن اقليم الاوجادين واقليم نفذ مع كينيا لم يكسب منها سوى أنه خسر اكثر من الارض، حيث ظلت هذه الاقاليم مصدراً لإزعاجه حتى اللحظة.. ولم تفلح المبادرات الاقليمية والدولية في تحقيق آمال الصوماليين بالاستقرار بعيداً عن دوامة الموت بسبب صراعاته الاقليمية وتدخلات جيرانه في تعميق المأساة وجعل الجرح يتسع اكثر حتى غدا اليوم مذبحة جماعية. النظام الصومالي الذي قاد إلى الوحدة في يوليو 1960م، حيث اتحد شماله، الذي خضع للسيطرة البريطانية مع جنوبه، الذي كان يخضع للسيطرة الايطالية، فيما عُرف بجمهورية الصومال الديمقراطية.
لقد كان الشماليون دعاة للوحدة وهم من هرولوا نحوها وبذلوا من أجل ذلك الغالي والنفيس، لكن النتائج جاءت مخيبة لآمالهم.. كون الجنوبيين هم من سيطروا على الدولة. ورغم ان الشمال بلاد ثروات فقد كان ما ينتجه يذهب الى المسؤولين في الجنوب الذي توجوا هذا التوجه بانقلاب المؤسسة العسكرية والسيطرة على الحكم بقيادة الجنرال محمد سياد بري العام 1969م.
ما بين الوحدة والإطاحة بالنظام البرلماني (1960 - 1969م) شهدت الصومال حكماً ديمقراطياً مختلفاً هي تفتقده حتى الآن.. كما كانت هذه الأساس الذي كانت الانظار تطالع مولد دولة لها شأن في افريقيا كلها.. كذلك فإن الإطاحة بالنظام البرلماني واقامة حكم عسكري لم تكن من نتائجه فقط عودة الصومال الى ما قبل الوحدة ونشوء الدويلات الانفصالية طبقاً للتقسيم الاستعماري، بل إن من أسوأ نتائجه هو إنهيار دولة ومعاناة شعب وسيرة قتل واقتتال بين الأخوة انفتحت وظلت تخصب الأرض بدماء الصوماليين لما يزيد عن ربع قرن من الزمان.
لقد استنفد محمد سياد بري قوته وهو يحارب من أجل أهداف متعددة منها قريبة واقليمية ليتوج مواجهاته في الداخل مع أخوته على النحو الذي قاده الى تدمير «هرجيسا» في الشمال العام 1988م، لتنهار الدولة في مطلع التسعينات من القرن المنصرم بعد معارك لاحدود لها وضحايا بالآلاف لتبدأ الصومال سفراً آخر في الإقتتال الداخلي. الجنرال محمد سياد بري، الذي أطاح بالنظام البرلماني وبدأ حكمه العسكري بالحديد والنار، قوض أركان حكمه حينما جعل من الدولة ملكاً شخصياً له ولأسرته.. فقد أضحى الإنتماء القبلي في الصومال رغم صرخاته بتحريم القبلية بعد سنتين من بداية حكمه، ليرتكز الحكم على مثلث عشائري تمثلت أضلاعه في عشيرته (بري) وزوجته وابنها والضلع الثالث في عشيرة أخواله. والحقيقة أن جميع هذه العشائر الثلاثة تدخل ضمن بنية قبلية كبيرة تسمى «الدارود».
لقد سبب هذا النهج القبلي لبري حرمان القبائل الأخرى من المشاركة في الحكم وجعل السلطة والمال يدوران في كنف قبيلته، الأمر الذي عجل بالنقمة عليه، وكانت من نتائجه عودة الصومال الى ما قبل الوحدة وانهيار الدولة الصومالية التي كانت تملك القوة العسكرية والجغرافيا والموقع الهام على ساحل يمتد لأكثر من 3500كم ومساحة تزيد عن 750 ألف كيلومتر مربع، ليزيد الطين بلة حينما جعل من اعتماده على المؤسسة العسكرية كأداة لتقييد الحريات، بل والقتل لكل من يخالفه الرأي. على أن هذه الأوضاع الداخلية المعقدة لم تكن هي فقط محنة الصومال؛ إذ زادت حدة الأزمة على خلفية علاقات إقليمية أكثر تعقيداً للصومال.. فقد دخلت الصومال في ثلاثة مواجهات مع أثيوبيا، إثنان منها بقيادة الجنرال بري (1964م، 1978م، 1983م) من أجل استعادة إقليم الاوجادين منها.. لكنها، رغم ذلك، لم تحقق هذا الهدف رغم أنها أوصلت رسالتها لجيرانها بتعاظم قوتها وقدرتها على المواجهة، الأمر الذي زاد من استعداد خصومها للمواجهات المقبلة، بل وقيام أثيوبيا وكينيا بتوقيع إتفاقيات دفاعية مشتركة.
أما فيما يخص جيبوتي فقد كفت الصومال النظر عنها، رغم اعترافهم بالإنتماء الصومالي، بل ودخولهم في مساندة ودعم الصومال في مواجهاتها مع أثيوبيا. دخلت جيبوتي الجامعة العربية، وبهذا يكون أصبع صومالي من أصابع اليد قد تم استئصاله بمباركة الجامعة العربية العام 1977م. أما الاوجادين فقد ظل محنة تذكّر أثيوبيا بمأساة انكساراتها أمام الجيوش الصومالية مرة ومحل نقمة وغضب ظل أبد الدهر يلاحق الصوماليين على طول الخط مرة أخرى، دون أن تغفر الأخيرة الذنب للأولى أو تستطيع حتى نسيان المواجهات الثلاث. ومع كينيا ظل التوتر سائداً حول إقليم نفذ ( N.F.D ) إذ رفضت كينيا رفضاً قاطعاً حتى التفاوض بهذا الشأن، بل إن استكبارها وصل حد تصريح الرئيس «كينياتا» في تلك الفترة بقوله: «اذا أراد الصوماليون المتواجدون في حدود كينيا الإرتباط بالصومال فما عليهم إلاَّ أن يأخذوا جمالهم ويرحلوا».
لقد كانت المطالبات الصومالية بالاقليم (الاوجادين) - (نفذ N.F.D ) تحيل عليها النقم كثيراً من أثيوبيا وكينيا، بل أن كينا في كل مواجهة صومالية مع أثيوبيا كانت تعلن حالة الطوارئ وتقوم بقطع حتى العلاقات الدبلوماسية مع الصومال.. ومن هنا تجسدت مشاكل الصومال في داخل ملتهب وعلاقات إقليمية أكثر اشتعالاً بالأزمات والمؤامرات ونظرة الكراهية نحو الصومال حتى كانت النتيجة تقدم أثيوبيا في العام 1978م بمشروع مشترك مع كينيا تضمن تخلي الصومال عن مطالبها في (أثيوبيا، كينيا، جيبوتي), في وقت كانت الصومال تعيش حالة ضعف بسبب تزايد المشاكل الداخلية وتضييق الخناق عليها من جيرانها. ورغم أن دستور الاستقلال الصومالي كان ينص على ضرورة دمج كافة الاقاليم الصومالية الثلاثة (أوجادين، نفذ، جيبوتي)، إلاَّ أن ضعف الصومال جعلها توقف هذه المواجهات، وهذه المطالب في هذه الأقاليم وتقبل بالمشروع المشترك لأثيوبيا وكينيا بعد هزيمة ثقيلة منيت بها الصومال في مواجهتها الأخيرة مع أثيوبيا في الاوجادين عام 1978م.
في المقابل فإن العلاقات الدولية للصومال كانت انعكاساً للعلاقات الاقليمية، حيث أدت التوترات الاقليمية للصومال إلى جعل علاقاتها الدولية محل تأثر واضح سواء عندما كانت في المعسكر الاشتراكي الذي اتخذه نظام محمد سياد بري العسكري كعقيدة رسمية له بعد توليه السلطة أو عندما عاد إلى المعسكر الغربي, حيث كانت وجهته الأولى نحو روسيا هي انعكاس لتوجه أثيوبيا نحو الغرب. وعندما اتجهت أثيوبيا شرقاً نحو روسيا اتجه الإهتمام الروسي نحوها وترك الصومال، الأمر الذي اضطره الاتجاه غرباً نحو الولايات المتحدة، لكنها لم تكن تدعمه بنفس ما كانت تقدمه لأثيوبيا.. كذلك فإن الاتحاد السوفيتي، الذي اتخذ من الصومال قواعد عسكرية له واستغل موانئها في مقديشو وبربرة عندما اتجه نحو أثيوبيا ضاعف من مساعداتها التي كان يقدمها للصومال لتصل في نهاية السبعينات الى ثلاثمائة مليون دولار، بالإضافة الى شحنة اسلحة في العام 1985م بلغت قيمتها حوالى أربعة مليارات دولار.. ومن هنا فإن الصومال خسر علاقاته الدولية مع روسيا ليقوم سياد بري بعدها بطرد الخبراء الروس من قاعدة «بربرة» العسكرية مثلما استغلت أمريكا ملف حقوق الانسان وعدم احترام سياد بري للحقوق، مبرراً لقطع المساعدات الى حين قيامه بإصلاحات سياسية واقتصادية في الصومال. في السياق نفسه فإن دوراً للأمم المتحدة أو المنظمات الدولية ظل غائباً لتستمر معاناة الصوماليين الذين كانوا على وشك الوصول الى انهيار الدولة.. على المستوى الداخلي، في تلك الأثناء، نشطت حركات المعارضة في الداخل، خاصة وان هذه المعارضة التي تمثلت في الحركة القومية وجبهة الخلاص الديمقراطية بعد أن وجدت من يغذيها إقليمياً ودولياً، الأمر الذي دفع بسياد بري إلى استخدام اسلوب أكثر وحشية ضد قادتها في الشمال والجنوب، لكن نصيب الشمال كان كبيراً، حيث قام باستصدار أحكامٍ بالإعدام ضدهم وقتل كثيراً منهم، الأمر الذي فاقم من نقمة الشماليين الذين اتجهوا صوب «هرجيسا - بربرة» تمهيداً لإعلان استقلالهم ليقوم بحشد الجيوش وضرب هرجيسا التي مازالت جراحها نازفة حتى اللحظة مما عمق الرغبة لديهم بالانفصال ودفعهم الى المواجهة حتى كان انهيار نظام سياد بري وسقوط الدولة في الصومال هو البداية أيضاً لإعلان الاقليم الشمالي الانفصال مطلع التسعينات من القرن الماضي وسط صمت دولي عمّا يجري في الصومال، بل أن انهيار الاتحاد السوفيتي وبروز امريكا كقوة وحيدة في العالم غيب التوازن، الأمر الذي دفع بهذه القوة الجديدة الى ترك افريقيا كلها وليس الصومال فقط خلف ظهرها وعدم الالتفاف لها لتبدأ الصومال فصلاً جديداً عنوانه انهيار الدولة وبداية الحرب الأهلية. ما بعد الإنهيار فيما العالم بدأ فصلاً جديداً بقيادة الولايات المتحدة، راعية النظام العالمي الجديد، بالاتجاه نحو الشرق الأوسط لتبدأ حرب الخليج الأولى مع بداية جديدة أيضاً للصراع العربي - الصهيوني والانشغال بتفكيك ما تبقى من الاتحاد السوفيتي. ولأن امريكا ظل لها نصف عين نحو افريقيا بعض الوقت، فقد اكتفت بأن تكون في اريتريا وأثيوبيا، لتنهار الدولة في الصومال وتظل على مدى قرابة عامين غائبة عن الإهتمام أو الحديث الامريكي إلاَّ في بعض الأحيان. وكانت التدخلات عبارة عن تصريحات تتعلق بالمعونات والوضع الانساني حتى العام 1992م، حيث عاد اهتمامها ليعلن البنتاجون إرسال أربع سفن حربية تقل (2400) جندي في عملية «إعادة الأمل» هي جزء من بداية إعلانها قيادة العالم، لكن هذا التدخل، الذي تم منحه شرعية دولية من مجلس الأمن والأمم المتحدة، سرعان ما أجج خلافات داخلية وسط قوات التحالف، خصوصاً الفرنسية.. كذلك فإن هذه القوات، التي كانت من المارنز والكوماندوز والتي اكتفت في عملياتها بالصومال بملاحقة قوات محمد فرح عيديد ونزع اسلحته، فشلت في مهمتها، بل وأصيبت بخيبة أمل حينما أصبح جنودها عرضة للموت اليومي الموحش في الصومال، ليرحل من تبقى من القوات الدولية وتواصل الفصائل صراعاً بين قوات محمد فرح عيديد وعلي مهدي محمد. الفصائل الصومالية التي بدأت بالمواجهة مع بعضها للجانبين أسفرت عن تعميق المأساة الصومالية وإشاعة القتل في الشارع والصحارى وجعلت من عاصمتها مكاناً لتكتلات مملوءة بحب السيطرة على الحكم.
حيث ان صراع عيديد ومهدي كان طمعاً بالسلطة، فلم يكن أحدهما قادراً على إقامة حكومة مركزية، بل إن أياً منهما لم يكن لديه أي برنامج سياسي أو اقتصادي لانتشال الصومال، لتصبح الصومال وما تحويه من مدخلات ومؤسسات ساحة للنهب وتجار الحروب مع غياب الدور الذي يمكن ان تلعبه دول الجوار التي لاشك وجدت نفسها وهي تشاهد هذا الفيلم الدامي أكثر فرحاً وهي تتابع تفاصيله باستثناء اليمن التي كانت حاملة لواء المبادرة في دبلوماسيتها وهي تدعو العالم والمجتمع الدولي الى تقديم الدعم للصومال وإيقاف نزيف الدم وإقامة الدولة المركزية.
خلاصة القول: إن انهيار الدولة في الصومال نتج عنه العديد من التداعيات التي كانت على درجة كبيرة من الأهمية، لعل أبرزها انفصال شمال الصومال وتبعها إعلان بونت كولاية فيدرالية في الوسط واشتعال الحرب الأهلية في العاصمة مقديشو بين الفصائل، علاوة على تفشي الفقر والبطالة وغياب الأمن داخل الصومال والشريط الساحلي الذي أضحى مصدر إزعاج للدول المجاورة بعد أن كان منفذاً للتهريب والتسلل والتجارة غير المشروعة. كذلك فإن غياب الدولة كرس حكم أمراء الحرب ومسؤولي العشائر الذين قسموا الصومال، خصوصاً جزءه الجنوبي، الى اقطاعات خاصة بهم لتصبح الموانئ وحتى المطارات ومصالح إيرادية خاضعة لحكم هؤلاء. ولا يخفى عن المتابع أن تحول المواطن الصومالي الى مسدس للايجار، فقد أصبح عديدون بسبب الحرب يفرون الى دول مجاورة. وكشفت الأيام استخدام كثير منهم في الحروب، فقد استخدم الصوماليون كجنود في حرب اريتريا ضد اثيوبيا والعكس علاوة على أن كثيرين هاجروا بحثاً عن لقمة العيش وخصوصاً الخبراء في مجالات الطيران والهندسة والتصنيع الحربي، فيما عاش أخرون لاجئين أكدت تقارير حقوق الانسان تعرضهم لعنف والبعض فارق الحياة.
الخلاصة، أيضاً، أن الصومال من نهاية القرن الثامن عشر وحتى اللحظة حاضنة لتوالد فصائل مسلحة ليست النهاية بالطبع سيطرة المحاكم الإسلامية ونهاية تحالف الأمن ومكافحة الإرهاب.