يبدو ان الجامعات اليمنية قد غيبت نفسها، أوغُيّبت عن الدور الرئيس الذي ينبغي ان تقوم به من اجل توعية الطلاب في داخلها وبقية افراد المجتمع من خارجها، بأهمية الحوار الوطني باعتباره المخرج الوحيد لتسوية جميع القضايا التي كادت ان تعصف بالوطن وتسير به نحو نهاية مأساوية.. لهذا اعاد الاخ عبدربه منصور هادي –رئيس الجمهورية - الاعتبار للجامعات ومنتسبيها من اعضاء هيئة التدريس، حينما التقى في عدن بعدد منهم بجامعة عدن.. فلم ينسَ الاخ الرئيس – كما نسيت الأحزاب - الدور الرئيس الذي تلعبه الجامعات باعتبارها حاوية للنخب العلمية والفكرية والقانونية والسياسية والأدبية وغيرها من المجالات، التي يستعين بها المجتمع لحل المشكلات المحيطة به.
لأهمية الدور الذي يلعبه عضو هيئة التدريس في مجتمعه جاء حث الاخ الرئيس في مكانه، فينبغي عليهم، كما قال الاخ رئيس الجمهورية: "الاضطلاع بدورهم الثقافي التوعوي لإيصال الرسالة السليمة والواضحة عبر كل المنابر ووسائل الاعلام لتوضيح الصورة الحقيقية عما يجري في اليمن وما تتعرض له من استهداف لعرقلة إجراء أي حوار عقلاني موضوعي تتداعى إليه كل الاتجاهات السياسية ليطرحوا رؤاهم وتطلعاتهم لمستقبل اليمن..، بعيداً عن ثقافة الاقصاء والعنف".. فالأستاذ الجامعي يقع على عاتقه ارشاد الامة وليس فقط طلابه، لكيفية التعاطي مع القضايا المصيرية التي تحيط بالوطن، فهو محل تقدير الاخرين ومن هذا المنطلق فإن لكلمته تأثيرا في محيطه.
ولهذا كان تشديد الأخ رئيس الجمهورية في مكانه "فجامعة عدن منارة أكاديمية كبرى تقع على منتسبيها وكوادرها مسؤولية وطنية في توعية المغرر بهم وإنارة الطريق أمامهم من أجل مصلحة الوطن العليا والحفاظ على المكاسب الوطنية والأمن والاستقرار".. فينبغي على الدكتور الجامعي ألا يجامل في القضايا الوطنية، بل عليه قول الحق لكل ما هو حق، وعليه ان ينتقد الباطل مهما كان مصدره او فاعلوه..
وهنا نستغرب كيف تجاهلت الاحزاب والمنظمات الجماهيرية الدور المحوري الذي تلعبه الجامعات، وكيف تم استثناؤها حتى من القوام المكون لكيان المؤتمر الوطني للحوار.. والغرابة الاشد ان تتجه كل المكونات لإقصاء الاستاذ الجامعي من الاعضاء المختارين للمؤتمر.. فيما ضمت قوائمها من ليس في جعبته شيء عن المؤتمر، وهذا مؤشر خطير يُبرز كيف تنظر الاحزاب وبقية مكونات المجتمع المدني للجامعة وكادرها التدريسي.
نحن لا ننتقص من الآخرين، ولكن نريد من الاخرين ان يعوا بأن الجامعات بها كوادر وطنية بذلت الدولة الكثير من أجل تأهيلها، ولا يجب ان تُهمل، أو ان تكون كمالة عدد، بل يتوجب الاستفادة منها.. ولكننا لا نرمي باللائمة على المجتمع ومكوناته الحزبية بل هي بذات القدر على اعضاء هيئة التدريس الذين لا يتفاعلون مع قضايا امتهم إلا في مبارز القات، ولا يشاركون الامة همومها، ولا ينخرطون في العمل المجتمعي، من اجل اقتراح الحلول كل في اختصاصه.
ان ابتعاد الاستاذ الجامعي عن القضايا المصيرية التي تحيط ببلاده، جعل الاخرين يغيّبونه عنها.. ومن هنا نرجو ان يتجاوب كل اكاديمي مع دعوة الاخ الرئيس لتوعية وإرشاد الناس – بدءًا بالطلاب - بأهمية التجاوب مع مؤتمر الحوار الوطني، من خلال الكتابة في الصحف او المشاركة في البرامج التلفزيونية والإذاعية، او تنظيم ورش وندوات، تحث الجميع على المشاركة الفاعلة باعتبار المؤتمر خيارنا الوحيد لبناء يمن جديد.