يوميات صائم !!
بقلم/ معاذ الخميسي
نشر منذ: 15 سنة و شهرين و 8 أيام
الإثنين 31 أغسطس-آب 2009 01:57 ص

شهر مبارك .. وكل عام ونحن وانتم وهم في خير وعافية وسعادة .. والكهرباء تُضيء المنازل والأماكن "كلها" المشتاقة لضوء يستمر ولا ينقطع .. والماء متوفر وبكميات كبيرة لا تلجئ مواطنا إلى أن يظل يبحث طول يومه عن "دبة" ماء لمنزله .. والغاز – أيضا- متواجد في معارض الشركة وعلى ناقلاتها .. وفي الشوارع والأزقة .. لا كما هو حادث حاليا .. والله المستعان

رمضان .. بالطبع .. شهر الخير والبركات والحسنات .. وفيه تصفد الشياطين .. ويقف الإنسان أمام كتاب حياته .. ما قدم .. وما آخر .. ويحاول جاهدا أن يكثر من الطاعات والعبادات .. وأن يوفر ما ينفعه لأخرته وحياته الأبية ..

ورمضان هذا الذي نعيشه نريده هكذا لنا جميعا .. وخاصة اؤلئك الذين تحملوا الأمانة التي رفضتها الجبال .. ومازال كثير منهم إذن من طين وأخرى من عجين .. لا يخاف .. ولا يبالي .. ولا حتى يحسّ!!

ولا أظن إلا أن البحث عن "شمع" أو اضاءات خازنة .. وتكبد المرارات للحصول على "وايت" ماء .. وخوض سباق السبع دوخات للفوز بدبة غاز .. إلا عملا صالحا يجزى به المرء الحسنات .. لأنه يوفر لأولاده وأسرته "عيش" يومهم .. ولا بأس في أن نجد المصليين يتقافزون بعد الصلاة ويسارعون إلى أحد المعارض لأخذ مكانهم في طابور طويل موعود بمجيء "دبات الغاز" .. أو أن يفوت على البعض أداء الصلاة في جماعة لأنه ينتظر دوره في الحصول على "زفة" ماء !

وليس خافيا على أحد أن رمضان شهر مبارك .. ويكفي أنه يبهج النفوس مهما كانت الآلام .. ويسعد القلوب مهما كانت المنغصات .. والانطفاءات .. والطوابير .. والحسرات !!

مع ذلك .. لا أرى مانعا في أن أؤكد أن رمضان هذا العام مختلف بتعدد أنواع "المعاناة" .. واللهم لا حسد !

وأنا واحد منكم .. صائم مثلكم .. لي أيام خمسة في أولها استقبلت رمضان بعبارات الرجاء لأصحاب "الآبار المائية" الذين يبيعون "الماء" ليموني بما يسمونه "وايت" ماء بعد أن غاب ماء مؤسسة المياه لأكثر من أسبوع وانتهاء الاحتياطي في "خزان" منزلنا .. وعجزنا في فهم لوغاريتمات أصحاب أو مسئولي المؤسسة .. أو أن نجد منهم حتى "تبرير" صغير لما يقومون به من حرق لأعصاب المواطنين .. وخاصة في شهر الخير والبركة !

تخيلوا حتى "وايت" الماء .. بالطابور .. وبالحجز .. وبألفين ريال .. يا بلاشاه !!

الذين لهم منازل داخل أزقة .. أو شوارع ضيقة لا تسمح بدخول سيارات عليهم أن يعايشوا العطش .. وأن تتوقف لديهم الحياة .. وليس هناك من يعيرهم أدنى اهتمام !

أحدهم حاول الاتصال بمسئول مائي ليشكو حال الانقطاعات المتكررة والطويلة .. وضعف "ضخ" الماء .. فتفاجأ بجواب فيه بعضا من "نزق" رمضان .. وأنا ما أفعل لك !!

اليوم الثاني الثالث في رمضان كانت لي حكاية أخرى مع معاناة "جديدة" أسمها "الغاز" ولا سامح الله مسئولو الغاز الذين يطلون ليؤكدوا بكل بساطة أن لا أزمة .. وأن ناقلات "الغاز" التابعة للشركة توزع "الغاز" إلى المنازل .. وكأن تلك الطوابير نعايشها في المنام .. وكأننا نأخذ مكاننا فيها في الخيال .. أو بالأصح نحن كذابون .. ونتبّلى على شركة الغاز !

فشلت في دخول طابور طويل .. وشعرت باليأس في الوصول إلى دبة غاز .. وحاولت أن أنتظر في طابور متوسط .. وقبل أن أصل وقبلي ثلاثة آخرين قال صاحب المعرض "الغاز خلّص" .. وعدت وأنا أفكر ما هو المطعم الذي سأشتري منه وجبة الإفطار .. فوجدت شابا ومع "عربية" ولدية ثلاث دبات فأنقذني بواحدة وبألف ومائتين ريال .. قولوا معي أيضا .. يا بلاشاة .. وأضيفوا .. يا رواجاه !!

طبعا .. المعاناة .. متواصلة .. أمس .. وما قبله .. وما قبل قبله .. واليوم أيضا .. وغدا .. ولا أعرف إلى متى .. ستنطفئ الكهرباء ليس مرة بل مرتان وربما ثلاث .. وفي كل مرة يظل التيار مفصولا لأكثر من ساعتين !

أمس .. وما قبله بدأنا بتناول طعام الإفطار وإذ بالكهرباء تغادر دون استئذان وتتركنا .. ونشعر "فجأة" بأننا نفطر في قرية بعيدة مظلمة ونحن في طريق "سفر" !!

قبل أن يأتي "الفجر" كانت الكهرباء "مفصولة" ومطلوب أن نستعد بوجبة السحور ليوم أخر .. ولا فائدة .. ضوء الشموع .. هو الذي أو إضاءة ما تم خزنه وبدأت تتلاشى .. ينقذنا في وقت يتفرج فيه المسئولين .. لا رد .. ولا تفسير .. ولا حتى تطبيب للنفوس !!

حتى أمطار الخير ننتظرها كثيرا .. وعندما تأتي .. نتحول إلى مهددين بالغرق في شوارع تكشف سوء التخطيط والتنفيذ .. وفي منازل شيدت في أحياء لا يوجد فيها تصريف لمياه الأمطار !

أقدارك يا رب .. لكن ماذا لدى من تحملوا المسئولية .. وهل شهر رمضان سيوقظ فيهم "الضمير " ليؤنبهم في أقل الأحوال..

هذا رمضان في بداياته .. وهذه أيام صائم سيكتفي بالقول "شهركم مبارك .. واللهم أني صائم !

Moath1000@yahoo.com