ما لا يعرفه العرب عن فوائد زيت الزيتون وعجائبه في جسم الإنسان الضالع: وفاة شابة ووالدتها غرقاً في حاجز مائي غلاء عالمي لأسعار الغذاء إلى أعلى مستوى ست مواجهات شرسة ضمن بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز إستعدادات كأس الخليج.. لجنة الحكام باتحاد كأس الخليج العربي تجتمع على هامش قرعة خليجي 26 أول رد من المجلس الرئاسي لوزارة الدفاع السعودية بخصوص مقتل وإصابة جنود سعوديين بحضرموت تقرير: مليون يمني ألحقت بهم أمطار هذا العام أضراراً متفاوتة وضاعفت مخاطر الإصابة بالكوليرا ضبط عشرات الجرائم في تعز والضالع خلال أكتوبر حزب الإصلاح يتحدث لمكتب المبعوث الأممي عن مرتكزات وخطوات السلام وأولوية قصوى أكد عليها المسلمون في أميركا صوتوا لمرشح ثالث عقاباً لهاريس وترامب
اختتم السناتور جورج ميتشيل مبعوث السلام الامريكي الى الشرق الاوسط جولته الاخيرة دون تحقيق تقدم ملموس على صعيد امكانية استئناف المفاوضات بين السلطة الفلسطينية والحكومة الاسرائيلية، وهي المهمة الاساسية من وراء هذه الجولة.
ثلاثة اسباب رئيسية ادت الى فشل هذه الجولة، وعودة صاحبها خالي الوفاض الى العاصمة الامريكية:
' اولا: اعلان بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي الاحتفاظ بجميع الكتل الاستيطانية اليهودية الرئيسية في الضفة الغربية، وابقاء السيطرة الاسرائيلية الكاملة على غور نهر الاردن، اي الحدود الشرقية لاي دولة فلسطينية يمكن ان تقوم نتيجة اتفاق تسوية بين الطرفين.
' ثانيا: اصرار الرئيس محمود عباس على عدم العودة الى مائدة المفاوضات مجددا الا بعد التزام نتنياهو وحكومته بتجميد كامل للاستيطان في الضفة والقدس المحتلة، وتحديد مرجعية واضحة للمفاوضات وسقف زمني محدد لانهاء المفاوضات مدعوما بضمانات دولية.
' ثالثا: تصريحات الرئيس الامريكي باراك اوباما التي اعترف فيها بسوء تقدير ادارته للعقبات الموضوعة في طريق العملية السلمية، ومحدودية الدور الامريكي، وهو الاعتراف الذي شكل تراجعا واضحا عن جميع وعوده والتزاماته السابقة، ورضوخه امام الضغوط الاسرائيلية للتخلي عن شرط تجميد الاستيطان الذي قال انه شرط ضروري لاستئناف العملية السلمية.
فشل مهمة السناتور ميتشيل، وفق التصريحات الرسمية، يعني حدوث حالة فراغ سياسي (البعض يقول انه جمود)، وانهيار الرهان العربي على الخيار السلمي، الامر الذي يعني ان مبادرة السلام العربية باتت فاقدة الصلاحية.
التجارب السابقة في المنطقة العربية، ومناطق اخرى من العالم، علمتنا ان الفراغ السياسي ضد طبيعة الاشياء، ولذلك لا يعمّر طويلا، ولا بد من حدوث تطورات لاحقة تملأه بصورة او بأخرى، فالمنطقة العربية التي عاشت طوال العشرين عاما الماضية تقريبا على اوهام العملية السلمية لا تستطيع ان تستمر بدونها، لان الانظمة العربية، وببساطة شديدة، لم تفكر، ولم ترد ان تفكر بأي خيارات او بدائل اخرى، او 'الخطة ب'، مثلما هو متعارف عليه في الدول المتحضرة.
' ' '
السلطة الفلسطينية في رام الله تتحدث 'على استحياء شديد' عن امكانية تفجير 'انتفاضة سلمية' في الضفة، اي ترتيب مظاهرات واحتجاجات، وعصيان مدني، وربما العودة الى 'سلاح الحجارة' في محاكاة لتجربة الانتفاضة الاولى التي اتت بها الى رام الله قبل ستة عشر عاما.
نقول 'على استحياء' لانه عندما انفجرت الانتفاضة الاولى قبل عشرين عاما، لم تكن هناك سلطة تعتمد اعتمادا كليا على اموال الدول الغربية المانحة، ويشرف على شرطتها وقوات امنها الجنرال الامريكي دايتون، ناهيك عن بطاقات ( V.I.P ) لكبار الشخصيات، ووجود حكومة ووزراء ورئاسة ومقاطعة.
السلطة تعيش مأزقا غير مسبوق، لان تأييدها للانتفاضة قد يعني عمليا اقدامها على حل نفسها، واعادة الضفة الغربية الى صورتها السابقة، اي ارض محتلة بالكامل من قبل القوات الاسرائيلية، اي ان يتحول الاحتلال، من احتلال مقنع الى احتلال علني، تتحمل من خلاله الحكومة الاسرائيلية مسؤولية ادارة الاراضي المحتلة بالكامل، اي توفر الامن والماء والكهرباء والتعليم والصحة لما يقرب من ثلاثة ملايين فلسطيني.
الرئيس محمود عباس يواجه حاليا الظروف نفسها التي واجهها الرئيس الراحل ياسر عرفات بعد انهيار مفاوضات كامب ديفيد، اثر رفضه الضغوط الامريكية للقبول بتسوية عرضها الرئيس بيل كلينتون، مع فارق اساسي وهو ان الرئيس عرفات بادر فور عودته باللجوء الى خيار المقاومة من خلال تأسيس كتائب شهداء الاقصى، وتعزيز الروابط مع حركتي 'حماس' و'الجهاد الاسلامي'، وارسال المبعوثين الى لبنان وايران واوروبا بحثا عن اسلحة.
الرئيس ياسر عرفات دفع ثمنا غاليا مقابل هذا الخيار، حصارا وعزلا في مقره في رام الله، انتهى اخيرا باستشهاده مسموما، وكان رحمه الله، يتوقع هذه النهاية المشرّفة وينتظرها، وكان له ما اراد.
' ' '
لا نعرف الى متى سيصمد الرئيس عباس على موقفه الحالي في رفض العودة الى المفاوضات دون تلبية شروطه في تجميد الاستيطان، فالضغوط العربية عليه في هذا الشأن اكبر بكثير من الضغوط الامريكية والاوروبية، ولكن ما نعرفه، ويعرفه هو نفسه، ان احتمال انهائه وعزله ربما يكون وارداً في أذهان الادارة الامريكية وحلفائها الاوروبيين، ولا نستغرب ان يكونوا قد بدأوا فعلاً في البحث عن البدائل، هذا اذا لم يكونوا قد هيأوها فعلاً، منذ ان قرر عدم ترشيح نفسه في اي انتخابات رئاسية مقبلة، وردت عليه السيدة هيلاري كلينتون بانها 'غير آسفة' على رحيله، وستتعامل معه في اي موقع يتولاه.
المشهد الفلسطيني 'بائس' بكل المقاييس، فالرئيس انتهت مدة رئاسته للسلطة، ولا يعتزم الترشيح لانتخابات قادمة، ولا احد يعرف متى ستعقد هذه الانتخابات اصلاً، والمجلس التشريعي المنتخب فاقد الصلاحية ايضاً بانتهاء مدته التشريعية، ولا انتخابات تلوح في الافق لاستبداله، والشيء نفسه ينطبق على جميع مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، مثل المجلسين الوطني والمركزي، واللجنة التنفيذية.
اسرائيل تعيش مأزقاً كبيراً بدورها، فقد باتت مكروهة، مدانة عالمياً، بعد ارتكابها جرائم حرب في قطاع غزة، واستمرارها في فرض الحصار بعد العدوان زاد من هذه الكراهية، وجاء تدهور علاقاتها مع تركيا، وانتهاء مفاوضاتها غير المباشرة مع سورية ليزيدا من عزلتها الاقليمية، اضافة الى عزلتها الدولية.
نتنياهو كان متعطشاً لاستئناف المفاوضات وفق شروطه الخاصة، ليس من اجل التوصل الى تسوية وانما لكسب الوقت واصلاح هذه الصورة، وتخفيف حدة الكراهية، واطالة عمر حكومته، وتوفير غطاء للاستمرار في عملية الاستيطان، وابتلاع ما تبقى من القدس الشرقية. طموحاته هذه تبخرت في الوقت الراهن على الاقل، ولا بد انه يبحث بدوره عن مخرج من مأزقه هذا.
' ' '
التجارب السابقة علمتنا ايضاً ان اللجوء الى الحروب هو خيار اسرائيلي دائم للخروج من الأزمات، ومحاولة تغيير المعادلات على الارض. هكذا فعل مناحيم بيغن اثناء تصاعد المقاومة في لبنان باجتياحه صيف عام 1982، وهكذا فعل ايهود اولمرت بالعدوان على قطاع غزة في محاولة لامتصاص هزيمته المهينة في جنوب لبنان، وهذا ما يمكن ان يفعله نتنياهو في الاسابيع او الاشهر المقبلة سواء بالعدوان على جنوب لبنان او قطاع غزة او الاثنين معاً، انه الآن يبحث عن الذرائع، وربما تقدم حكومته على صنعها.
ما قد يشجع نتنياهو على العدوان على قطاع غزة او جنوب لبنان، ان هناك دعماً عربياً واضحاً لمثل هذه الخطوة، خاصة اذا جرى ارسال الدبابات الاسرائيلية الى القطاع. فلم نسمع دولة عربية واحدة، باستثناء سورية، تطالب برفع الحصار عن قطاع غزة، وبناء سور فولاذي على حدود القطاع لخنق مليون ونصف مليون فلسطيني قد يكون ضوءاً اخضر من الحكومة المصرية لانهاء حكم 'حماس' نهائياً، فلم يسبق ان هاجم الرئيس مبارك حركة 'حماس' بهذه القسوة، مثلما حدث في خطابه الاخير الذي القاه في عيد الشرطة. بل ان بعض المسؤولين المصريين هددوا بغزو القطاع وتدميره عقاباً على مقتل الجندي المصري على الحدود قبل ثلاثة اسابيع.
وما يجعلنا نميل الى وجود خطة عربية اسرائيلية امريكية لانهاء الوضع الحالي في القطاع (سيطرة حماس) بالوسائل العسكرية هو فشل سياسة التجويع والحصار في تثوير ابنائه وانقلابهم على سلطة حماس اولاً، وعدم اعادة اعمار ستين الف مسكن دمرها العدوان، حتى هذه اللحظة. فقد تكون عملية تأخير اعادة الاعمار ناجمة عن 'تفاهم' بابقاء الاوضاع على ما هي عليه انتظاراً للحسم العسكري الاسرائيلي.
العدوان على القطاع لن يكون سهلاً، وربما يؤدي الى تضخيم المأزق الاسرائيلي وتأزيمه، فالعدوان الاول مطلع العام الماضي لم يؤد الى انهاء 'سلطة حماس' وحدوث انقلاب ضدها، واقتلاع 'ثقافة المقاومة'، بل جاءت النتائج عكسية تماماً.
شعب القطاع سيقاوم العدوان مثلما قاومه في المرة الاولى، وسيواصل المقاومة اذا ما قررت القوات الاسرائيلية البقاء في القطاع لفترة اطول. فلا بد ان هناك دروساً جرى استيعابها من جراء تجربة العدوان الاول ربما نراها اذا 'ركب نتنياهو رأسه' وقرر تنفيذ تهديداته.
المصالحة الفلسطينية باتت اقرب من اي وقت مضى، خاصة اذا استمر عباس في التمسك بموقفه، وقررت حركة 'فتح' اشعال فتيل الانتفاضة السلمية في الضفة، ونفض يدها كلياً من المفاوضات العبثية والعودة الى مربعها الاول الذي جعلها الحركة الرائدة.
العد التنازلي لمثل هذه المصالحة قد بدأ في رأينا، او يجب ان يبدأ، فقد تكون هذه المصالحة، اذا ما جاءت على ارضية المقاومة، سلمية كانت ام عسكرية، هي المخرج الانسب والأكثر فاعلية.