|
مُحقٌ وزير الداخلية السيد أحمد الميسري عندما قال- اليوم- في تسجيل صوتي إن الحوار غير مقبول مع الانتقالي، وإنما مع من يقاتل الانتقالي نيابة عنهم، الإمارات العربية المتحدة.
نشأ الحراك الجنوبي سلمياً، ورأستُ أول لجنة برلمانية لتقصي الحقائق والمطالب بعد حادث منصة ردفان في أكتوبر 2007.. وأنا- كاتب هذا- من البيضاء التي يحيط بها الجنوب الحبيب من ثلاث جهات، وأعرف وجاهة المطالب وحقيقة المظالم.
ولكني أرى أن اليمن لا يسعه التفتيت، ولا يناسبه التقزيم والتقسيم، كما يعبر دولة الدكتور/ أحمد بن دغر..
استمر الحراك الجنوبي سلمياً حتى جاءت الإمارات، وقدَّرت أن مصالحها غير المشروعة تقتضي أن التسليح والعنف هو السبيل والغاية.. وقلت قبل أكثر من عام أن تكوين جيوش عسكرية خارج إطار الشرعية، يعبر إما عن سوء تقدير أو سوء نية لدى من يتبنى مثل ذلك.. وأثبتت الأحداث الأخيرة في عدن أن سوء النية، للأسف، هو الذي يوجه سياسة الأشقاء في الإمارات تجاه اليمن.. نعم الأشقاء، ودعونا نستمر في ترديد حكاية الأشقاء هذه، إمعانا فيما يعرف أنه طيبة اليمنيين، أو ربما فروسية أخلاقهم، أو حتى سذاجتهم المفرطة.. وقد يفهم آخرون بأن ذلك قد يعبّر عن مستوى من الغُبن والتعب والجلد!
في سبيل قتال الحوثي وتحرير اليمن، كان بإمكان الأشقاء المساعدة في تكوين جيش وطني من كل مناطق اليمن، تحت إشراف رئاسة الأركان ووزارة الدفاع، والقائد الأعلى.. لكنهم خلافا لذلك، سلكوا طرقاً شتى، ولذلك ما تزال صنعاء بعيدة المنال، وما تزال كثير من المعارك تدور في تباب بعيدة عن صنعاء، وقد طال الزمن..! وصار طرفٌ في تحالف دعم الشرعية يقتل الآن قوات رئيس الشرعية ويجلي بالقوة حرسه الرئاسي من عدن، التي أعلنها فخامة الرئيس عاصمة مؤقته وملاذاً له ولليمنيين بعد خروجه من صنعاء، لكنه مُنع من دخولها مثلها مثل صنعاء ..!
مع أن دعوة الانفصال مقيتة وتعد عاراً في تقديري في حالة اليمن، ولسنا نعرف كيف سيتم التعامل معها لو جاهر بها مواطنون في دول عربية أخرى، لكن من الممكن تقبل سماع هذه الدعوات في اليمن والتعاطي معها، ما بقيت سلمية، ولكن من الطبيعي والواجب التعاطي مع تلك الدعوات بالقوة، لو اختارت هي القوة سبيلاً.
قال الكاتب السعودي/ عضوان الأحمري- رئيس تحرير إندبندنت عربية- في تغريدة له، قبل أيام: إنه في إقليم كاتلونيا الإسباني، الذي يطالب بالانفصال والاستقلال عن إسبانيا، منذ خمسمائة عام، ويقيم لذلك المسيرات والمظاهرات، ولكن دون اصطفاف أو اقتتال بينه وبين بقية الأقاليم.. واختتم تغريدته بقوله: درس مجاني للأشقاء في اليمن..!
تسليح تسعين ألف من الجنوب كما قال الإماراتيون، ليس من أجل قتال الحوثيين ولا تحرير صنعاء، وإنما من أجل فرض محاولة خيار الانفصال غير الممكن بالقوة.. وخيار الانفصال غير قانوني وغير عملي كما هو معروف في حالة اليمن، وهو ليس سوى خيار الفوضى والخراب والحروب الأهلية الطويلة التي لا يأبه بها بعض الأشقاء كما يبدو، ما دامها تحصل في اليمن، بعيداً عن بلدهم ومواطنيهم وأهلهم.. وما دام دورهم سيقتصر لاحقا على الدعم والتمويل من الفوائض الكثيرة التي يملكونها، وقصف بالطيران لو اقتضى الأمر، كما حدث في عدن مؤخرا..
وعلى الرغم من كل شيء سنظل ندعوهم: الأشقاء..!
في الجمعة 06 سبتمبر-أيلول 2019 06:58:24 م