"10" سنوات من «الجزيرة»
نشر منذ: 18 سنة و شهر و 21 يوماً
الأحد 05 نوفمبر-تشرين الثاني 2006 05:58 ص

نقلة نوعية في الأخبار التلفزيونية العربية.. وجدل حول أجندتها وعلاقتها بالبلد الذي يمولها

شكلت انطلاقة قناة «الجزيرة» قبل عشرة أعوام حدثا على ساحة الاعلام العربي الرسمي بأغلبه. لاسيما مع رفع المحطة القطرية التمويل شعار «الرأي والرأي الآخر». لكن دقة التعبير عن هذا العنوان تبقى خاضعة لعلامات استفهام كبيرة وعديدة، وتحديدا بعد انتشار فضائيات عربية اخبارية ومنوعة لها بصمتها في القدرة على تغطية الاحداث اينما كان وبالسرعة والتقنية والموضوعية. تقول مديرة معهد الصحافيين المحترفين في الجامعة اللبنانية الاميركية ماجدة أبو فاضل أن «قناة الجزيرة أعطت نقلة نوعية للاعلام العربي الرسمي وقدمت نوعية مختلفة من البرامج.. وبالتالي عرف المشاهدون العرب لغة اعلامية جديدة خصوصا مع منح الجمهور مساحة ليشارك ويعطي رأيه وتعليقه الاحداث. ولعل الامر الاهم كل في اطلاق محطة اخبارية تعمل 24 ساعة يوميا. وهذا الامر نقل الاعلام العربي الى حيز مماثل للاعلام الغربي». ويبقى السؤال: بعد الانطلاقة هل حافظت «الجزيرة» على شعارها بانها تعكس الرأي والرأي الآخر؟ هل بقي اداؤها محافظا على روحية انطلاقتها؟ تجيب ابو فاضل فتقول: «نعم ولا. وهنا يجوز سؤال ادارة القناة عن انتقادها الحكومات العربية وإحجامها عن أي نقد للحكومة القطرية. لماذا لا تعطى قطر حجما من التغطية المشابهة لتغطية غيرها من الدول؟ لا سيما اذا سلمنا بأن الجزيرة يفترض ان تختلف عن القناة التلفزيونية الرسمية لقطر. لماذا يغيب بلد المنشأ نقدا وترويجا؟ وهذه الاسئلة تولد احساسا بأن «الجزيرة» لم تحافظ على روحية انطلاقتها. ربما يعود السبب الى غياب القيادات الاعلامية التي ساهمت بانطلاقتها. فالتغييرات المتكررة بسبب نزاعات داخلية تركت مساحة للضياع وأدت الى عدم ثبات انعكس على القرارات والسياسات الاعلامية فيها».

ويقول مدير قسم الاعلام والتواصل في الجامعة اليسوعية في بيروت باسكال مونان: «اتخاذ شعار الرأي والرأي الآخر يلزم الجزيرة باحترام أكبر واعتراف أكبر بالآراء على تناقضها. ورغم المحاولات التي تقوم بها الجزيرة يجب أن نلمس موضوعية أكبر تتعلق في التعامل مع المواضيع. واضح أن القناة تتبنى رأيا على حساب الرأي الآخر. والاشارة الى تجنبها الخوض في الموضوع القطري الداخلي يسجل سلبا على ادائها لانها تتطرق الى الاوضاع الداخلية لدول اخرى».

وترد ابو فاضل هذا الواقع الجديد الى وجود اتجاه لتسييس المواضيع الاعلامية في الجزيرة اكثر من السابق. وتقول: «في حين تؤكد القناة ان لديها حرية تحرك، نجد انها عندما تعود الى مرجعيتها لا تستطيع تجاوز الخطوط الحمر. وبالتالي هي لا تختلف عن غيرها من الوسائل الاعلامية العربية. وعن تأثير هامش التحرك على الموضوعية والمهنية، تقول ابو فاضل: «لا أحبذ تركيز الوسيلة الاعلامية على مشاهد الدماء في الشوارع والأشلاء البشرية والمناظر غير الانسانية، ولكني في الوقت نفسه اريد ان اطلع على الاحداث ولا أقبل بالتعتيم الاعلامي كما حصل في الولايات المتحدة مثلا في قضية جثث الجنود الذين قتلوا في العراق. اريد المعرفة ولكني لا اريد التضخيم. وهنا تأتي قضية الاخلاقيات التي يجب ان تراعي مسائل عديدة وخطيرة لدى المشاهد. لا براعة في بث مثل هذه الامور. وتطبيق الاخلاقيات يجب ان يتم من دون رقيب خارجي وانما عبر حكمة الادارة في المحطة».

باسكال مونان ينظر الى مسألة الاخلاقيات المهنية من زاوية أخرى: «لم يأت من العدم اعتماد تنظيم القاعدة على قناة الجزيرة لتمرير رسائلها المتلفزة. كذلك لا يمكن عدم طرح الاسئلة عندما نقرأ بعمق الموقف الذي اتخذته المحطة من كلام البابا بنديكت السادس عشر، وكأنها استفادت من كلامه حتى لو لم تكن تريد ذلك، فتغطيتها للقضية اعطت شحنا وزادت من الانقسامات في حين كانت الكنائس تحرق في بعض الاماكن. لذا لا يمكن التعامل مع الموضوع الاعلامي بشكل مطلق، فالموضوعية تتوخى دراسة ردات الفعل التي لا يمكن تدارك آثارها وتداعياتها. كذلك الامر في العراق وفلسطين لنلاحظ انها أخذت موقفا على حساب الموضوعية. ما يدفع الى طرح سؤال حول استحالة طلب الموضوعية عندما نكون كعرب طرفا في الصراع، وهل يمكن ان نقوم بتغطية هذا الصراع كاعلاميين موضوعيين؟ هنا لا أحمّل الجزيرة وحدها المسؤولية. لكن من جانب آخر لا يمكن أن اتجاهل أن القناة ممولة من حكومة قطر. وهذا الامر تسبب لها بالوقوع في التباسات عديدة بحيث اصبح المتلقي يخلط بينها وبين الحكومة الممولة. والخوف يكبر عندما نلمس ان الجزيرة تتورط بعض الاحيان في الصراعات الدبلوماسية والسياسية لحكومتها، ما يشكل خطرا على المصداقية والموضوعية والحرية الاعلامية».

وعلى صعيد المصداقية تقول ماجدة ابو فاضل: «بالتأكيد يترك موضوع مراسل الجزيرة تيسير علوني ردة فعل سلبية على المحطة. فالمراسلون المرتبطون بجهات معينة يؤثرون على مصداقية الخبر الذي ينقلوه حتى عندما يحققون سبقا صحافيا. وحين نتبين أن الارتباط موجود يصبح السؤال بديهيا عن حصرية حصول الجزيرة على أشرطة القاعدة. وكيف يمكن أن نتأكد من أن الخبر المنسوب الى الجهات المعينة ليس مدسوسا او مستخدما لأغراض معينة او دعاية متعمدة؟ والامر يتعلق بكل الوسائل الاعلامية وليس محصورا بالجزيرة فقط».

مونان يرفع سقف الهواجس. ويقول: «لا يمكن للوسيلة الاعلامية أن تمرر كل ما يصلها، لاسيما اذا تعلق الامر بمنظمة مثل القاعدة. حينها من يدري أي رسالة أو شيفرة تتضمنها الرسالة لأغراض خاصة غير سليمة؟ من يعرف اذا كان كلام اسامة بن لادن يحتوي على معلومات ربما تستخدم ابعد من هدف الرسالة؟». ويتابع: «لا أحد يستطيع اعطاء جواب قاطع او يحدد اين دور الجزيرة ومسؤوليتها في بث الرسائل التي تصلها. رغم اختصاصي في هذا المجال اتوقف عند الامر وتداعياته. ومن جهة أخرى لا يمكن تجاهل التأثير الكبير لمثل هذه الرسائل على العرب عموما والمسلمين تحديدا، لكن التأثير الأكبر نلمسه في الدول الغربية. وهو مدمر. فالغرب لا يميز بين ارهابي ومسلم وبين اسلامي متطرف ومؤمن معتدل. نحن ندفع الثمن غاليا بسبب هذه الاشرطة التي تتجاوز سلبياتها ايجابياتها».

ويضيف: «المسؤولية التي تقع على وسيلة الاعلام كبيرة. ونحن نعرف أن الوسائل الغربية لا تتعامل مع بعض القضايا ايجابيا وموضوعيا. ويكفي أن نذكر كيف تعاملت مع حرب العراق وكرست فكرة وجود اسلحة دمار شامل. لكن الجزيرة بحكم دورها في العالم العربي تدفعنا الى ضرورة مساءلتها عن مدى تحققها من مصادرها حين تبث خبرا أو شريطا. فمقابل السبق الصحافي والمنافسة وحصرية الحصول على المعلومات هناك احتمال الوقوع في الخطأ. والامر قد يحصل مع كل الوسائل الاعلامية، لكن تكراره يدفعنا الى نسف مصداقية الوسيلة ويترك عواقب ونتائج سلبية». وفيما يعتبر مونان ان «الطفرة الفضائية في الاعلام المرئي منحت الجزيرة وغيرها فرصة تسجيل ايجابية بمواجهة الاعلام الغربي بنقل عربي للاحداث، الا ان الموضوعية لديها لم تكن كاملة لحساب المعايير العاطفية التي تسيطر على الاخبار والاعمال الوثائقية. والامر مشابه في غيرها من المحطات العربية، لكنه يعتبر خطأ في المعايير المهنية. فالعاطفة التي تتحكم بالمعايير المهنية تؤثر على المستوى العام للانتاج الذي يحتاج الى توسع وتعمق وتحليل ليأتي بمستوى عالمي ويتجاوز القشرة الخارجية للحدث». وقد حاولت «الشرق الأوسط» الحصول على تعليق من قناة «الجزيرة» الا ان القناة لم تتجاوب مع محاولات «الشرق الاوسط» المتكررة للحصول على تعليق

* محطات.. محطة

* أطلقت «الجزيرة» بدعم من أمير قطر في نوفمبر 1996، ويترأس مجلس إدارة المحطة الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني، ويشغل منصب مدير عام القناة وضاح خنفر، ويرأس تحرير الأخبار أحمد الشيخ. وقد استفادت «الجزيرة» عند إطلاقها من إغلاق الخدمة التلفزيونية العربية لتلفزيون «هيئة الإذاعة البريطانية» (البي بي سي)، عام 1996، وذلك لجهة استقطاب الكوادر العاملة. وكانت القناة فتحت الباب للقاءات والحوارات ليس فقط مع الراديكاليين والحركيين المعارضين العرب، بل مع الساسة الإسرائيليين. وقد اسهمت تغطية «الجزيرة» عام 2001 «الحرب على الإرهاب» في توسيع دائرة الاهتمامين العربي والعالمي بها. وقد ساعدت العلاقات المهنية لبعض مراسليها ـ على رأسهم تيسير علوني بأركان تنظيم «القاعدة» ـ على حصول المحطة باستمرار على تسجيلات بالصوت والصورة لأسامة بن لادن وأيمن الظواهري مما عزز موقعها كمصدر أساسي لـ«الخبطات» الإعلامية والأخبار الساخنة والمتعلقة بالقاعدة والمثيرة للجدل. كذلك استفادت المحطة من وجودها على الأرض داخل العراق إبان الغزو الأميركي، أما بالنسبة لعلوني فهو حالياً موقوف (منذ 5 سبتمبر / أيلول 2003) في إسبانيا حيث كان يعيش قبل عمله مع «الجزيرة»، بتهم تتصل بعلاقاته مع «الإرهاب». كذلك أوقف المصور سامي الحاج في افغانستان ونقل إلى معسكر اعتقال غوانتانامو وما يزال هناك. ومن بين إعلاميي «الجزيرة» الذين قتلوا إبان تغطيتها لغزو العراق وما بعده أحد مراسليها طارق أيوب يوم 8 أبريل (نيسان) 2003 في قصف على بغداد، والمصور المساعد رشيد حميد والي في كربلاء يوم 21 مايو (أيار) 2004. كما كاد تيسير علوني ان يقتل في قصف أميركي على العاصمة الأفغانية كابل. وقد تعرضت «الجزيرة» لعدد من المشاكل مع العديد من الدول العربية وغير العربية ومن بين هذه البلدان البحرين والأردن والكويت والسعودية والمغرب والعراق والجزائر وتونس والولايات المتحدة. وقد اعلنت القناة القطرية عن اطلاق محطة ناطقة باللغة الانجليزية منتصف الشهر الحالي، ولديها شبكة قنوات تشمل محطة رياضية وأخرى للاطفال وواحدة لتغطية الاحداث المباشرة.

الزواج العرفي يغزو الجامعات
تفاصيل فضيحة برنامج التحدي لجورج قرداحي
أمريكا وكوريا الشمالية .. لعبة القط والفأر
لزيارة ناس برس.. ضد المنع والحجب
قصيدة : يا علي يكفيك تدمير البلاد
مشاهدة المزيد