رحمة بالناس أيها المتصارعون في اليمن!!
بقلم/ عبدالجبار سعد
نشر منذ: 15 سنة و 11 شهراً و يومين
الجمعة 28 نوفمبر-تشرين الثاني 2008 10:03 م
x خرجت المعارضة بالعشرات وخرجت السلطة بالمئات وتخرج المعارضة بالمئات لتخرج السلطة بالآلاف ولن يحقق كل هذا شيئا غير خلخلة أوضاع الناس وتهديد استقرارهم وأمنهم الذي لن يعوضه برنامج المشترك المعارض ولن يطيح به سلطان المؤتمرالحاكم في كل حال أو هكذا يفهم الناس الحقائق .

المراهنة على الشارع في حل القضايا السياسية في مثل أوضاعنا من أي طرف يفصح عن غياب الحكمة في التعامل مع هذه القضايا لعدة أسباب..

• .أولها أن الشارع ليس ملك أحد في حقيقة الأمر ولكنه ملك نفسه تحكمه مصالحه ومعاناته وقيمه ومن جمع في ذاته الإحساس بهذه مجتمعة ربما قدر أن يحرك الجماهير وإلا فلا .

• وثانيها أنه لا الحكومة ولا المعارضة ..ولا المؤتمر ولا المشترك قد استطاع أن يأسر لب الجماهير اليمنية بأداء متميز يقترب من همومها ومعاناتها ويرعى مصالحها حتى النهاية فالناس على الأقل في هذه الآونة يفاضلون بين بعيد وأبعد عن هذه الهموم وليس بين قريب وأقرب وبين سيئ وأسوأ في تمثيل هذه الهموم وليس بين حسن وأحسن وإذا كان الأمر كذلك فالحفاظ على الموجود من سلام وأمن اجتماعي ووئام أولى من التضحية به من أجل تغيير موهوم بالنظر إلى ماحولنا من حقائق أوجدتها دعوات التغيير المدمرة في بلاد العرب والمسلمين على ارض الواقع بعد أن تم سوقها للتغيير سوقا .

• وثالثها أن الناس عادة ما تتحرك وراء شخصيات عظيمة ربما تستطيع من خلال سحرها وسرها الذاتي وقدراتها أن تجعل الجماهير تتحرك متجاوزة مصالحها الآنية من أجل قيمة مشتركة يتفق حولها الناس مع القائد ويعرف الجميع أين هي هذه الشخصيات في بلادنا .

• ورابعها إن أفلح حزب أو مجموعة أحزاب معارضة في تحريك بعض أنصارها لأمر ما فإن الحزب الحاكم يمكنه ببساطة أن يحرك أضعافا مضاعفة بجهد أقل .

• وخامسها أن ما تدور حول فلكه أحزاب المشترك من سنين هي مسائل لا تتعلق بالناس من قريب أو بعيد خواصهم وعوامهم .ولذا قد بدا من الصعوبة بمكان تحريك أعداد جماهيرية حقيقة من ذوات المصلحة لتحقيق هدف متعلق بها لأنه ببساطة لا يوجد هذا الهدف فيما تطرحه المعارضة . وما حدث طوال فترة التسجيل للانتخابات يبين ذلك حتى تحول المشهد إلى أشبه بعراك صبياني عبثي لدى البعض فقط لتأكيد وجود بغض النظر عن حجم هذا الوجود ومغزاه و النتائج الكارثية لهذا الإثبات ..

• وسادسها إن مطلب الأمن والاستقرار سيتقدم لدى الناس كل الناس حين تغيب المصلحة الجماهيرية لدى السلطة والمعارضة فإذا غابت مصالح الناس عن الجانبين فمصلحة الأمن والاستقرار وعدم التضحية بالسلام الاجتماعي متقدم على كل هدف آخر موهوم من وراء دعوات التغيير التي ينادي بها البعض .

و لنقل .. للحقيقة والتاريخ أنه رغم كل ما يعانيه الناس ورغم الفساد الذي يعترف به الجميع حكاما ومحكومون ورغم كل قصور يدعيه البعض في الحكومة بحق أو باطل فإن وجود الدولة بهذا الحد الذي نلمسه يمثل حاجة حقيقية لا غنى لنا نحن الناس عنها مثلما أن وجود الرعاية والخدمات والحرص على تحسين كل شيء أمر نحتاجه نحن ونحرص على حدوثه و بقائه ولو بحدوده الدنيا ثم أن وجود الوئام و السلام الاجتماعي مطلب ملح ولا يتقدم عليه مطلب في هذه الآونة .. ولأن كل ذلك منوط بهذه السلطة القائمة وليس بغيرها وزوال كل ذلك مرتبط بزوال السلطة على التحقيق فلن تضحي جماهير هذه الأرض بها في أي مواجهة بين السلطة ومعارضيها مهما كانت المبررات .

****

كما أن كل تحرك فوضوي تدميري غير محسوب العواقب تحت شتى الذرائع المتخيلة والموهومة يمثل ضربة قاصمة للأمة وللسلام ومفتاح كل شر وقابلة للفتنة التي ينتظرها الأعداء لتطيح بوجودنا كأمة وتذهب بديننا ودنيانا معا ..وجماهير الناس لن تقف مع من يثير ويغذي هذه الفتنة أيا كان ولأي هدف مدّعى ولكن ستقف مع من يقي البلاد والعباد هذه الفتنة مهما كانت التضحيات .

ينتاب الإنسان مثلي أحيانا شعور بالشفقة والإعذار لحكومة و قيادة هذه الدولة حين يراهالا تكاد تعلن عن أي مشروع أو قانون أو برنامج أو فعالية تتعلق بالناس أو حتى تصرح تصريحا متعلقا بموقف ما من قضايا الأمة إلا وصرخت الأفواه المعارضة في الداخل والخارج لتربك كل شيء وتسخر من كل شيء وتقاطع كل شيء وتحيل كل صلاح إلى فساد وكل نية إلى دعوى وأكاذيب وكل صدق إلى مزايدة ..ومع هذا لا زلت ترى بين الحين والآخر عبر مناطق بلادنا أشياء تنجز كل يوم وخدمات تقدم كل يوم ومشاريع تفتتح وأخرى تبني كل يوم رغم ما يعتورها من قصور ورغم فقرنا ورغم فوضى لم تقف منذ سنين ورغم حروب وتآمرات ورغم هذه الإرباكات التي لم تنقطع .فنقول سبحان الله !!

كيف لو أن معارضتنا تفرغ للذي هو خير من رقابة الأداء لهذه الحكومة التي تناصبها العداء وتتبع المفسدين فيها ووضع مشاريع عملية وحقيقية لتحسين أوضاع المواطنين ومعيشتهم كيف سيكون الحال حينها وأي موقع سوف تتبوأه المعارضة في نفوس الجميع .

سنقول الحمدلله على كل حال .. ونسأل الله أن يوفق معارضينا وحكامنا إلى أن يكبروا فوق الصغائر ويجعلوا حكماء القوم في المقدمة ويسمعونا قولا فصلا في كل القضايا بغير مزايدات وأكاذيب ومراهنات على الخارج أو استقواء بالباطل من أي نوع ..

 وليرحموا أعني كل رموز المعارضة والسلطة ليرحموا من لاحامي ولا ممول له ولا سند ولا راعي غير الله من شرق أو غرب وهم كل هذا الشعب باستثناء جوقة العملاء والمأجورين بين صفوفهما فليتقوا الله في الجميع .