الرابحون والخاسرون من فوز ترامب.. محللون يتحدثون حماس تعلق على فوز ترامب.. وتكشف عن اختبار سيخضع له الرئيس الأمريكي المنتخب هل ستدعم أمريكا عملية عسكرية خاطفة ضد الحوثيين من بوابة الحديدة؟ تقرير اعلان سار للطلاب اليمنيين المبتعثين للدراسة في الخارج بعد صنعاء وإب.. المليشيات الحوثية توسع حجم بطشها بالتجار وبائعي الأرصفة في أسواق هذه المحافظة شركة بريطانية تكتشف ثروة ضخمة في المغرب تقرير أممي مخيف عن انتشار لمرض خطير في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي في اليمن أول موقف أمريكي من إعلان ميلاد التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، في اليمن تقرير أممي يحذر من طوفان الجراد القادم باتجاه اليمن ويكشف أماكن الانتشار والتكاثر بعد احتجاجات واسعة.. الحكومة تعلن تحويل مستحقات طلاب اليمن المبتعثين للدراسة في الخارج
لم تتضرر الشريعة الإسلامية في تأريخها بمثل ما تضررت من أدعياء حملتها غير المؤهلين للنظر فيها ، أو ناقصي أهلية الاجتهاد في استنباط أحكامها بما يتوافق مع مقصد الشارع الحكيم ، فكم من فتاوى وأحكام صدرت من أصحابها أوقعت الشريعة في قفص الاتهام ، أدى إلى رشقها ودعاتها بالسهام تارة بحجة مجافاتها لروح العدل ، وتارة بعجزها عن تلبية تطلعات الناس وتحقيق مصالحهم ، والواقع أن هذه الفتاوى ليست إلا فهوم أصحابها ولا تمثل بالضرورة الحكم الشرعي الذي يريده الله تعالى .
إن الأحكام الشرعية بما تمثله من إرادة المشرع سبحانه من التشريع لتهدف إلى غايات وحكم تتمثل في تحقيق المصلحة الشرعية التي تحقق للناس أكبر قدر من المنافع مع حسم أكبر قدر من المفاسد ، وهذا يستدعي من الفقيه والمجتهد والناظر في النصوص وما يستنبطه من أحكام إلى ملاحظة هذا المعنى ومراعاة هذا التوجه ، حتى تكون استنتاجاته موافقة لمراد الشارع ومقصده أو قريباً من ذلك ، وهذا الأمر يدعونا للوقوف مع بعض المسائل التي ثار حولها كثير من الجدل لنسلط الضوء عليها من منظور شرعي يتوخى الحكمة والمقصد والغاية من التشريع :
أولاً : قضية ( عزل الحاكم ) :
لا شك أن الشريعة أولت منصب الخلافة أو الحكم أو الرئاسة أهمية كبرى لما يترتب عليه من مصالح عظيمة عامة تعود على الأمة ، وأكدت على توافر شروط مختلفة لمن يتصدر لهذا المنصب ، تكفل تحقيق الغاية المنشودة ، كما أكدت على حق الناس في الاختيار والمشاركة في تفويض من يسوسهم ، مع ضبط العلاقة الناشئة بين الحاكم والمحكوم القائمة على أساس التكامل بحيث يقوم كل طرف بواجبه لتجري الحياة على نسق متوائم قائم على العدل والقسط ، وكانت مسؤولية الحاكم هي الحفاظ على الكليات الخمس ( الدين ، والنفس ، والعقل ، والمال ، والنسل ) ومكملاتها ، والقيام بكل ما يقيمها ويكفل بقاءها واستمرارها ، ومنع كل ما من شأنه أن يكون سبباً في زوالها أو نقصها ، يقابله واجب مؤكد من المحكومين وهو مساعدة الحاكم في تنفيذ التشريعات التي تساهم في تحقيق هذا المقصد العظيم ، ولهذا ألزمت الشريعة بطاعة الحاكم في حدود هذه الثنائية التي تجعل سفينة الحياة التي تقل الجميع تسير بأمان واستقرار محققة الرخاء والسعادة والعيش الرغيد .
فإذا ما تنكب الحاكم لهذا العقد ، وأخل بمقتضيات العقد ، وصار بدلاً أن يكون حامياً للكليات الخمس المذكورة آنفاً ، صار أداة لهدمها ، يسخر كل طاقته في زعزعتها ، والعبث بها ، حتى صار الإنسان الذي تدور هذه المقاصد الخمسة حول حقوقه ، هو الحلقة الأضعف ومع مرور الأيام حقوقه في نزيف مستمر ، وأوضاعه في تدهور مطرد ، يتجه إلى المجهول ، كلما أراد أن يخرج من أزمة أقحم في التي تليها حتى صارت الأزمات والاضطرابات جزءاً من حياته الطبيعية ، في ظل هذا المشهد – وهو في الواقع جزء يسير مما هو واقع – هل يمكن أن تسقط الأحكام الشرعية التي تلزم بطاعة الحاكم ، وتنهى عن الخروج عنه على هذا الوضع ؟!
إن أصحاب النظر السطحي الذين لا يجاوز نظرهم واجتهادهم ظاهر النصوص ، دون التعمق في روحها ، وما تشتمل عليه من المعاني ، والمقاصد والغايات ، ودون ربط النصوص بعضها ببعض ، ودون الربط أيضاً بين النصوص الجزئية مع القواعد الكلية ، هذا الصنف يرى بوجوب الطاعة وعدم التغيير والصبر على الوضع القائم مهما كانت الظروف ! ناسين أو متناسين السنن الكونية والشرعية التي تحكم الدول ، بل في الواقع فيه مجافاة للفطرة التي فطر الناس عليها من كراهية الظلم والقهر والاستبداد والسعي – قدر الإمكان – في التخلص منه .
أما من ينظر للأحكام الشرعية كمنظومة متكاملة مراعياً مقاصدها وأهدافها ، مع الربط بين النصوص ذات الصلة ، ومراعياً القواعد الكلية ، والمحور الذي تدور حوله الأحكام ، مع تقصي أبواب العدل الذي قامت عليه السماوات والأرض ، فإنه لن يجد غضاضة في القول بما يلي :
1 ـ أن شرعية هذا الوالي تعتبر ساقطة من حين الإخلال المتعمد والظاهر بالواجبات المناطة به والتي أعطي التفويض بالحكم على ضوء حفظها ، ولا يُطلب القدر المثالي فالواقع يفرض القبول بالقدر الذي تتحقق به ولو على الحد الأدنى من مراتب العدل ، وكفالة سائر الحقوق .
2 ـ أن من حق الشعب – إذا استطاع - أن يسحب هذا المنصب ممن ولاه ، وله الحق في اختيار الطريق المناسب الذي يحقق له استرداد حقوقه وإرجاع الأمور إلى نصابها بأقل كلفة قدر الإمكان ، وخروج الحسين – رضي الله عنه – كان من باب إرجاع الحق إلى مكانه الصحيح ولم ينكر عليه أحد من الصحابة ولم يقولوا له : لا يجوز الخروج على ولي الأمر، وإنما كان لبعض الصحابة تحفظ من حيث التوقيت وكذا التخوف من الأنصار الذين وعدوه بالنصرة .
3 ـ أنه إذا خرج الشعب بكل أطيافه ومختلف توجهاته ، فإنه حقيقة هو صاحب الشرعية ، والحاكم في هذا الظرف هو الخارج عن الشرعية ، وهو الفئة الباغية التي شذت عن إجماع الأمة .
4 ـ أنه في ظل تدهور الأوضاع بشكل مطرد ، سيؤدي حتماً إلى الانهيار الشامل وتغرق السفينة بمن فيها ، فإذا وجد من يقوم بإنقاذ ما يمكن إنقاذه فإنه موافق لمقاصد الشارع ومطابق للعقل والفطرة ، كمثل رجل مريض بمرض خطير أدى التساهل فيه إلى استفحاله ، وأكد الأطباء على أن استمرار المرض سيؤدي حتماً للموت ، وإن أجريت له عملية فيه احتمال نجاته وعودة صحته ، فهل نترك المريض يعاني حتى ينتهي أم نحاول علاجه طمعاً في الاحتمال الذي يقضي بصحته؟ أترك الجواب لأصحاب الفضيلة .
ثانياً : ( تحديد مدة ولاية الرئيس ) :
ذكرنا سابقاً أن الحاكم لا بد أن يكون متصفاً بجملة من الشروط التي تؤهله لإدارة البلد على الوجه الأكمل ، وإذا كان الأمر كذلك مع حسن الأداء والاختيار فإنه لا مانع من استمرار بقاء الرئيس في منصبه ما دام قائماً بواجبه والشعب راضياً عنه ، أما والحال كما نشاهد من الاستئثار بالسلطة والاستخدام السيء لها واحتكارها وتحويلها إلى شركة عائلية فلا مناص من تحديد مدة يتفق عليها أهل الرأي في نصوص دستورية تلزم من يتولى منصب الرئيس بفترة محددة ، وهذا يحقق أهدافاً :
1 ـ الحد من فشو الظلم وشيوعه ، وحصره في فترة زمنية محددة حينما يكون الحاكم ظالماً .
2 ـ التخلص من الأعباء الكبيرة التي تكلف الناس الدماء والاضطرابات عبر الثورات التي تسعى للتغيير عن طريقها باعتبارها المنفذ الوحيد للتغيير.
أما أصحاب الرأي الظاهري والسطحي – من أوقفوا أنفسهم للدفاع على (ولي الأمر ) – فلا تحديد للمدة ، ولا ثورة للتغيير ، ولا يعلم ما المنهج الإصلاحي الذي يسعون لتحقيقه وعبر أي منفذ في ظل هذه العقلية ؟!!