الجزيرة.. وماذا بعد؟!
بقلم/ الشيخ / الحسين بن أحمد السراجي
نشر منذ: 13 سنة و 7 أشهر و 13 يوماً
الخميس 24 مارس - آذار 2011 04:11 م

كانت الجزيرة قناة إعلامية متميزة وفريدة بمادتها وموضوعاتها وإعلامييها وتناولها وأطروحاتها بل إنها تعد ثورة القرن الإعلامية التي لامثيل لها فقد اعتبرت نقلة نوعية جاءت من رحم الإفلاس العربي المتخم بالخنوع السياسي لتساهم بشكل مباشر في إيقاظ المشاهد العربي من سباته العميق الذي رزح تحت ظله منذ الثورات العربية التي حررت الشعوب من سيطرة المستعمر الأجنبي .

تعاملنا مع القناة على هذا الأساس وزاد الدور العروبي الرائد إعلامياً للقناة في بلورة الرؤية الوطنية العروبية لسياساتها .

وزاد من الحب لها الدور العربي السياسي الفريد لدولة قطر المالكة والراعية للقناة وما بذلته دولة قطر من جهود سياسية ودعم سخي للإصلاح في لبنان والسودان واليمن وغيرها من الدول وهو الدور الذي أكسبها الشعبية والمحبة في الزمن الذي غاب فيه الدور للَّاعبين الأساسيين بالقرار العربي المتمثل في السعودية ومصر .

حتى هذه النقطة كانت قطر بصيص الأمل ونقطة النور في ظلام حالك السواد يساهم في اتساع رقعة الأمل وانتشار نور الصلاح القطري إصلاح ذات البين وتقديم العون السخي لتذليل كافة الصعوبات فنظرنا لقطر والجزيرة بإكبار ولاكت ألسنتنا كلمات المدح والإطراء والثناء المُعبرة عن مكنون ما تختلجه الصدور تجاه هذه الأدوار الرائدة التي لا يمكن لأحد إنكارها كما أنها أُخذت بحسن النية دون محاكمة النوايا التي يلجأ إليها البعض نسأل الله تعالى أن لا يجعلنا ممن يحاكمون النوايا ولكن ممن يحملون على السلامة ويُحسنون الظن في سلامة المقصد .

تَغَيُّر ٌفي مسار الجزيرة :

المتابع لتوجهات قناة الجزيرة مؤخراً يدرك أنها قد انحرفت عن مسارها وصارت لكل متابع حصيف تبعاً لتوجهات السياسة القطرية إن سلباً أوإيجاباً ، فمن رضيت عنه دولة قطر غضَّت الجزيرة الطرف عنه ومن غضبت عليه صبَّت الجزيرة جامَّ غضبها عليه أيضاً , والمشاهد والدلائل كثيرة ليس آخرها التغطيات المستمرة للأحداث في اليمن .

أُعتبرت الجزيرة في تغطياتها الأخيرة – وهذا موضوع حرف المسار الأخير – للأحداث المتتابعة للثورات الشبابية والشعبية بدءاً بتونس ومروراً بمصر وليبيا حتى حطَّت الرحال باليمن اعتبرت القناة قناة الثورة وصار لها الحضور الحصري والمتميز على كل المستويات , ولها الشخصية الطاغية على كل القنوات حتى دخلت على خط المواجهة في اليمن فصارت ليبيا واليمن شغلها الشاغل بينما غضًَّت الطرف ولا زالت عما حدث ويحدث في البحرين .

هنا بدأ المشاهد العربي وخصوصاً اليمني القريب من الأحداث يلحظ الإنحراف عن المسار طارحاً الإحتمالات تلو الإحتمالات ومع كل يوم يتضح عدم حيادية قناة الجزيرة وموضوعيتها بل إنها تكاد تكون قناة المعارضة اليمنية .

لقد ركزت جُلَّ اهتمامها على الجانب الثوري المعارض بينما تجاهلت الجانب الأخر (الموالاة) وجماهيره ومشاعره وخوفه على بلاده من الفتنة ومخاطرها , وعملت بكل جهد على التحريض والإثارة فكاميرا في صنعاء بساحة التغيير وأخرى بتعز وغيرها بعدن ولكن في جانب واتجاه واحد بينما خلت ساحات الطرف الآخر (الموالاة) من هذه الكاميرات وحتى الاستضافات كلها للشخصيات المعارضة إلا فيما ندر .

لقد أدرك المتابع الحصيف أن القناة قد اتجهت صوب مسار واحد فقمة غزة التي كان اليمن قد دعا إليها أيام الحرب الإسرائيلية على غزة سرعان ما توجهت صوب معسكر الإعتلال رامية بقرارها في أحضانه مما تسبب في إفشال رسمية القمة لعدم اكتمال النصاب القانوني , واستضافت القمة قطر بجهد وإحساس رائعين محسوبين للسياسة القطرية وغابت اليمن بقرار غير حكيم البتة وما هذا الإنحياز الواضح للقناة إلا جزءاً من الرد القطري .

من يومها والسياسية القطرية تتعامل مع اليمن بحقد يشبه حقد الإبل رافضة نسيان الموقف الضعيف والمتخاذل للسياسة اليمنية في تلك القمة :

سقوط فاضح :

لسنا الوحيدين في ميدان الاستهداف القطري فقد سبقنا غيرنا فالتغطية لما يحدث في ليبيا تُظهر وبجلاء إنحيازاً واضحاً ترجمته قطر بمشاركتها الدول الغربية في ضرب واستهداف الشعب الليبي أو ما يسمى الحظر الجوي عليها .

ومع كل حدث يظهر استغلال أرشيف الجزيرة لصور ومرئيات قديمة لتجييرها وبثها على أنها حديثة الوقوع ولها السبق الصحفي لالتقاطها من موقع الحدث في كثير من الأحداث والتغطيات الخبرية , لكنه نالنا الأكثر من الإسفاف والكذب المتعمد في صورة فاضحة بل ومبتذلة فمن الإرشيف إلى أنباء الإستقالات التي ظهر بطلانها بالصوت والصورة وحتى آخر سقوط فاضح حين قامت القناة يوم الأربعاء 23/3/2011م ببث صور مرئية لعمليات قمع وتعذيب سجناء مُدَّعِية أنها للأحداث الأخيرة التي وقعت يوم السادس عشر من مارس 2011م بالسجن المركزي بصنعاء بينما هي في الحقيقة لمشاهد تعذيب سجناء في سجون عراقية أيام الرئيس العراقي صدام حسين قامت ببثها قناة العربية العام 2007م .

فأيّ تحريض وإثارة سعت القناة إليهما ؟

وماذا يفيد الإعتذار اليتيم بعد الفضيحة ؟

ألن تهدأ قطر إلا وقد حوَّلت اليمن إلى صومال أخرى كي يتسنى لها التدخل لحل النزاع بعد خراب مالطا كما تفعل في دارفور ؟!

لا زالت الآمال بعودة قطر لدورها الريادي في لملمة الجراح وتقريب الفرقاء كما عهدنا .

أحداث البحرين :

ألا يدرك القائمون على قناة الجزيرة بأن البحرين التي لا يفصلها عنها سوى كيلو مترات تعاني من انتفاضة حقوق مشروعة ولا تهدف لقلب أو إسقاط نظام الحكم ومع ذلك جوبهت بالقمع والقتل والذبح ومصادرة الحق في حرية التظاهر السلمي والتعبير الحضاري وتدخلت قوات درع الجزيرة لاستعراض قوتها على شعب البحرين بدوافع عنصرية ومذهبية وطائفية مقيتة في ما يشبه : أسدٌ عليَّ وفي الحروب نعامة .

وهنا السؤال الأهم الذي يوجَّه للجزيرة وللدكتور الصامت عن مذابح البحرين يوسف القرضاوي :

ألم يبلغكم ما يحدث ؟

أما وصلكم نتن التصفية العنصرية ؟

ثم ألا تستحق منكم قول الحق الذي نطق به النصارى وأنتم صامتون قد أخرست ألسنتكم وكُمِّمت أفواهكم ؟!

عجبي