عجائب الرئيس الصالح
بقلم/ محمد شمس الدين
نشر منذ: 14 سنة و 5 أشهر و 15 يوماً
الجمعة 21 مايو 2010 06:27 م

باكتمال بناء قاعة جديدة للمؤتمرات في العاصمة الاقتصادية عدن تتسع لثلاثة آلف مشارك يكون الحاكم في اليمن قد حقق لشعبه كل ما يصبوا إليه من رفاهية وعزة فقد انتهت معاناتهم من السفر لتلقي العلاج بالخارج وتوفرت لهم فرص العمل بداخل بدلاً من الاغتراب والمهانة في دول الجوار.

بهذا المنجز الجديد والعملاق ستنتهي معانات العاصمة الاقتصادية والشركات العملاقة العابرة للقارات ولتي تستنزف الكثير من أموالها ووقتها لعقد مؤتمراتها في دول الجوار بدلاً من صرفها في الداخل, وسواءً كان التأخر في بنا قاعة كهذه غلطة تحسب على المخططين أو ان تدفق الاستثمارات في السنوات القلية الماضية قد فاق توقعاتهم التي لم تكن مواكبه لطموحات القيادة السياسية الحريصة على استغلال كافة الموارد المتاحة لصالح التنمية, غير أن الطفرة المالية التي تمر بها اليمن والنظرة الثاقبة للقيادة الحكيمة كفيلة بسد هذه الثغرات والقصور فإن ذلك ما يطمئن له المراقبين والمهتمين بوحدة اليمن واستقراره في الخارج و نراهن عليها كرعايا طامحين بيمن جديد في الداخل.

لا اعرف ما سيقوله الرئيس صالح في خطابه الذي بشر به بعيد الوحدة القادم بعد ثلاثة عقود من الغوغائية والتخبط, ترى هل سيعلن عن بناء جامع جديد كجامع الصالح في محافظة عدن لترسيخ الوحدة والمساواة؟! أم انه سيطلق مبادرة لرفع أطول علم في العالم في جميع المحافظات الجنوبية لرفع نسبة الولاء الوطني لدى أبنائها الذين يأملون بالحصول على وظائف وخدمات طبية تخف عنهم الأوضاع القائمة؟!

المشاريع الفاشلة والتخبط في اتخاذ القرارات هو ما تعودنا عليها وما نتوقعه من الحكم, فمحاربة الفساد مثلاً لن تحل بفتح فروع لهيئة محاربة الفساد في المحافظات كما وجه فخامته, فيما كبار المشائخ والنافذين يرفضون تسديد قيمة استهلاكهم من التيار الكهربائي التي وصلت إلى عشرات المليارات كفساد ظاهر, والشوارع التي تتخللها الحفر رغم حداثة رصفها لا تحتاج لهيئة تكشف فسادها, كما أن هيبة الدولة التي سقطت وصون الحقوق والإعراض التي ضاعت بفعل الهجر والحلول القبلية لن تستعاد بعسكرة الحياة وقمع الصحافة و لاعتصامات السلمية والتهديد الوعيد وبترك الجماعات المتطرفة تستثمر الدين الإسلامي لتحقيق المزيد من التخلف والمصالح الشخصية المشبهوة بدعم النظام ورعايته, ثم كيف لهذا العبث المحيط بناء من كل جانب أن يحل في خطاب 22 مايو؟!

لن تحل مشاكل اليمن بتنصيب قيادات جنوبية في الجيش والأمن فقدت بريقها وتحولت إلى كروت ولا برفع عدد وكلاء المحافظات إلى رقم يفوق عدد المديرات والموظفين في دواوين عموم المحافظات, كما لن يخفف من معاناة أبناء عدن الطيبين بناء قاعة مؤتمرات لعقد قمة دول عدم الانحياز في محافظتهم المنهوبة أرضها ولا خطابات تذهب مع الريح, وفي ظل هذا العبث بالمال وتراكم الأزمات والفقر اجزم أن بيان قمة دول عدم الانحياز في القاعة الجديدة بمدينة عدن سيأتي ونحن في ذات الدوامة طرف يريد الانفصال وسلطة تستجدي وتتغنى بتصريحات الخارج الداعمة لوحدة اليمن واستقراره, كما قد لا يكون بيان القمة الجديدة لصالح النظام و لن تظل المواقف الدولية رغم غموضها اليوم على ذات الحال.

تخيلوا ان العاصمة الاقتصادية لليمن عدن لديها قاعة مؤتمرات ضخمة وجامع يشبه جامع الصالح في صنعاء وأطول سارية علم في العالم و شوارع عريضة لا تخلوا من الحفر وليس فيها جهاز رنين مغناطيسي واحد رغم أهميته توفره في كل مستشفى ناهيك عن عدم توفره في مستشفيات عدن جميعها والتي تغطي الخدمات الطبية لمدينة عدن وثلاث محافظات مجاوره.

هذا الوضع الصحي المزري لم يمنعنا من التوجيه لبناء قاعات واستضافة مؤتمرات دوليه ننفق عليها أكثر مما نستفيد وفي وضع سيئ كهذا يتقافز الغوغائيين وتجار المحن وغير الوطنيين لرفع ألوحات في الشوارع وعقد الندوات التي تكلف ملايين الدولارات لتعليم الناس الوطنية وحب الوطن, فيما آخرون يتحالفون مع الفساد لحماية الأخلاق والشريعة الإسلامية في مجتمع غارق في الفقر والمحن, أنها مفارقة عجيبة وقمة المهزلة أن يتحول من قادوا البلاد إلى هذا المنزلق واستولوا علي المناقصات وكل خيرات الوطن إلى مدرسين لقيم الإسلام ومعلمين لمفاهيم الوطنية والولاء والوطني!

mshamsaddin@yahoo.com