الهولوكوست السورية
بقلم/ عبدالعزيز العرشاني
نشر منذ: أسبوع و يوم واحد و 8 ساعات
الخميس 19 ديسمبر-كانون الأول 2024 04:13 م
  

على مدار ما يقارب ستة عقود كان نهر بردى (يُنطق بَرَدَا) المار بالغوطة ودمشق ودمشق القديمة يتلون باللون الأحمر فيستغرب السوريين من حمرة مائه شاعرين أنها ظاهرة غريبة لكنها طبيعية، ومن يسمون مسؤولين لدى النظام الشيعي النصيري يرفضون تحليل مائه لمعرفة السبب مبررين أن كثرة الأمطار تسبب تحلل التربة فيظهر الماء بلون الدم، والآن عُرف أن سبب تلون مياهه نتيجة دماء عشرات آلاف الضحايا لمعتقل صيدنايا، وكان الضحايا يٌكبسوا بمكابس هيدروليكية على غرار مكابس استخلاص الزيوت أو مكابس السيارات الخردة التي تُكبس بوزن 20 طنا لتعود قطعة واحدة صغيرة بينما الضحايا يكبسون بوزن مضاعف 40 طنا حتى يُصفى جسمه من الدماء وجميع السوائل ويصبح كالورقة يتفتت بمجرد لمسه وبوزن لا يزيد عن كيلو جرام ليتم بعدها تصريف الدماء والسوائل البشرية في نهر بردى حتى اكتسب اللون الأحمر الدامي.

ما يزيد عن نصف قرن، لم يعرف السوريون سبب تلون المياه ولو عرف أحدهم السبب قدرا فلن ينطق ببنت شفه ولو تكلم فسيختفي من على سطح الأرض على يد جلاوزة النظام.

في سوريا المعتقلات والسجون بالآلاف تتوزع في السهل والجبل وهي مخفية تحت الأرض بأبواب سرية لا يعرف بوجودها من فوقها أو الساكنين قريبا منها وتحتاج إلى خرائط لمعرفة أماكن تواجدها وكيفية فتحها على غرار خرائط الألغام، وهذه السجون قد تكون تحت المساكن أو المؤسسات أو المزارع، هذه السجون ليست حكرا على سوريا فقط فهي أيضا في اليمن والعراق ولبنان، فأينما وجدت إيران الشر وجد القهر والظلم والتعذيب والسجون.

قد يكون سجن صيدنايا المكتشف أكبرها ويبقى هناك آلاف السجون تحتاج لخرائط لفتحها وإخراج المسجونين فيها إن كانوا ما زالوا أحياء.

لم يشابه ما كان يحدث في سجون ومعتقلات سوريا وحاليا في الدول المحتلة من إيران الشر إلا أفلام الرعب، فلا يمكن لإنسان سوي أن يتخيل أساليب التعذيب وطرق القتل ناهيك أن يفعلها، وعلى مدار التاريخ البشري ما كان الطغاة يقتلون ضحاياهم إلا مرة واحدة، وهؤلاء بالتعذيب يقتلون البشر يوميا مرارا وتكرارا أكثر من مرة، فما أن تصل روح المعذب لنهاية خط الحياة وتكاد ترجع لباريها حتى يتركونها لتعود إلى الجسد المتعب لتدب الحياة من جديد في أوصاله، وقد يستعينون بطبيب المعتقل لإعادته للحياة، وهكذا يكررون الأمر مرة بعد مرة حتى يصير المعتقل يتمنى الموت ليرتاح فلا يجده.

أن حياة البشر لدى جلاوزة المليشيا لا تساوي عود ثقاب، وصارت أسماء عتاة المجرمين على غرار النمرود وفرعون ونيرون وهولاكو وجنكيز خان وهتلر وغيرهم ملائكة وهواة ومبتدئين أمام المسوخ الشيعة، ولو أقيمت مسابقة في أساليب التعذيب وطرق الموت لفاز الأخيرين بتفوق وجدارة.

كانت سوريا مسلخ كبير بحدود ومقومات وطن، ومثل ذلك اليمن والعراق ولبنان فالمعلم والمدرب واحد هي إيران المسيخ الدجال.

وكان تعذيب المعتقلين وسلب حياتهم في السجون يُبث مباشرة على الإنترنت المظلم من قبل القائمين على المسالخ مقابل نقود مشاهدة واشتراك.

والغريب أن الجزارين الجلاوزة من مسؤول التعذيب والسجان وطبيب السجن والإداري وغيرهم متصالح مع نفسه فلا يرتدع لخوف من الله أو لتأنيب ضمير أو لقانون وكأنه يؤدي عمل وطني ورسالة سامية، الواحد منهم بعد تناول إفطاره ووداع زوجته وأبنائه كان يذهب مبكرا إلى المسلخ في شوق ونشاط ممارسا عمله اليومي في التقطيع والسحق والفرم والتكسير، ليعود إلى منزله ظهرا لتناول غدائه بشهية وشره يلقي الدعابات على من لقيه ويمسح على رأس أطفاله بعطف ويحادث زوجته برقة وحنان.