لماذا استثناء قطر..؟
بقلم/ أحمد محمد عبدالغني
نشر منذ: 12 سنة و 9 أشهر و 10 أيام
الجمعة 27 يناير-كانون الثاني 2012 05:14 م

 Ahmdm75@yahoo.com

استغرقت جولة حكومة الوفاق الوطني لدول الخليج، تسعة أيام (9 – 17 يناير 2012م) وكان يفترض أن تشمل هذه الزيارة جميع دول مجلس التعاون الخليجي، إلا أن الرأي العام اليمني فوجئ بأن الاستاذ محمد سالم باسندوة والوفد المرافق له قد استثنوا في زيارتهم هذه كلاً من دولة قطر وسلطنة عمان .

واستثناء قطر ربما هو أكثر ما يثير الاستغراب، لأن التقارير الإعلامية التي سبقت الزيارة كانت تشير إلى أن دولة قطر ستكون لها الأولوية. ولذلك فإن التبرير الذي أُعلن بعد عودة الوفد على لسان مصدر مسئول (19 يناير) من أن زيارة قطر وسلطنة عمان ستكون بعد الانتخابات الرئاسية المبكرة، هذا التبرير لم يكن مقنعاً بعد تلك التأكيدات التي سبقت الزيارة، ثم أن بقاء الوفد في الامارات أربعة أيام كاملة ينفي إمكانية ربط التبرير بالوقت. وهناك من يرى وجود علاقة كبيرة بين تقصير وزارة الخارجية اليمنية المكلفة بإعداد الترتيبات وبين موضوع استثناء قطر وعمان، بدليل ما حدث في البداية عندما تم تأجيل سفر الوفد يوماً كاملاً عما كان محددا له، وهو ما يعني أن هذا الاستثناء جاء في إطار دوافع سياسية بغض النظر عن الطرف الفاعل والطرف المستفيد .

وفي كل الأحوال تظل حكومة الوفاق الوطني ملزمة بإيجاد علاقات متكاملة مع دول مجلس التعاون الخليجي بعيداً عن الخلافات والحساسيات التي تبدو قائمة بين بعض دول المجلس، فالدخول في معمعة مثل تلك الحساسيات ومحاولة إرضاء طرف على حساب طرف آخر سيكون ضرره الأكبر على مصالح اليمن، لأن دول مجلس التعاون لديها آليات حسم خلافاتها حتى وإن بدت تلك الحساسيات والخلافات مستمرة ومتواصلة، فهذا أمر طبيعي بالنسبة لهم ولوضعهم الجغرافي والسياسي، والمهم هو أن الدولة اليمنية بحاجة ماسة لجهود الجميع ودعم الجميع ولن يتحقق مثل ذلك إلا في ظل وجود علاقة ممتازة مع الجميع .

وإذا كانت هناك خصوصيات فرضتها الوقائع التاريخية فيما يخص العلاقات اليمنية مع بعض الأطراف مثلاً، فإن ذلك لا يعني إلغاء أو تجاهل أهمية أن تكون العلاقة مع الأطراف الأخرى بنفس القوة وتحظى بنفس الاهتمام. فدولة قطر هي أول من طرح موضوع انضمام اليمن لعضوية مجلس التعاون الخليجي (1996م) وموقف قطر المؤيد والداعم للثورة الشعبية اليمنية سيظل عنواناً من عناوين المرحلة لا يمكن تجاوزه أو نسيانه، وهو ما يفتح آفاقاً واسعة لدور قطر المستقبلي في دعم التنمية الاقتصادية كأساس في اليمن، وفي دعم بناء الدولة الحديثة ودعم المؤسسات الديمقراطية ودعم القطاعات الإعلامية والتعليمية، وكذا دعم قطاع المجتمع المدني خاصة تلك المتعلقة بالتنمية السياسية وتنمية دور المرأة، وذلك بالنظر إلى الخبرة التي استطاعت الدوحة أن تحققها خلال العقد المنصرم .

وما يمكن التأكيد عليه هو أن أي دور أو دعم تنموي قطري لابد أن يكون مكملاً ورافداً لجهود وأدوار الآخرين، ولا يجب أن يُنظر إليه وكأنه دور مضاد أو بديل لأدوار أولئك الآخرين .

ويمكن التذكير هنا بتجربة العلاقات اليمنية الكويتية كمثال سابق، حيث استطاع الدعم الكويتي أن يحقق نجاحاً متميزاً على مستوى شطري اليمن، خلال الستينات والسبعينات من القرن الماضي. وكانت المواقف السياسية الكويتية الداعمة لليمن حاضرة وبقوة دون التصادم مع مواقف الآخرين، وظلت المشاريع التنموية الكويتية وبالذات في مجال التعليم، محفورة في ذهنية المواطن اليمني وتحظى باحترامه وتقديره لأنه كان يلامسها ويرى ثمارها ماثلة أمامه .

وفي هذا السياق تستطيع دولة قطر أن تقدم نموذجاً جديداً في بناء علاقات سياسية وتنموية مع الشعب اليمني ومع الدولة اليمنية، قادرة على استيعاب متطلبات المرحلة القادمة في التغيير والتحديث المجتمعي وأن تتجاوز الأخطاء والأساليب التقليدية التي مارسها البعض في علاقاتهم مع اليمن واليمنيين خلال مراحل سابقة .

وما يُقال عن قطر يمكن أن يُقال عن بقية دول مجلس التعاون، فكل طرف خليجي يستطيع أن يقدم نموذجاً متميزاً في علاقاته مع اليمن الجديد، يمن ما بعد علي عبدالله صالح. وهذه النماذج في مجموعها الفعلي سوف تقدم لوحة أخوية متكاملة تخدم حاضر ومستقبل أجيال منطقة الجزيرة والخليج .