تقرير أممي يؤكد تمرد الانتقالي عسكرياً على الشرعية مأرب تحتشد تضامناً مع غزة وتنديدا باستمرار حرب الإبادة الاسرائيلية مباحثات يمنية سعوديه بخصوص إجراءات سير تأشيرات العمرة اجراءات حكومية رادعة ضد محلات الصرافة المخالفة والمضاربين بالعملة في جميع المحافظات المحررة حشود هادرة بمحافظة تعز تنديدا بجرائم الابادة والتهجير بقطاع غزة الذكاء الاصطناعي يورط عملاق التكنولوجيا «تسلا» ويقودها للمحاكمة عبر القضاء كلاب آلية تنظف أحد الجبال المصنفة ضمن قوائم التراث العالمي رابطة اللاعبين المحترفين تكشف عن المرشحين لجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي لشهر أكتوبر دولة خليجية تبدأ بسحب الجنسية من المئات من مطلقات مواطنيها الإنذار المبكر ينشر توقعات الطقس خلال الساعات الـ24 القادمة في 11 محافظة يمنية
الصعيدين البشري والمادي، وخطورتها الاستراتيجية على صعيدي الاستقرار والوحدة الوطنية. ولكن لفك جزء من غموض هذه الحرب المتكررة، علينا أن نتأمل في مكاسبها:
أولا: على الصعيد الاستراتيجي تمكن النظام من إبعاد وحدات عسكرية معينة لفترات طويلة وإشغالها بحرب صعدة لأن هذه الوحدات قد تشكل خطرا حقيقيا على خطة توريث الرئاسة.
ثانيا: على الصعيد السياسي تمكن النظام من ارتداء قميص من يحارب الإرهاب، بسبب تكرار الحملات العسكرية ضد أصحاب شعار " الموت لأميركا، الموت لإسرائيل"، في حين أن رافعي الشعار لم يتعرضوا لمصالح أمريكا ولا أظنهم يرغبون في مهاجمة إسرائيل، وإنما أرادوا بسذاجة استغلال المشاعر المعادية لأميركا بعد حرب أفغانستان وقبيل غزو العراق، للربط بين النظام والأميركان، واستغل النظام من جانبه هذا الشعار ليدعي في الخارج أنه المدافع عن يهود صعدة، وعن مصالح أمريكا، ولكن هذا الزعم لم ينطل على السفير الأميركي الجديد الذي دعا إلى حوار سلمي بين طرفي الصراع.
ثالثا: على الصعيد المالي، وهذا هو مربط الفرس، وسبب رئيسي من أسباب استمرار الحرب، فمثلما يحاول النظام أن يكسب من الخارج باسم الديمقراطية المزيفة تارة، وباسم محاربة الإرهاب تارة أخرى، فقد قرر الاستفادة من حرب صعدة بطريقة مماثلة، وهي إثارة مخاوف السعوديين والإلحاح عليهم بأهمية إنعاش خزائنه الخاوية لما فيه خدمة مصالحهم في اليمن. وقد بدأ النظام هذا التكتيك عن طريق تسخير الزعيم الليبي معمر القذافي كبعبع يمكن ابتزاز السعوديين عن طريقه. فقبيل انتخابات 2006 أعطى الرئيس صالح رقم تلفون النائب يحيى الحوثي للقذافي طالبا منه التواصل معه إلى ألمانيا، أو استدعاءه إلى طرابلس، لاعتقاد الرئيس على ما يبدو أن اتصالات الحوثي وتحركاته مرصودة من المخابرات السعودية، وأن تواصله مع القذافي سيفتح صنابير المملكة النفطية لنظام صنعاء لإنقاذ السعودية من أطماع الدولة الفاطمية القذافية. ولكن القذافي سرعان ما كشف في لقاء مباشر على الهواء مع "الجزيرة" هذه التفاصيل مضيفا أنه لم يعرف اسم الحوثي إلا من الرئيس علي عبدالله صالح. بعد ذلك اقتنص النظام فرصة الوساطة القطرية على أمل الحصول على أموال باسم إعادة إعمار المناطق المتضررة، ولم يدرك القطريون مرامي النظام الأمر الذي أفشل اتفاق الدوحة.
ولكن بما أن النظام معروف بصلادته وصموده ومثابرته على اقتناص الفرص الجالبة للأموال، فقد لاحت له فرصة جديدة بعد التطورات في لبنان، في مايو الماضي، فأنعش النظام جهوده الحثيثة لإثارة مخاوف السعوديين مجددا من الخطر الإيراني، ونجح في ذلك بالحصول على مساعدات كبيرة يصعب معرفة أرقامها التفصيلية ولكن حجمها يقدر بحجم التعهدات السعودية في مؤتمر المانحين، أي أن المساعدات لم تتغير، ولكنها تحولت من بند التعمير إلى بند التدمير، وهي في كل الأحول تتناسب مع مستوى النشاط العسكري الكبير من أجل الحسم المزعوم، وتتناسب مع اتساع الحرب العسكرية الخامسة الجارية حاليا.
ومما يثير الاستغراب أن النظام يزعم بأن الحوثيين حاولوا، في الثمانينات، اغتيال السفير السعودي، لتأكيد مخاوفهم، في حين أن الحوثيين، لم يكن لهم وجود تنظيمي في الثمانينات ولم يتشكل تنظيمهم" الشباب المؤمن" إلا بعد الوحدة بتشجيع من الرئيس بناء على نصيحة كل من الراحل يحيى المتوكل، وأحمد الكحلاني، وعبدالكريم الإرياني. أما في الثمانينات فقد كانت صعدة إمارة تابعة للراحل مقبل الوادعي الذي تحول من الزيدية إلى السلفية أثناء وجوده في السعودية، واعتقلته السلطات السعودية هناك بتهمة صلته بتنظيم جهيمان العتيبي قبل أن يعيده السعوديون إلى صعدة لتأسيس مركز دماج. ورغم أن السعوديين يدركون مرامي النظام اليمني جيدا ويفهمونه أكثر مما يفهم نفسه، فقد قدموا له على ما يبدو دعما سخيا لشن الحرب الخامسة على صعدة، وربما أن ذلك عائد لأسبابهم الخاصة، التي ستظهر نتائجها مستقبلا في جنوب اليمن وليس في شماله. وبما أن أموال الطفرة النفطية الراهنة أعمت أعين كبار القادة اليمنيين وأسالت لعابهم، فقد حركوا قواتهم من جديد، وعادوا إلى سجلات قديمة مدرج عليها أسماء أفراد الجبهة الإسلامية الذين قاتلوا في المناطق الوسطى في الثمانينات، ليستدعوا من تبقى منهم إلى صعدة، من أجل أن يكون أبناء تعز وإب والبيضاء وقودا للحرب إلى جانب أبناء الجنوب، في حين تظل قوات النخبة المدللة، بعيدا عن الخطر، حتى وإن توجهت بعض الألوية إلى ميدان المعركة.
هذه السياسة غير الواعية القائمة على عمل كل ما يمكن عمله لاستقطاب الدعم المالي الخارجي، تم تفسيرها على ما يبدو بأنها دعوة مفتوحة وفرصة سانحة للإيرانيين من أجل التدخل، ولا أحد يعلم حتى الآن حجم التدخل الإيراني، ولكن في حال تدفق أموال إيرانية ضخمة إلى جيوب لا ينخرها الفساد، فقد يتمكن الحوثيون عن طريقها من تحويل ولاء قبائل ومشائخ كبار، بل ووحدات عسكرية لصالحهم، وسوف نواجه حربا أهلية طائفية قبلية مختلفة لا يدري أحد كيف يمكن أن تنتهي، مثلما لا يدري أحد كيف بدأت. ومن المؤكد أن الحوثيين لن يكون بإمكانهم حكم اليمن، ولكن نجاحهم في الصمود أمام هجمات النظام سوف يشجع على الأرجح قوى أخرى كثيرة، لمواجهة نظام لم يعد يثق به أحد، وهنا تكمن الخطورة.
* عن صحيفة المصدر