تقرير أممي ينوه بدور الإسلام في التنمية
بقلم/ عبدة عايش
نشر منذ: 17 سنة و 11 شهراً و 4 أيام
الإثنين 11 ديسمبر-كانون الأول 2006 12:08 م



أشاد تقرير التنمية الإنسانية العربية 2005 الذي أعل
ن رسميا بصنعاء، بالتيارات الإسلامية الوسطية من المرأة، وتطور نظرتهم لدورها في المجتمع، ومن قضية تمكينها سياسيا، بالإضافة إلى تعاطيهم مع الديمقراطية في البلاد العربية.

ولفت التقرير الذي جاء في 292 صفحة وأصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالمنطقة العربية، إلى أن أي قوة سياسية لا تستطيع أن تتناسى أن الدين، خاصة الإسلام، عنصر محوري في النسيج الثقافي والروحي للشعب العربي.

غير أن التقرير قال إن إعادة فتح باب الاجتهاد المستقل، وتشجيعه وإثابته، تبقى مطلبا أساسيا لتحقيق التزاوج المبدع المطلوب لمجتمع الحرية بمفهومها الشامل المعاصر والمقاصد الكلية للشريعة الإسلامية.

وأكد التقرير أن التيارات الإسلامية تمثل طيفا واسعا، وشديد التفاوت داخليا، وأن الكثرة الغالبة من التيارات الإسلامية في البلدان العربية تمثل قوى مجتمعية واسعة الانتشار وعميقة الجذور الشعبية بسبب ممارستها للعمل الاجتماعي والسياسي وسط عامة الناس لسنوات طوال.

تطور مهم

وأضاف أن التيارات الوسطية قد حققت تطورا مهما في العقود الخمسة الماضية في ما يتصل بموقفها من بعض الهموم المجتمعية مثل احترام حقوق الإنسان والحكم الصالح أو الديمقراطية، بما ينفي عنها، حال وصولها للحكم، صفة الحكم الديني.

واعتبر أن أكثر هذه التيارات الإسلامية تشهد تناميا ملحوظا لأجيال من القادة المستنيرين أصغر نسبيا، وزيادة لحضورهم على رأس الهيكل التنظيمي لها، إضافة إلى قيام حراك متصاعد من القاعدة العريضة يطالب بتنظيم أوفر ديمقراطية.

مواقف مغايرة

وفيما يتعلق بمواقف التيارات السلفية من المرأة قال التقرير إنهم يرون أن المرأة مكانها المنزل ودورها رعاية الأسرة، وإذا تم قبول حق الانتخاب قياسا على البيعة، فإن حق الترشح وتولي المناصب العامة أمر غير مقبول "سدا للذرائع".

وأشار إلى أن مجمل تصورات التيار السلفي كانت ضد الفعالية والنشاطية النسائية في الحياة المدنية، وهو يتبنى رؤية مبدئية لتقسيم العمل الاجتماعي تقصر دور المرأة على الإنجاب والأمومة والتربية، وتحذر من الاختلاط بين الجنسين، وأقصى ما يمكن توقعه هو قبول النشاط الاجتماعي النسائي المستقل في مجالات العمل الأهلي المستقل ذي الطابع الخيري.

فيما رأى التقرير أنه "على الجانب الآخر نجد أن تيار الإخوان المسلمين يتخذ موقفا يناصر حصول المرأة على حقوقها السياسية، ويقبل فقها واجتهادا صاغه علماء معاصرون من داخل الحركة أو من القريبين منها مثل الشيخ محمد الغزالي والدكتور يوسف القرضاوي".

نسق عام

إلا أن التقرير اعتبر أن إشكالية المرأة الحقيقية مع النسق الفكري الإسلامي لدى الإخوان المسلمون (كما السلف) "لا ترتبط فقط بخطابهم وموقفهم من المرأة تحديدا، بل ترتبط في المقام الأول بالنسق الفكري الأعم بشأن السياسة لدى الإسلاميين، وتكمن المفارقة في أنه لا يعكس النسق الإسلامي الأول لتصورات المجتمع والدولة الذي يقوم على المشاركة على جميع المستويات والحضور السياسي وليس التمثيل السياسي".

وشدد على أن "التحدي المطروح على الخيال الإسلامي بشأن المرأة -كما هو بشأن السياسة برمتها- هو كيفية تنمية البديل الإسلامي وتطويره وتعايشه مع سياقات مختلفة أو مخالفة، والنهوض بالمرأة بقوة في الخطاب والتطبيق لا باعتباره نتيجة بل بوصفه شرطا لإسلامية المجتمع".

وذكر التقرير أن "من المفارقات أن أنظمة حكم قمعية قد حققت لصالح حقوق النساء، ولأغراضها الخاصة، إنجازات مهمة لم تكن لتتحقق لو ترك عنان الأمور للحركة المجتمعية الطبيعية التي تحددها القيود الموروثة، بل إن آليات القمع السياسي قد استخدمت أحيانا للإسراع بنهوض المرأة.

غير أن التقرير يحذر من أنه مهما كانت درجة الاستنارة في "التقدم" الذي تأمر بتحقيقه السلطة الفوقية، فإنه لا بد أن يواجه مقاومة من القواعد الشعبية، ومن ثم فإن التحول نحو أنظمة حكم صالح في مجتمع الحرية في البلدان العربية سيلعب دورا محوريا في تحقيق إنجازات تاريخية مطلوبة لنهوض المرأة في الوطن العربي، دعما مجتمعيا واسعا يضمن لها الاستمرار وقوة التبني الشعبي.

وعن قضية الإرهاب وتبعاتها على الحرية في الوطن العربي, ذكر التقرير أنه "ما فتئت المنطقة العربية وبخاصة التيارات الإسلامية فيها، متهمة بأنها منبت للإرهاب، وقد ترتب على هذه الحرب خلط بين ما يمكن أن يسمى بحق إرهابا للأبرياء، وهو أمر يدينه التقرير ويعتبره مجافيا للضمير الإنساني، وبين المقاومة المشروعة ضد الاحتلال الأجنبي التي تقرها اتفاقيات جنيف وقرارات الأمم المتحدة.

وأشار إلى أن حكومات عربية كرست تماشيا مع الاتجاهات العالمية، بذريعة مكافحة الإرهاب، قوانين الطوارئ واستصدرت المزيد من التشريعات لمكافحة الإرهاب، وجرى قتل عشرات من الملاحقين، واعتقال آلاف من المواطنين بقرارات إدارية، وتعرض بعضهم لصنوف من التعذيب وسوء المعاملة.

كما لفت إلى أن أكثر الدول العربية أحالت القضايا الإرهابية أمام محاكم أمن الدولة أو المحاكم العرفية، وهي محاكم تفتقر عادة إلى معايير المحاكمة العادلة المتعارف عليها عالميا.