|
مأرب برس - خاص
هل نجد في الدعم سببا رئيسا في ظاهرة الفساد وتهريب السلعة المدعومة ، أم أن ذلك محض أوهام ؟ هل لنا تصور أن يأتي يوما يرفع فيه الدعم عن المشتقات النفطية ؟ أم أن ذاك الدعم هو القدر المحتوم الذي سوف يستمر إلى الأبد ؟ وهل يحقق الدعم مقتضيات العدل والإنصاف في توزيع الثروة (المال العام) بين جميع المواطنين المتساوين في الحقوق والواجبات ؟ أم أن هناك أناس قليلون يستأثرون بنصيب الأسد والغالبية العظمى لا ينالون سوى الفتات ؟ وهل الدعم يشجع على التعاطي العقلاني مع الموارد أم انه واحد من أسباب التبذير ؟ إن النفط كمورد سائر في طريق النضوب ، واستهلاكه المسرف واحد من أهم مصادر الملوثات البيئية ، فهل لبيعه دون قيمته الفعلية تشجيعا للحفاظ عليه وهل في ذلك صيانة للبيئة كأهم مورد حياتي للإنسان ؟ ...
تلك بعض أسئلة للعصف الذهني ولإعمال الفكر والعقل لتتضح خلفية بحث موضوع الدعم برمته من الناحيتين النظرية والعملية ، ومن أجل تحري الحق في الوصول إلى القاعدة الشرعية التي مفادها أن (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح) ،، وهذا الدعم بشكله المعمول به راهنا لن يستمر إلى الأبد ، ولابد أن يأتي يوما ما ويرفع ، طالما والجميع متفقون كشركاء في الدخول بمجتمعنا إلى محنة أو منحة السوق الحر منذ حوالي 13 عاما ،، ومع إنني لم أكن بدءاً مع تحرير التجارة ونظام السوق الحر ، ولكني أوردت في حديثي الصريح لمراسل اليونيتد برس انترناشنال اشتراطات عديدة لرفع هذا الدعم ، وعلي وجه العموم أريد أن أطمئن القراء والناخبين ليس في عدن وحدها ولكن في عموم اليمن إن الذي حركني للتصريح والكتابة كانت المصلحة العامة وما الاشتراطات التي سقتها في تصريحي حول دعم وجب له أن يرفع ذات يوم ليتم توظيفه في مجالات أخرى هي أكثر نفعاً وفائدة من واقع الحال الراهن ، ثم إنني لن أصوت مع جرعة قادمة دون إدخال إصلاحات مسبقة في مجالات عدة ودون أن أقتنع وأطمئن إلى آليات أرى صوابها في تمثل مصالح الشعب ، حتى وإن كانت الانتخابات على الأبواب .
لقد كنت على يقين أن الحديث في مسألة شائكة كرفع الدعم عن المشتقات النفطية والدعوة لتحويل ذاك الدعم وتوظيفه في مجالات تنمية الإنسان وموارده لن تكون نزهة مسائية مبهجة خاصة وفوبيا الجُرْع قد عمت بويلاتها الأفاق والنفوس وتشكل ، مع اشتداد المعاناة ، تابو لا يفكر أحد ، أي كان ، في الاقتراب منه ،، وكنت أتوقع أن تنبري أصوات تنكر عليَّ موقفي هذا ، كصوت الأستاذ المحترم صاحب الاسم المستعار ( دبوان رامبو ) عبر صحيفة الناس الغراء الأسبوعية ، والتي أعتز وأحرص على اقتنائها وقراءتها ، ومرد توقعي ذلك يعود لاحتمالات أربعة ربما عانى السيد رامبو من وطأتها ؛ أولها الجهل بحقيقة الأمور وواقع الحال المنذر بالانهيار ، أو ثانيا لإيماءة من رؤوس الفاسدين المفسدين المستفيدين من الدعم الذين يلتهمون ما يقارب 78%من أجمالي الدعم ، مع أنني أريد إحسان الظن واستبعاد هذا الاحتمال ، أو ثالثا كون تعليق السيد رامبو يعد كيدا ومناكفة سياسية مع سبق الإصرار والترصد على مشارف الانتخابات النيابية القادمة ، ثم رابعا وأخيرا للاحتمالات المذكورة جميعها أو بعضها ،، غير أني ورغم معرفتي بهذه المخاطر فقد غامرت بالخوض في حقل الألغام طلبا للنجاة الجماعية معربا عن رأيي ، وإن لم يعجب الكثيرين ،، وأستطيع الجزم هنا أنني لست ممن يُحَرْكوا بالريموت كنترول حسب أدعاء الأستاذ دبوان رامبو ،، إنني أستشعر تمثيل ضمير الأمة ، وتحركني القيم الأخلاقية الكبرى والغايات العظيمة في السعي لنيل رضا الله وتحقيق محبته ، وأنا واحد من أولئك السائرون صوب المستقبل بكل ألق الحياة وسيادة المحبة وأنوار التفاؤل في أزمنة سادت سُبلها معالم الإحباط والتيئيس وتناثرت في مساراتها ودروبها شظايا الجهل والكراهية والدعوات الأنانية التي توشك على سوق الجميع نحو الانتهاء عند قعر الجحيم ،، فما أسهل أن يصمت المرء ويقف على الطرف الأخر الهادئ وما أريح المعارضة للمعارضة ..
إن اجتزاء الحقيقة على طريقة (ولا تقربوا الصلاة..) كما أوردها السيد رامبو عند حديثه عن تصريحي ليس من الإنصاف ولا من المهنية في شيء ودلت تعليقاته الساخرة المتهكمة عن خصائص رامبو البطل المفتون دوما وأبدا بالعنف وهنا بتجليات العنف اللفظي ، فليسامحك الله يارامبو .. إننا نعيش زمنا انعدمت فيه الجرأة على قول الحقيقة التي غلا ثمنها وزادت كلفة الإعراب عنها حتى أن مجرد الاقتراب منها صار يثير (فوبيا وإحجام وهروب) ، كما إنني كنت أتمنى أن يورد ردي كاملا على سؤال مراسل اليونيتد برس إنترناشنال والذي كان محتواه وفحواه : أن رفع الدعم سيوجه ضربة قاضية للفاسدين وأن توجيه الدعم لمستحقيه الفقراء بآليات ضامنة وأشكال مثمرة أفضل من استمراره على هذا المنوال ،، ثم أجدني أضع السؤال: هل لنا في قادمات الأيام أن نعيد نظام الدعم للحبوب وغيرها ؟ وإذا قدر للمعارضة والإصلاح خصوصا تحقيق أغلبية في الانتخابات القادمة هل سنعود إلى اعتماد نظام الدعم أم أننا سنعمد إلي إلغاء ما تبقى منه ؟ وهل في انتهاج سياسة الدعم ما يهيئ لشروط الاندماج في المحيط الإقليمي وهل يلبي ذلك لمعايير الانتساب للتجارة العالمية والدخول إلى عصر العولمة ،، أخيرا أقول إن المرض المستفحل يحتاج للعلاج الجذري إلى جانب العلاجات العرضية ، وهذه الأخيرة لا تكفي وحدها لمنع استفحال المرض وانتشاره ومآلاته التي ربما أوصلت إلى القبر ،، والجراحة رغم ألآمها اللحظية إلا أنها قد تكون الطريقة المثلى في تحقيق الشفاء الكامل ،، والله من وراء القصد ، وهو ولي الهدايه والتوفيق ، فإن أصبنا فمنه العليم الخبير وإن أخطأنا فمن الشيطان الرجيم .
* عضو مجلس النواب
في الخميس 28 فبراير-شباط 2008 09:49:34 ص