ماذا جرى بين " الموصى " والرئيس الصالح
بقلم/ ماجد الداعري
نشر منذ: 15 سنة و شهر و 5 أيام
الإثنين 12 أكتوبر-تشرين الأول 2009 05:02 م

سؤال كثيرا ما تردد لدى الأوساط الصحفية والمتابعين للمشهد اليمني، بحثا عن معرفة لما دار بين الأمين العام للجامعة العربية عمر موسى والرئيس اليمني علي عبدالله صالح في القصر الجمهوري بصنعاء- الثلاثاء الماضي- سيما- بعد أن عمدت وكالة الأنباء اليمنية والوسائل الإعلامية الرسمية إلى تعمد منع نشر أي تفاصيل من النقاش الذي دار بين الجانبين حول اهم واخطر القضايا السياسية الساخنة في الساحة اليمنية، التي يخشى الأشقاء العرب من تحويلها اليمن إلى بؤرة للتوسعات "الخامانائية" و والأطماع "الإنجلوامريكية" وفق المنطق العربي القائم. وباستثناء تلك التصريحات اليتيمة للمصدر المسؤول التي قال فيها وعلى استحياء أن موسى جاء إلى اليمن حاملا معه دعما من الاشقاء العرب وليس مبادرات لإنقاذ اليمن- كما ذهبت اليه بعض وسائل الاعلام والتوقعات المحلية .

ما أثار فضولي وغيري من المترقبين والمتفائلين، ولو على استحياء من انفراج الأزمة اليمنية ،بعد تلك الزيارة الرسمية للوفد المصري رفيع المستوى ممثلا بوزير خارجية مصر أحمد أبو الغيط ورئيس جهاز الاستخبارات المصرية، ثم زيارة موسى الإنقاذية لليمن- وفق رواية العديد من وسائل الإعلام العربية، غير أن المتابع عربيا والمنكس يمنيا مثلي أصيب بخيبة الامل، حينما، لم تستحي مدافع الموت المدوية بصعدة- من وصول الموفد العربي لإنقاذ اليمن إلى صنعاء، ولم يقوى كل ذلك التأييد العربي الواسع لـ"الموصى موسى"- وفق تعبير سياسيين مقربين من القصر الجمهوري ؛ من إخراسها أيضا،وتغيير وضعها الذي يتقاسم آهاته وأثمانه، أطراف خارجية ليس لليمن وأهلها من أرضائهما خيرا .

ويعتقد الكثير من السياسيين اليمنيين أن موسى جاء إلى صنعاء محرجا من المملكة التي بالتأكيد تخشى من النفوذ الإيراني وتوسع الحوثيين لصالحهم في اليمن وبالتالي فإن الجولة القادمة من حربهم- في حال ما إذا كسبوا الرهان "الخامنائي" في اليمن- وفق معتقدات الشاه الدينية المعلقة بظهور الحسن او حسين في شمال اليمن لتسهيل امتدادا الإمبراطورية الفارسية في المنطقة من جديد، والتي كانت آخر علامات وإستشهادات الإيرانيين بنجاح ثورتهم الدينية ووصولها إلى السيطرة على المنطقة برمتها- وفي حال ذلك يكون الدور بالتأكيد- حسب معتقدات الأشقاء في المملكة- عليهم وعلى مملكتهم ونظامهم الملكي القائم منذ مئات السنين .

ومن هنا تبرز للعيان شواهد عديدة على إجبار المملكة للمغلوب على أمره عمر موسى بزيارة صالح والتفاوض معه على إيجاد سبل وتنازلات من شأنها إيجاد صيغة حوار شامل كامل يستوعب كل القوى السياسية اليمنية في الداخل وفي الخارج، وتحقيق أمن واستقرار اليمن التي يتحدد على ضوئه أمن المملكة وجاراتها في الخليج والمنطقة العربية أيضا، وقبولها بتقديم الدعم والمساعدة على ذلك -حسب ما خرجت به اتفاقيات التعاون التي وقعت مؤخرا بين الرئيس السوري بشار الأسد والملك عبدالله -عاهل المملكة العربية السعودية، والذي على مايبد إظطر مؤخرا إلى كسر القطيعة وإعلان التنازل مجبرا للأشقاء في سوريا، وبموجب التحديات التي بدأ يحس بها تحوم حول مملكته .

وبحسب "موقع "اسلام اون لاين نت"، فإن موسى قد التقى في القاهرة -وبدعوة من الرئيس المصري محمد حسني مبارك - بقيادات الجنوب في الخارج على ناصر محمد وحيدر ابوبكر العطاس وعلي سالم البيض- وقبل توجهه إلى صنعاء، لإيصال ما املىء عليه قيادات الجنوب في المنفى مقابل قبولهم الجلوس على طاولة الحوار تحت مظلة الوحدة، وبمقابل أن يضغط موسى على صالح- وفق مصادر سياسية يمنية رفيعة المستوى لذات الموقع- بقبول إعادة النظر في التشكيلة الحكومية القائمة وإتاحة الفرصة لأبناء الجنوب في تولي مناصب وزارية وتنمية المحافظات الجدنوبية .

ووفقا لـ"المستقبل " اللبنانية فإن موسى قد جاء إلى صنعاء مثقلا بتخوفات عدة دول عربية من مخطط خارجي لتقسيم اليمن، وجعله بؤرة للصراعات والأطماع الخارجية- في إشارة إلى إيران- وان على العرب ومن منطلق الحرص على وحدة اليمن وعدم تركه يهوي نحو منزلق التقسيم التي تقودها إليه الحرب الدائرة بصعدة، والحراك الجنوبي .

الحوثي عبدالملك وفي تطور جديد للحرب الذي يخوضها مع السلطة، أبدى مؤخرا استعداده للحوار مع السلطة والقبول بكل الاتفاقيات الايجابية والمبادرة التي أعلنتها لجنة الإنقاذ الوطنية لتكتل المعارضة، غير أن السلطة وكالعادة أصرت على تمكسها بشروط اللجنة الأمنية الستة، مقابل وقف إطلاق النار، وكان الحوثي يحيى المقيم في الخارج والذي أقر البرلمان مؤخرا سحب حصانته البرلمانية ، قد لمح من جانبه ولأول مرة بأن الحوثيون يرغبون في إنشاء حزب سياسي اسمه حزب العدالة والتنمية, وبعد أن سبق ذلك تغيرا جوهري في الخطاب الإعلامي للسيد عبدالملك الحوثي- القائد الميداني، بان الحوثيون مقصيين سياسيا ودينيا ومضطهدين بسبب الانتماء الديني والمذهبي- وفق ماذهب إليه بيان للمكتب الإعلامي للحوثي ..

وبذلك يبد أن اليمن مقبلة على تغيرات جوهرية لايستطيع أحدا أن يجزم بمدى قبول القيادة السياسية لها واستيعابها لأهمية ذلك التغير الجوهري الذي يفره واقع البلد .