الى وزير التعليم العالي ...تواصلا مع مروان
بقلم/ الهام الوجيه
نشر منذ: 15 سنة و 11 شهراً و 21 يوماً
الإثنين 24 نوفمبر-تشرين الثاني 2008 07:01 م

إلى التائهون ..الباحثون دون قلق عن العلم ,والوطن ,وعشاء دافئ ....

إلى مروان الغفوري وجميع من يقدمون اعترافاتهم لأنفسهم قبل إشهارها ...

هل سمعت يوما عن الكسب الأقصى بالجهد الأدنى ؟

ل سمعت عن الطقوس المفرغة من المعنى ؟وعن إضاعة الوقت وإهداره دونما اعتبار لحرمة الزمن ..وسرعة مروره ؟؟

حسنا.. هل مر عليك ذات يوم حديثا عن النجاح لأجل النجاح فقط ؟؟؟

تمتلئ المكتبات اليوم بكتب عديدة عن تطوير الذات وعن تخطي العقبات وعن العادات السبع وعن خطوات واضحة تتبعها فتصل بك بكل سهوله إلى ذلك النجاح دون تلكؤ أو معوقات ...صديقة لي تمتلك مكتبة متكاملة من تلك الكتب ..استبدلتها بدلا من كتب التنجيم والفلك ..

سأنتقل معك إلى مفردة النجاح ومعناها ,فالهدف هنا ما هو ألا شهرة ومال ...ووظيفة دخلها مرتفع وأطفال رائعين وسيارة حديثه وعطلة صيفيه في بلد آخر ...ولأجل الحصول على كل ذلك لا بد من عمل أقصى لأجل كسب أقصى لا مكان هنا لأهداف أنسانيه عامه أو خدمة كونيه علميه ولا مكان لأحد آخر في ذلك النجاح سوى الذات ...في أضيق صورها .

حتى أخيليس الذي شبهت به جراحا مغامرا بأرواح الناس لم يكن هو أيضا سوى باحث عن مجده الشخصي سعى حثيثا نحو هدف أزلي لإنسان أمتلئ قلبه حسدا من الله على صفة خلوده ..فحاول أن يصبح مثله ..فأصيب بهستيريا الخلود وحمى البحث عنها ..!

كانت تلك مقدمة قد تكون طويلة ألا أنني رأيتها ضرورة لأواصل من بعدها الحديث معك عن التعليم العالي المصاب بالكساح وبنقص المناعة "في الجامعات المصرية " لأذكرك بتعليم اليمن منذ الصف الابتدائي وحتى الدكتوراه المبني على قاعدة الوعاء الفارغ ويقصد فيه هنا عقل الطالب ,والبيانات المعلبة كما جاءت من بلد الصنع هو ما يصب إلى تلك الأوعية الفارغة بتجربة محكمه الأدوات والطرق لنصل إلى نتائج التجربة .... لقد أفرغنا التعليم من محتواه ببرودة أعصاب وبضمائر مطمئنه للغاية !كما أن تلك البيانات لا تسكب جزافا وإنما ما وافق عليها المشرع والدين فمثلا لن تفاجأ وأنت تجد تعليم البلادة لم يتطرق يوما مع الطالب وعفوا على حرف " مع" لأضع بدلا عنه "إلى" الطالب باعتباره متلقي وليس متفاعل ..لم يتطرق ذلك العلم إلى شرح أو حفظ أو إرسال تفاصيل نظرية الانفجار العظيم حتى نفهم نشأة الأرض أو نظرية النشوء والارتقاء عن نشأة الخلق ,ليس لشيء ولكن لعدم أهميتهما لدينا ....فنحن مسبقا ولنا السبق نعلم أن الله خلقنا وخلق الكون وذلك يكفينا تماما ,أما كيف تم ذلك فسنتركها لله الذي يفعل لنا كل شيء بالنيابة وهو الذي يقول للشيء كن فيكون ...ولكي يفعل لنا ما نريد ما علينا سوى تشغيل "مخ العبادة "فقط دون أي مخ آخر !!

استمتعت" بضرب مروان نفسه" وسأحاول أن أقدم لك متعة مشابهه "ضربت الهام نفسها "أو "ضربت اليمن الهام "فكما قال مالك بن نبي حظوظ الإنسان في الدنيا مرتبطة بالمجتمع الذي يعيش فيه ...لذا فقد كان حظي من التعليم الذي تفتقت عنه ذهنية القائمون بالعملية التعليمية "قليل" يعني مثلي مثل غيري والذكي من سينجو بنفسه من تلك المصفوفة المخيفة الرتيبة ليصنع له طريقا مختلفا ...

فقد كنت من ضحايا مدرسة أبن خلدون, وثانوية حفصة, وأخيرا جامعة صنعاء ,تحديدا كلية الإعدام كما كان يحلو لطلابها تسميتها ..أشبه الآن ضحايا هيروشيما الذين يتذكر أحفادهم المأساة بمزيد من الألم والاستنكار ..كيف حدث كل ذلك ولماذا ؟؟

وليس تقصدا أو انتقاما أو حقد دفين معاذ الله هو ما سيجعلني أتوقف قليلا  مع مرحلة كلية الأعلام لأسلط عليها الضوء ولكن لاعتقاد قوي لدي بأن ذلك الضوء ما أن يسلط على تلك المرحلة حتى تتحول بقدرة قادر إلى مرآة لليمن ..ربما مرآه صغيره كتلك التي أحتفظ بها في حقيبتي ألا أنها تكفيني تماما لرؤية وجهي عند الحاجة ..

لن أتحدث عن أني لم أطبق يوما ما شيئا ما مما تلقيته هناك ,كما أني لن أتحدث عن امتحانات سربت قبل يوم الامتحان ,وعن درجات التقدير التي لا يعلم ألا الله في أي مطبخ تعد وما هي البهارات اللازمة لكل دكتور كي يجعلها ممتازة أو جيده جدا !!

كما أني لن أسهب في الشكوى من مناهج عتيقة وملازم مرقعه ودكاترة كانوا يعانون من نقص معرفي مزمن تبلور غرورا لا معنى له ونرجسية لا حدود لحماقتها...

لن أتذكر استحقاقي لأن أكون معيده بتلك الكلية باعتباري كنت الأولى على دفعتي ليسرق استحقاقي ذاك بدم بارد لا لشيء ألا لأني لم أعجب البعض !!

سأقفز على الحزبية التي دوشت رأسي منذ دخولي الجامعة ومحاولة استقطابي باعتباري ممن لا حزب لهم "أي لا ظهر لهم "وسأتجاوز على المحسوبية والوساطة اللتين ودعتاني بقوة وأنا أغادر الكلية إلى غير رجعه ..لن أتحدث عن كل ذلك ..فالغثيان يحضرني عندما أسهب في تذكر التفاصيل ولكن سأتحدث عن مخرجات ذلك التعليم العقيم والممل الذي يحاول أن ينجب طفلا معافى ليجده مشوها باستمرار..

وباعتبارك قد تحدثت عن المحتوى والإدارة وأسلوب الدراسة في مصر والذي يطابق حالنا هنا..سأقف هنا إلى جانبك, أعترف كما اعترفت أنت بأن خريج الأعلام يتخرج وهو لا يجيد كتابة الخبر مثلما لا يجيد الطبيب علاج الكحة ..وكما المهندس الذي لا يفهم شيئا عن الأبعاد أو المعلم الذي يتخرج لينتج طلابا مثله..!!

ذلك أننا نتعلم التصفيق لمن يحفظ الصفحة ورقمها ودار النشر ورقم المطبعة ونقابل باستغراب وربما عداء أولئك الذين يصرخون "لم نفهم ...نريد ذلك "!!

وأبشرك وأبشر نفسي بأن هناك اليوم توسع أفقي في عدد الجامعات يقضي متعمدا ويضيق كثيرا على مصادر ووسائل المعرفة ..ليحصر العملية التعليمية (بشهادة)حتى وأن كانت مجرد شهادة وفاه أو شهادة بالجهل الأعظم ..ما يكفينا حينها وما كنا نطمح إليه ليس سوى ورقه تعلق على الحائط لنكذب بعدها عن معاناتنا بالحصول عليها وجواز مرور إلى دخل أفضل وأطفال رائعون وبيت وسيارة وووو...

قال سومرست موم :أن العلم كائن متقلب ,ينفي اليوم ما أثبته بالأمس كما أنه يثبت اليوم ما نفاه بالأمس وهو يفعل كل ذلك مرارا لذا فالمؤمنين به يعيشون دائما معه في حالة حذر وقلق وترقب ..

وإلى أن أنصل إلى فهم نصف تلك العبارة ...لا تستغرب أبدا من قول الأرياني " أن اليمن هبة الثقافة والتنوير المصري ..."

وأمضي قدما يا أخي دون أبطاء فأما الموت وأما الشهادة....