أشرت في مقالات عدة عن الدور البارز والمذهل للمقاومة الشعبية ، والتي تشكلت في لحظة تأريخية فارقة ، لتسجل لنا أروع أسطورة وأخص بالذكر هنا الى المقاومة فى عدن والضالع ولحج وأبين وتعز ، والتي خرجت بتلقائية دون أن ترتبط بأي مصالح مادية البتة ..
هذه المقاومة الفذة الصابرة المجاهدة كانت وما زالت تقاتل وخلال أربعة أشهر ، لم يخرجها حزب أو طائفة أو جماعة ، بل خرجت تحارب الطائفية والفئوية ، هدفها السامي حماية الدين والأرض والعرض ، والتحمت كل هذه الفئات الشعبية صغارًا كبارًا ، نساء ورجالاً في مواقف تتجلى فيه عظمة الدفاع عن الحق ، أمام جحافل الحوافيش الأنجاس ، لتؤكد لنا دائمًا وأبدًا أن الباطل زاهق لا محالة مهما عظم ، وقد أثبتت المقاومة الشعبية غير المدربة بصبرها العظيم وقوة إيمانها أنها أقوى من الترسانة الحربية الهائلة ، وأثبتت كذلك دناءة وحقارة كل الألوية والكتائب والمناطق العسكرية الجرارة التي قامت بتسليم سلاحها ومعسكراتها للحوافيش في صنعاء وغيرها من المدن ، في صورة يصفها الكثير أنها ألعن من عاهرة باعت شرفها لماجن حقير ، وهؤلاء لنا معهم وقفة أخرى في موضع آخر إن شاء الله تعالى..
السؤال الذي يطرح نفسه ، بعد هذه المواقف المشرفة العظيمة ، ما هو الدور المنوط برجال المقاومة الأفذاذ بعد النصر وواجبهم المفترض عليهم ، وما يجب على الدولة فعله إزاءهم ، ثم ما هو دورهم المستقبلي ؟
نقولها وبكل صراحة : كي لا يقوم الطابور الخامس التابع للحوافيش بالعبث بالنصر المبين ، وقد رأيناه الآن يعبث به ، وبصورة تحريضية عبر الواتس والفيس بوك وقيامه بضخ الإشاعات لتحقيق مآربه في تمزيق أواصر المقاومة الشعبية ، وإدخالها في صراعات ذميمة لا تمت إلى الكفاح الوطني بصلة ، وتحت مسميات ومصطلحات كثيرة ، منها مناطقية مثل ( جنوبية ، أصحاب الضالع ، أصحاب يافع ، أصحاب أبين ، أصحـاب عدن ) ومنها ( من صاحب الشرف الرفيع بهذا النصر العظيم ، ومن الذي قدّم تضحيات أكثر ، ومن الذي قدّم أموالاً أكثر لنفقات الحرب والمقاتلين ) ، ثم يأتي بعد ذلك إلى ( تقزيم النضال العظيم تحت مصطلحات حزبية وفئوية وتجيير وتخصيص النضال لفئته أو جماعته أنهم هم المقاومة وغيرهم خونة وكاذبين ، وبكل سهولة يقوم بشطب كل المقاتلين الآخرين وإنكار دورهم النضالي بالجملة ، وكأن ميادين القتال والرباط لم تشهد لهـم معركة )
ولذلك فهذا الأمر ، ومن وجهة نظري القاصرة يمكن معالجته من خلال التأكيـــد للناس جميعًا أن النصـر لا يتحقق ، ولا تكتمل أركانه بمجرد طرد المحتل والغازي من الأرض ، بل يتم بطرد فلوله وأعوانه وخونته ، وكذلك طرد أفكاره وألاعيبه وخدائعه ، وعدم السماح له من العودة بوسائل أخرى يقودنا هو فيها إلى معركة أخرى ليس معه دون أن يخسر طلقة رصاص أو يخسر جندي من جنود ويدخلنا في صراع دام ٍ ومعارك لا تنتهي مع بعضنا البعض ، ويكون بذلك الوصول الى هدفه ..
ثم نرى أن يعالج هذا الأمر من خلال رجوع رجال المقاومة إلى أنفسهم قليلاً فقط ، وسؤال النفس وترديد السؤال مرة أخرى ومرات عديدة عند النسيان : ما الذي أخرجنا لقتال البغاة الحوافيش المجرمين ؟ هل الأرض والعرض والدين ، أم المنصب والجاه والفخر ؟ فإن كانت الإجابة الأرض والعرض والدين ؟ فهل نحن بعد ذلك نقبل على أنفسنا أن نحقق الجاه والمنصب والفخر بديلاً عن الأرض والعرض والدين ، ثم أسقط في وحل الماديات ؟! ، ثم هل ممكن للإنسان أن يضحي بحياته ويُقْتل من أجل ذلك ، ونحن نعلم يقينًا قول النبي صلى الله عليه وسلم: " من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله " ، وكذلك قوله : " من قُتِل دون ماله فهو شهيد ، ومن قُتِل دون عرضه فهو شهيد " وعقلاً هل يقبل الإنسان أن ينهي حياته لجاه زائل ، دون أن يكون رضا الله وابتغاء الشهادة في سبيل الله هدفه السامي .. وفى الجزء الثاني من المقال نشير إلى واجب الدولة نحو المقاومة بإذن الله ،،،