|
جامعة الجزائر هذا الصرح العلمي الشامخ احتفلت العام الماضي بمرور مائة عام على تأسيسها سنة 1909م , وعلى مدى العقود العشرة من عمرها استطاعت ان تضع قدما قوية بين الجامعات العربية والعالمية من خلال مواكبتها لأحدث أساليب التكنولوجيا العلمية التي طرأت على مختلف العلوم والمعارف , ونظرا للمكانة العلمية العالية التي تتمتع بها جامعة الجزائر كونها من أقدم الجامعات العربية والأفريقية والبلاد المطلة على حوض المتوسط أصبحت قبلة لألاق الطلاب سواء من الجزائر نفسها أو من الدول العربية والأجنبية , كما ان التعليم المجاني وتوفير الأكل والنقل والمبيت مجانا للطلاب الجزائريين والأجانب على حد سواء وهو ما لم يعد موجودا في أي بلد في العالم , كل ذلك جعلها مكتظة بعشرات الآلاف من الطلاب وهو الأمر الذي اطر الحكومة الجزائرية الى التفكير الجدي بتقسيم جامعة الجزائر الى ثلاث جامعات ,وحسب نص 3 مراسيم تنفيذية وقعها الوزير الأول الجزائري أحمد أو يحيى، بتاريخ 22 أكتوبر 2009 م ، ونُشرت في آخر عدد من الجريدة الرسمية، فإن الجامعات الثلاث الجديدة، وهي جامعة الجزائر، جامعة بوزريعة وجامعة دالي ابراهيم، ستكون اعتبارا من تاريخ تنفيذ المرسوم، مؤسسات عمومية ذات طابع علمي وثقافي ومهني، تتمتع بالاستقلالية المالية والمعنوية , وفي تطور لا حق وبعد ان واجهة التسميات الجديدة بعد التقسيم للعديد من الانتقادات قرر وزير التعليم العالي والبحث العلمي إلغاء أسامي الجامعات الثلاث متمثلة في كل من جامعة بوزريعة، جامعة دالي إبراهيم وجامعة الجزائر بعد التقسيم الجديد وتحويلها إلى جامعة الجزائر 1، جامعة الجزائر2، وجامعة الجزائر3 .
ان تقسيم جامعة الجزائر لم تقتصر أثاره السلبية على الطلاب الجزائريين أنفسهم بل شمل جميع الدارسين في الكليات والمعاهد والأقسام ومن بينهم طلاب بلادنا الدارسون فيها , فقد أدى التقسيم الجامعي الأخير إلى تعطيل الكثير من الإجراءات على مستوى الكليات ، حيث جمدت شهادات نجاح رسائل الماجستير والدكتوراه، الوضع الذي فوّت على الناجحين فرصة التسجيل في المرحلة الموالية وبالتالي تضييع سنة كاملة من الانتظار.
كما تسبب التقسيم في تأخر إمضاء تقارير المناقشة الخاصة بطلبة الماجستير والدكتوراه، حيث انتظر طلبة الكليات التابعة لجامعة دالي إبراهيم ككلية العلوم السياسية والإعلام وكلية الاقتصاد والتسيير ومعهد التربية البدنية والرياضية انتظروا طويلا حتى تم تحديد موعد مناقشة مذكراتهم. بالإضافة إلى تأخر توقيع وتسليم الشهادات للطلاب المتخرجين (دراسات عليا) الذين ناقشوا رسائلهم قبل 14 فبراير 2010م، الأمر الذي أدى إلى حرمان الطلبة اليمنيين في مرحلة الماجستير من التسجيل بقسم الدكتوراه، علما بان تسليم الشهادات في النظام القديم قبل تقسيم الجامعة لم يكن يستغرق أكثر من ثلاثة أيام,الوضع الحالي انعكس سلبا أيضا على الطلبة الأجانب ومنهم نحن اليمنيون الدارسون بجامعة الجزائر .
الأكيد ان الجزائر كدولة عريقة لها باع طويل في التعليم الجامعي سوف تستطيع التغلب على المشكلات التي طرأت جراء تقسيم الجامعة وتغيير أسمائها وسوف يتم تلافي ذلك على المستوى الداخلي , إلا ان الآثار السلبية التي سوف تلحق بالطلاب اليمنيين ستبدأ من ساعة إعلان التقسيم وأظنها بدأت بلا ريب , فعلى مؤسسات التعليم العالي في بلادنا سيواجه الطلاب المتخرجون لمشكلة كبيرة تتمثل في اسم الجامعة الجديد , فالطالب بعد ان كان مبعوثا لجامعة الجزائر العريقة التي مر على تأسيسها مائة عام وعام سيجد نفسه احد خريجي الجامعات المستحدثة (جامعة الجزائر، جامعة بوزريعة وجامعة دالي ابراهيم ) أو (جامعة الجزائر 1، جامعة الجزائر2، وجامعة الجزائر3) والتي لا تملك إلا عاما واحد على تأسيسها وهو ما قد يشكك في الشهادات التي العلمية التي يحملونها , مع العلم أنهم ما زالوا في نفس الكليات والأقسام والمعاهد والمراكز التي درسوا فيها منذ انتظامهم في الدارسة , هذا على المستوى الداخلي أما إذا ما رغب الطالب اليمني الحاصل الى البكالوريوس أو الماجستير لمواصلة دراسته في إحدى الدول الشقيقة أو الصديقة فان المصاعب التي تواجهه ستكون اكبر بلا شك .
الأمر مهم ويتعلق بمصير المئات من طلابنا الدارسون في جامعة الجزائر , فعلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في بلادنا التواصل مع نظيرتها الجزائرية والوقوف على الموضوع من كافة اتجاهاته , وعلى سفارة بلادنا بالجزائر ممثلة بالملحقية الثقافية توضيح الأمر برمته للجهات المعنية في الداخل , لان هذا الأمر أصبح مصدر قلق جميع الطلاب وسبب لهم حالة نفسية سيئة .
ورغم هذا كله فان الدارس في الجزائر الشقيقة سيغادرها وهو يحمل الفخر والاعتزاز لهذا البلد المضياف الذي مازال التعليم فيه مجاني الى جانب وتوفير الأكل والنقل والمبيت مجانا للطلاب الجزائريين والأجانب على حد سواء في بلد المليون ونصف المليون شهيد , مع ان هذا ليس موجود حتى في الدول الغنية ,كل ذلك رصدته في كتاب أصدرته بعنوان ( التعاون العلمي الزاخر بين شباب اليمن والجزائر ) كما ان المعاملة الممتازة من قبل الأطر الرسمية والشعبية للطلاب اليمنيين أزال عامل الغربة من نفوسهم , فاليمنيون لا يتوجب عليهم الحصول على تأشيرة لدخول الجزائر , ويعاملون معاملة الجزائريين في التعليم المجاني لهم ولأبنائهم , وكل ذلك كان ثمرة للعلاقات المتميزة التي تربط بين البلدين الشقيقين ممثلة بالقائدين علي عبد الله صالح وعبد العزيز بو تفليقه .
*باحث بجامعة الجزائر
mnadhary@yahoo.com
في الثلاثاء 06 يوليو-تموز 2010 04:24:19 م