اليمن الصريم'!
بقلم/ أحمد غراب
نشر منذ: 14 سنة و شهرين و 29 يوماً
السبت 14 أغسطس-آب 2010 11:49 م

إلى أمي الغالية: "اليمن السعيد"!

أين أنت؟!

متى تعودين؟!

آه! لو تعلمين كم نفتقدك ونحتاج إليك!

آه! لو تدرين بالحال الذي وصلنا إليه!

ربما تتذكرين كم كانت قلوبنا رقيقة وأفئدتنا لينة وكم عقولنا حكيمة!

لو سمعت شكاوى المظلومين لساحت دموعك أنهارا!

القوي يأكل الضعيف، والكبير يلتهم الصغير.

وفينا الفاسدون والمتهبشون والمعتدون والنافذون.

هل كنت تتصورين يا أمي أن يأت يوم على أبنائك يحملهم الفقر على المتاجرة بأعضائهم للحصول على مبلغ من المال.

هل كنت تتخيلين أن يأتي اليوم الذي يُهرِّب فيه الأب طفله عبر الحدود للحصول على مبلغ يعينه على المعيشة؟!

هل كنت تتصورين أن يأتي اليوم الذي يبحث فيه الفقير عن قطعة كرتون ينام عليها بينما يحوش الفاسد عشرات اللبنات من الأراضي؟!

لقد بعنا كل أشيائنا الجميلة بأبخس الأثمان، بعنا ثرواتنا وتاريخنا وآثارنا، بعنا مستقبل أحياءنا وتراب أمواتنا.

فلو رأيت ما آلت إليه زبيد مدينة العلم والعلماء لنحت عليها كما تنوح الأرامل على أزواجهن!

ولو رأيت الآثار التي تم تهريبها لتمنيت أنك لم تنجبينا.

ربما تتذكرين يا أمي أننا كنا نتحكم بخارطة التجارة العالمية وأننا كنا أولي شدة وبأس، وكنا نحرس الجزيرة العربية، وكنا نصدر البن والبخور واللبان، وكنا عباقرة في شتى العلوم وأصنافها!

لقد أصبحنا كثيرين جدا، ولكننا كغثاء السيل، نأكل مما لا نزرع ونلبس مما لا نصنع، ونعيش على المساعدات والمنح المشروطة!

صرنا مستهلكين بعد أن كنا منتجين.

ثلاثة وستون بالمائة منا يعيشون تحت خطر الفقر.

قلة منا فقط يعيشون بترف ورفاهية.

ربما تتذكرين كم كانت أرضنا مبروكة، تزرع كل أصناف الحبوب!

لقد ذهبت الخصوبة من أرضنا، وأصبحت أرضا بورا، نجرعها شتى أنواع المبيدات والسموم والأسمدة.

لم نعد نزرع فيها سوى القات وشيء من الفاكهة والخمط والسدر.

وسار من كل شيء أحسنه، ذهبت شتلات البن ومزارع العنب، وأصبحنا نستورد البن البرازيلي والزبيب الصيني.

لقد تبدلت الجنة وأصبحت كالصريم.