بادئ ذي بدءٍ، اجتمع السفراء والمعنيون وأرادوا صياغة مستقبل اليمن بعيداً عن المؤسسات الدستورية وعن وحدة الشعب، وكان لديهم تصور، فأقروا تثبيته عبر سيناريو طويل اسمه "مؤتمر الحوار" وأضافوا إليه عبارة "وطني"، وهو بحسب الكثير من الشواهد ليس مؤتمر حوار ولا وطني، بل إطار لإقرار تصور جاهز.. وكان التجمع اليمني للإصلاح قد وعد اليمنيين ووعد قواعده بمستقبل زاهر مستقر.. وبالتالي فإن قبوله بتمرير مخطط خارجي أو تمزيقي سيكون نوعاً من الخيانة، وإن كان الأقل مرارة حسب حسابات الفترة التي كانت عوامل الحرب الأهلية فيها تهدد كل شيء.
ثم ماذا بعد؟. أقرت لجنة الحوار تقسيم اليمنيين إلى شمال وجنوب وفرضت ذلك على الإصلاح، مع أن الإصلاح عاهد الشعب اليمني على الحفاظ على وحدته ومصلحته العليا.
ثم ماذا بعد؟. أدخلوا الإصلاح في الحوار كأقلية لا تساوي 10% وهو أكبر حزب على الساحة الوطنية، يفترض ألا يقبل بأقل من 30%، لكنه استمع منهم إلى تطمينات شفهية.. ليجد نفسه أمام مؤتمر الحوار أقلية لا تستطيع فعل شيء.. والاشتراكي غول يمثله أكثر من 150 عضواً بين حوثي وحراكي ومنظمات ونساء ورجال وشباب..
بدأت القضية بتنصل جناح الشيخ عبدالمجيد الزنداني من الحوار والتحذير منه، ما يعني أن الإصلاح ابتعد عنه جزء مهم من شوكته وقاعدته القوية.. ثم لا يزال يمشي باتجاه الحوار تحت ضغوطات السفراء المنقذين في الأمس والأوصياء اليوم.
وبتنصل الشيخ حميد الأحمر وهو يمثل جناحاً واسعاً داخل الحزب، يكون الإصلاح قد وضع قدماً هنا وقدماً هناك، فهو ليس مطمئناً لمؤتمر الحوار البتة، ولكن عليه أن يدخله.. وعليه أن يفعل ما استطاع..
لابد وأن الإصلاح قد أدرك أنه لن يفعل شيئاً إلى جوار العائلات المقدسة التي دخلت الحوار من أبواب عدة، وأصبح عدد من سيشجعون الحوثي والانفصال يصل إلى 200 عضو..
لقد تحدث الشيخ حميد الأحمر في الوقت المناسب ومن المنطلق المناسب، الذي منه تجاهل أبناء محافظة صعدة وتسليمها لجماعة مسلحة خارجة عن الدستور والقانون تتأهب لاقتحام العاصمة.
وللتذكير فإن حميد الأحمر من أوائل من خرجوا على الرئيس السابق، وهو أول سياسي ينادي علانية من على منبر الجزيرة في 2009 تقريباً بتنحي صالح وتسليم السلطة إلى الرئيس عبدربه منصور هادي.. وأياً كانت دوافعه اليوم إلا أنه قد اختار الموقف المناسب والتوقيت المناسب.
وسأنقل ما قاله المفكر والقيادي في الإصلاح أحمد قائد الأسودي بعد قراءة قائمة الأسماء أمس:
"الرابح الاكبر في قائمة المتحاورين هم الحوثة ومن يمثلهم وبالتالي فمشروع الحوثي هو المنتصر ولكل مجتهد نصيب فمشروع الهيمنة التاريخية المتوارثة منذ قرون وحتى اليوم سيكون النصر له انها الخبرة التاريخية بعمق القرون في مواجهة مجاميع حديثي العهد بالسياسة وثقافة الحكم فالف مبروك على مقدرتهم الهائلة مقدما".