المغترب.. حكاية شوق
بقلم/ عرفات تاج الدين
نشر منذ: 12 سنة و شهر و 4 أيام
السبت 13 أكتوبر-تشرين الأول 2012 10:17 ص

الوطن ذلك الروح الهائمة البعيدة التي تسكننا في كل المنافي , تعانقنا في كل الدروب تسكن فينا ولاترحل عنا حيث ما كنا نحمل عبير ونسيم تراب اليمن الغالي , لاعشق ولاهوى ولاموئل للفؤاد غير تلك الأرض البعيدة مسكن الروح والجسد وموطن الحب والعاشقين ,المغترب اليمن يرقب اليمن من زاية خليط بين الحذر والخوف والأمل لكن هناك ثابت أزلي هي الوفاء لهذه الأرض التي تستحق الحياة الكريمة والبقاء كحلقات ممتدة لحضاراتها الست حمير وقتبان واخواتها .

اليمن والهجرة قرينان منذ القدم , بعد انهيار سد مارب هاجر اليمنيون الى كل اصقاع الأرض فكانت العرب يمانية الاصل والهوى وان اختلفت المشارب , تختلف ظروف الهجرة لكن طلب الرزق هي المهمة الغالبة في كل الظروف , يحكى في الاساطير ان الله حين وزع الرزق بين الخلق لم يقنع الجد الأول لليمنيين فشتت الله رزقه في أصقاع الأرض فترى اليمني يحمل الحقيبة وجواز السفر في كل القتاد والفيافي حاملاً رسالته الى العالم , يبلغ عدد المغتربين اليمنيين في العالم اكثر من 3 مليون يمني يعملون في حقول مختلفة مابين العمل والتعليم وغيرة ,يساهم في إعالة اكثر من ثلث سكان اليمن يعطيه اهمية كبرى على الدولة ان تأخذه بالحسبان وتجعله في سلم الأولويات التي تحتاج الكثير من العناية والاهتمام في المرحلة القادمة .

معاناة المغترب اليمني حديث يحمل طابع الاسى والكفاح والإصرار على مواصلة مشوار الحياة المليء بالكثير من المطبات والمتاعب خصوصاً في غياب معنى الوطن بالمفهوم المفاهيمي الكامل وذلك بالمكان الذي ترى فيها مصدر عيش كريم وكرامة في آن واحد , غياب التعليم الاحترافي والخبرات اليمنية بشكل كبير يمثل عائقاً في تقدم المغترب اليمني بشكل عام الا نسبة قليلة التي تتوافر فيها مواصفات العمالة الماهرة, بينما نرى مثلا العمالة اللبنانية تتمتع بكثير من الامتيازات مما جعلا محل طلب كل الدول التي تتوفر فيها فرص الأعمال وذلك لوجود احترافية بين هكذا نوع من انواع العمالة , غياب الدولة الراعية التي تحمي سيادتها وتحترم مواطنيها تحت اي ارض واي سماء جعل من المغترب اليمني عرضة للاهانة والتنكيل في خميس مشيط والشريط الحدودي مع الجارة العربية السعودية مثلاً , هل كان بالإمكان ان يتجرأ مجموعة من الجنود ان تنتهك كرامة يمانيون على حدود بلادهم , النظام السابق جعل البلاد والعباد رهينة مشاريعه الصغيرة من توريث وجعل من البلد سجن كبير او مثلما يصفه الدكتور عبدالعزيز المقالح سفينة يقودها قراصنة الى اين سيقودونها بالطبع الى المجهول , ربما الدول بالترسانة العسكرية تخلصت من قراصنة البحار فمتى تتخلص من قراصنة الأوطان.

الاقتصاد اليمني يمر بمرحلة ركود كبير نتيجة الاحداث التي رافقت ثورة الشباب السلمية وكان للمغتربين الصدارة في دعم هذه الثورة بالمال والسند البشري ايضاً , حسب إحصائيات حديثة حولي 2 مليار دولار تحويلات المغتربين الى داخل الوطن وهذا ربما ساعد البلد كثيراً خلال الثورة من ان تصل الى مرحلة الإفلاس او لاسمح الله المجاعة , الاقتصاد الوطني يعاني من شحة الموارد وانخفاض معدلات تصدير النفط وشحة المياة الطبيعية وغيرها لذلك يبقى الدخل الذي يأتي من ما وراء الحدود مهماً جدا للحفاظ على الاستقرار , سمعت الرئيس هادي يتكلم عن ان ما يملكه المستثمرون اليمنيون خارج الوطن كرجال أعمال يبلغ حوال 130 مليار دولار وهذا رقم مهول وكبير بالنسبة لميزانية الدولة اليمنية حيث يساوى 15 ضعفاً بالنسبة لموازنة الدولة التي لاتتجاوز 10 مليارات دولار , ماذا لو عادت هذه الطيور المهاجرة وضخت جل أموالها في الاستثمار في الوطن ربما لن نحتاج ن نستجدي احد و نقترض تحت شروط مذلة من البنك او صندوق النقد الدوليين لكن هذا يتأتى من خلال توافر الإرادة والعمل على رفع معدلات النمو وتسريع مسيرة التنمية المتوقفة لسنوات للحاق بركب الدول .

تبقى معاناة المغترب اليمني في كل بقاع الأرض في عدم وجود اتفاقيات عمالة محترمة وقانونية تحترم حق العامل وتراعي قوانين البلد المضيف , في عدم تحرك أجهزة الدولة في حال تعرض اليمني خارج الوطن لمشكلة ما, في عدم وجود إرادة سياسية لانتزاع سيادة القرار ليصبح وطنياً وطنياً بالدرجة الأولى والخرج من عباءة صراع القوى الكونية الكبرى والتي تتعامل بدونية وبرجماتية مذلة مع شعوب العالم الثالث , في ماليزيا مثلا يعاني المغترب اليمني من مشاكل لانهائية بسبب غياب آليات عمل تنظم سير الهجرة والزيارات بين البلدين , لقد نام اليمنيون على هامش الأمم والتاريخ كثيراً وان الأوان للدولة الجديد وكلنا ثقة بالقيادة المحترمة والنزيهة ممثل بالمشير هادي ورجاله الأستاذ باسندوة واللواء القهالي في تأسيس مفهوم جديد وأدبيات حديثة للتعامل مع المغترب وربطة بوطنه الأم مما يشجعه بالاستمرار ومواصلة الجهد لمافية خدمة البلد وثورته وأبناءه , مابين الواقع المر والأمل المرسوم في الأفق حكاية شوق وحنين للوطن تتجدد وتتعمق كل يوم كسيمفونية حب خالدة .    

مشاهدة المزيد