اقتحام الداخلية والعرقلة على المكشوف !!
بقلم/ مصطفى راجح
نشر منذ: 12 سنة و 3 أشهر و 15 يوماً
الأربعاء 01 أغسطس-آب 2012 11:59 م

أرسل صديقي في نييورك مسودة القرار الذي تقدمت به الجامعة العربية حول سوريا ، وفي الفقرة التاسعة وردت مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة للعمل على بلورة اتفاق لنقل السلطة عبر عملية سياسية ، فأرسلت لصاحبي نصيحة يقدمها لأي سوري او محب لسوريا وحريص على نجاح ثورتها ان يحذروهم من العنوان البراق لنقل السلطة عبر العملية السياسية ؛ فالمسألة تبدأ بسيطة وجاذبة وبكلمتين ؛ الرجل قبل التنحي ؛ امنحوه الحصانة ومكنوه من الخروج ؛ اجلسوا معه للتفاوض حول ذلك ، واذا الكلمتين تصبح مبادرة تتبدل صيغها وبنودها حتى تصل الى النسخة الخامسة بعد التعديل ، كما تحدث محمد اليدومي بفخر ! .

واذا بالمبادرة تتبعها الية مزمنة ، وذا بالزعيم الذي وقع على التنحي والخروج من السلطة وحصل على الحصانة وعطفها في جيب الكوت الداخلي ، يعود مجدداً من أول وجديد للعمل السياسي ورئاسة الحزب الشريك في السلطة ويقود ثورة مضادة مستنداً الى كونه مركز نافذ وابنه في الجيش ، وأمواله المنهوبة من الخزينة العامة لم تمس وحريته في الحركة مطلقة ودرع الدوري يحضر الى منزله وله صحف وقنوات وعمليات واتصالات وتحالفات ، والشهداء في ذمة الله ، ومئة وثلاثة وسبعين شاب من شبابالثورة مختطفين يقضون رمضان في سراديب وسجون اجهزة أمن الحكومة الانتقالية !!

أمس الثلاثاء أعادنا مشهد إقتحام وزارة الداخلية الى مرحلة ما قبل التوقيع على التسوية ، والحدث ليس عفويا بالطبع وسوف نشهد احداثاً مشابهة طالما الرئيس السابق سلم السلطة على السطح ، وعاد ليقود معركة استردادها تدريجيا تحت السطح انتظارا للحظة العودة الكبرى عقب انتهاء المرحلة الانتقامية من الشعب وثورته .

آخر نكتة تداولها الساسة في الأسابيع الاخيرة هي الاشتراطات أو المقترحات عن خروج العشرة من اليمن.

وكأننا أمام نفس الحاكم المثور عليه والمتشبث بالسلطة ، ويناور ويشترط للخروج ، وهو هنا خروج من مركز النفوذ المعرقل الذي يشكله حضوره في صنعاء ، وليس خروجاً من اليمن .

حادث وزارة الداخلية مضافاً الى حالة الاسترخاء في مسار هيكلة الجيش واستعادة الدولة لتكون كل مؤسساتها تحت ادارة السلطة الجديدة التي أفرزتها التسوية ، هذا الوضع يتطلب من كل اليمنيين في السلطة القائمة والملايين التي خرجت لتطالب بالتغيير ؛ يتطلب وقفة جادة وسريعة قبل ان نصل الى نقطة لا مجال فيها لإنقاذ التسوية والتغيير الذي رهن بنجاحها .

الحرب الاهلية التي بررت التسوية يتجنبها ستكون خيارا قائما فيما لو استمر الرئيس السابق في عرقلة المرحلة الانتقالية ، وحينها سيتأكد الجميع ان إجهاض مسار ثوري يجعل المجتمع يدفع تكلفة اكبر ويفتح أمامه أبواب الحرب الاهلية بدلا من ان تكون التسوية باباً لنقل السلطة عبر عملية سياسية سلمية ، فالمجتمع الذي صحى مع الثورة ورفع سقف مطالبه ، من الصعب ان يعود الى نفس الوضع القديم ، ولن تفلح الثورة المضادة في إرهابه وتشتيت وعيه ، ففي نهاية المطاف سيخرج الشعب وربما تكون انتفاضته بشكل مختلف وغير قابل للسيطرة وربما نحو الجميع.

نعود لوزارة الداخلية واكثر ما يستفز في اقتحامها ليس فقط دلالة المعرقلين للتسوية المتوارين عن الأنظار ، بل أيظاً أداء الحكومة التي خرج وزير داخليتها ليستنجد برعاة المبادرة في تصريح يغطي به عجزه وضعفه .

كان المفترض بالوزير ان يترك التواصل برعاة المبادرة كمرحلة أخيرة امام القيادة السياسية بعد ان يؤدي دوره وتؤدي السلطات دورها ، لا ان تفتح الوزارة لمن نهب محتوياتها وأهان الحكومة .

كان المفترض ان لا يذهب وزير الداخلية الى اجتماع مجلس الوزراء ، بل يذهب للدوام والإقامة في غرفة العمليات ومقاومة الخارجين عن القانون الذين هاجموا وزارته ؛ وإصدار الأوامر للأمن المركزي والأمن العام والأجهزة التابعة للوزارة لتعزيز مقر الوزارة وضبط المهاجمين ، ولو رفضت أوامره ؛ يرفع الامر لرئيس الوزراء ورئيس الجمهورية مرفقا بالمقترحات لتغيير المتمردين الرافضين لأوامر وزير الداخلية .

امام اليمن مهمة استثنائية في تحقيق الانتقال الحقيقي للسلطة عبر المرحلة الانتقالية التي استهلكت ستة اشهر من مدتها ، وهذه المهمة تواجه الان بثورة مضادة منضمة لعرقلتها واجهاضها ، ومواجهة مراكز النفوذ التابعة للمعرقلين مهمة أساسية امام السلطة الانتقالية اولاً ومن ورائهم الشعب الذي سيكون الداعم الاكبر ، وفي آخر قائمة المعنيين بمواجهة المعرقلين يأتي رعاة المبادرة ومجلس الأمن ، ذلك ان تراخي الأطراف المعنية في الداخل ، سيؤدي بالضرورة الى ضعف رد الفعل المساند من قبل الخارج.

السلطة بيد الرئيس ومعه الحكومة وبيده تحديد مركز النفوذ المعرقل وإصدار القرارات اللازمة لأبطال خطره مستندا للمصلحة الوطنية العامة والسلطة المفوضة له من الشعب ، وسيكون الجميع معه مثلما خرجوا بالملايين لتفويضه شعبيا في فبراير الماضي ؛ وربما لا يوجد متسع من الوقت للتأخير في قرارات الرئيس الكبيرة والعميقة التي أشار اليها في اخر خطاب له قبل رمضان .