ثعابين الزعيم وقرارات الرئيس... ولكن؟؟
بقلم/ منال القدسي
نشر منذ: 11 سنة و 10 أشهر و 25 يوماً
الأحد 23 ديسمبر-كانون الأول 2012 08:07 م

يعيش الجسد اليمني حالة من التمزق لم يشهدها في تاريخه المدني والعسكري وهذه الحالة من التمزق هي الإفرازات الكريهة التي نفثتها 33 عاماً من البرع على رؤوس الثعابين .. فقد أستطاع الزعيم خلال فترة حكمه الممتدة كأفعى سامة من تربية ثعابين وأنفق على تربيتها مئات المليارات من عرق الشعب اليمني.. تلك الثعابين صنعها وتمكن من تربيتها على قيم وسلوكيات رخيصة.. كيف لا وقد اختارهم من ذوي التربية المنقوصة.. تلك الثعابين تحمل رأسها في ذُل أمام الزعيم في حين تبرز لها الأف الرؤوس للفتك بالشعب وإبتلاع المال العام والمال الخاص .. الزعيم وهو يربي تلك الثعابين غيّـر مفهوم المنصب والمسؤولية وحول المناصب الى تشريفات ومكافأت وشجع كل الممارسات الدنيئة والمشينة وأشاع الفساد .

كان الزعيم تغمرهُ السعادة والأنس وهو يبترع على رؤوس تلك الثعابين وقد عينهم في مناصب قيادية وهم عاجزون عن قيادة بهيمه .. فجعلهم فوق القانون وفوق الأنظمة ، وأخذت تلك الثعابين تنهش في الجسد اليمني شعباً ووطناً وتنفث سمومها دون رحمة على جدران صمت هذا الشعب المغلوب على أمره .. أما عن هوية تلك الثعابين فحدث ولا حرج فهناك ثعابين زيدية وثعابين برغلية وثعابين حوثية وثعابين حراكية وثعابين حزبية وثعابين كل يوم بهوية .. ولعل من المهم هنا التعمق في الحديث عن الثعابين البرغلية لعنة الله عليها .. فكل ثعابين الزعيم تعمل لنفسها ولأبناء مناطقها وان كانت تنهش في أجسادهم وبمستقبل أبنائهم .. أما الثعابين البرغلية فقد أختارها الزعيم من فصيلة رديئة ووقحة تتحمل اللطم والركل والدهف دون حياء .. وبالمناسبة فأن مسألة اللطم في بلادنا لها شأن مختلف فكم هي كبيرة ان يُصفع شخص وتعتبر كسر شرف والغريب انه على قدر حجمها من الإهانة والتعقيد فإن حلها من أسهل الحلول ، كبش هَجرّ والمسامح كريم .. واللي معه كباش كثيرة يُلطّم بقدر عددها وان كانت في بعض اللطمات تتطلب ثور هَجرّ المهم بالأخير الهَجرّ.

الثعابين البرغلية ثعابين منقوصة ، أنيابها لا تبرز إلا على أبناء مناطقها الذين لا يحظون من تلك الثعابين إلا بمختلف أنواع الضررّ .. كيف لا وقد أختارها الزعيم بتلك المواصفات وعلى رأسها قابليتها للطم والسحب.. وبشكل عام كافة ثعابين الزعيم وسخة ، نتنة و جبانة تحتمي بمناصبها وكراسيها وهي تتفنن في نهب المال العام والفساد تحت مظلة الزعيم.

الشعب والبلاد عانوا من تلك الثعابين وذاقوا مالم يذقه شعب من جبابرته في العصور الوسطى .. وأوصلوا البلاد إلى حافة الانهيار أخلاقياً وإقتصاديا وأمنيا .. ولم يرحموا فقيراً أو مريضاً أو طفل او إمرأة .. فأشاعوا الفوضى والفساد في البلاد ومزقوا الوحدة الوطنية وأدمنوا السلطة وباعوا واشتروا بالذمم واستباحوا البلاد والعباد.

وقد يتساءل البعض لماذا تعمدت الحديث عن الثعابين البرغلية وجردتها من أي ميزة أو مرجلة لأن الواقع هكذا فلا يوجد إنسان شريف يقبل على نفسه ان يكون أفعى لغيره أو على غيره ولا يوجد إنسان وطني ومخلص يقبل أن يكون كلب حراسة لسيده .. السيادة للشعب وللوطن .. الكثير من البراغلة ومنذ ثورة 26 سبتمبر نُكل بهم وتم تصفيتهم وزج بهم في السجون وكان ذنبهم أنهم مخلصون لوطنهم وشعبهم يرفضون كل أنواع الإبتذال والعصبية المذهبية والطائفية والمناطقية ... ومايزال الكثير من البراغلة ( العسكريين ) الأفذاذ والمشهود لهم بوطنيتهم يعملون بصمت من أجل هذا الوطن ولكن كما تجاهلهم نظام الزعيم فأنه يبدو حتى الآن وبالرغم من التغييرات التي تحدث فمازال براغلة تعز العسكريين من المغضوب عليهم فلم نسمع ضمن القرارات الرئاسية الأخيرة بتعيين قائد عسكري برغلي ولو من باب المجاملة للبراغلة والذين لم يبخلوا بدمائهم وأرواحهم في كل ساحات الثورة في الجمهورية اليمنية.

جاءت الثورة الشبابية الشعبية وتنفس أبناء هذا الوطن الصعداء وعقدوا الأمل برحيل سفهاء الثعابين ولكن شيء من هذا القبيل لم يحدث فالثعابين مازالت في أماكنها والزعيم مازال يبترع فوق رؤوسها .. ودخلت القسمة والتوافق ، وعادت الثعابين بوقاحتها المعهودة لتواصل مسيرتها في نهش جسد اليمن وتمزيق الوحدة الوطنية .. والتوافق مع الفاسدين مفسده.

بالأمس تنفس الشعب اليمني وشباب الثورة الصعداء مع أول قرارات حقيقية لتوحيد الجيش .. توحيد الجيش وإعادة بناءه على أسس وطنية هو الوحدة الحقيقية لليمن .. ولكن السؤال توحيد الجيش وتعيين القيادات لم يأتي بوجوه جديدة وليس معنى ذلك أننا لا نتقبل الوجوه القديمة ولكن مطلوب ان تظهر وجوه جديدة ولو بنسبة 50% من التعيينات المعلنة والتي سيعلن عنها في الجيش .. هل الجيش اليمني لا توجد فيه كفاءات إلا تلك الكفاءات التي اكتشفها الزعيم والكل يعلم الأسس التي كان يبني الزعيم خيارته لتعيين القادة .. وإذا كانت المسألة تغيير كراسي فأن التغيير لا يدعوا للتفاؤل.

قرارات الرئيس عبده ربه منصور هادي هي مقدمة لنزع أنياب الزعيم .. وقد عقب صدور تلك القرارات إرتياح شعبي عام ، وساد الشارع اليمني التفاؤل بدخول البلاد عهد جديد ، ولكن هذا التفاؤل مايزال يشوبه الحذر .. فهيكلة الجيش ينظر إليها الكثير ان تشمل تطهير الجيش من القيادات الفاسدة وإعادة الاعتبار للمؤسسات العسكرية كمؤسسات وطنية وبما يساعد على بناء الثقة في الجيش اليمني وإعادة هيبته التي فقدها على مدى 33 عام من حالة التدهور التي شهدتها مؤسسات الدولة بما فيها المؤسسات العسكرية والأمنية.

صدرت قرارات الرئيس هادي ومازلنا ننتظر نتائجها على أرض الواقع ونطالب الرئيس هادي ان يأخذ بعين الاعتبار القادة العسكريين البراغلة لان تجاهلهم يعطي مؤشرات قد لا تكون مريحة وبنفس الوقت تضع علامات استفهام حول طريقة تقاسم القيادات العسكرية التي وصفها البعض بأنها مازالت تفوح منها رائحة المناطقية الأمر الذي لا نتمناه في هذه المرحلة التي يفترض ان تغير من سياسة الإقصاء والتهميش على أساس مناطقي التي انتهجها الزعيم ونظامه خلال فترة تربعه على السلطة في اليمن.

أذاننا تواقة ان تسمع قرارات تعيين قادة براغله في القرارات الرئاسية المنتظرة من الرئيس هادي في إطار قرارات إعادة هيكلة الجيش ولو من باب جبر الخاطر للبراغلة .. والرئيس هادي يعلم يقينا ان هناك قادة عسكرييـن براغلة يشرفون وجه الجيش فهم عسكريين معروفين بانتمائهم الوطني وحبهم لوطنهم دون تمييز ، عسكريين يتمتعون بالأخلاق العسكرية النبيلة ومشهود لهم بالقدرة العسكرية والشرف العسكري.

البراغلة عانوا لفترات طويلة من نظام الزمرة والطغمة وكانوا بين فكي الكماشة فلا هم سلموا من الزمرة ولا رحمتهم الطغمة في صنعاء التي صفت الشرفاء من أبناء محافظة تعز تحت ذريعة تعاطفهم مع الزمرة في جنوب اليمن فقد أذاقتهم أحط أنواع التعذيب والتي غالباً ما كانت تنتهي بالتصفية الجسدية العلنية والسرية.. ولعل أشهرها كانت تصفية مشائخ واعيان تعز في أحداث الحجرية والتي تسبب بها عبدالله عبدالعالم عندما فرّ من صنعاء الى الحجرية ليعطي مبررا للزعيم لتصفية مشائخ واعيان محافظة تعز وتبعها تصفية كل القيادات العسكرية والأمنية المنتمين لمحافظة تعز .. ليبرز بعد ذلك بعض سفهاء تعز ناعتين أنفسهم بأعيان ومشائخ تعز .. وكان اختيارهم من الزعيم موفق عندما اختار معظمهم وأعطاهم المشيخة والرتب والمناصب وحولهم إلى ثعابين لقاء دم آباءهم او إخوانهم الذين صفاهم.

إستدراك: أتصل بي بعض القراء معاتبين على استعارة كلمة براغلة / لغالغة .. والتي يعتبرونها بمثابة كلمة ذم في حق أبناء محافظة تعز .. وأقول لهم نعم .. من أطلقها قصد بها الذم أو إستفزاز المشاعر وطالما هي كذلك فلنا الحق المفاخرة بها واستخدامها بزهو ولا ضير في ذلك فاستخدامها بات بالواقع يستفز من أطلقها على أبناء تعز .. فإذا كان الإنسان المتحضر المتعلم المدني برغلي فلنا الفخر بهذه التسمية.....

كلمة أخيرة إلى الأخ الرئيس عبده ربه منصور هادي:

لقد جئت إلى الرئاسة بخيار شعبي حرّ .. فأنت رئيس اليمن بكل محافظاته ومديرياته ونواحيه وقراه .. نعلم حجم التحديات التي تقف أمامكم ولن تتغلبوا عليها إلا بدعم ممن اختاركم دون استثناء لبناء اليمن الجديد .. يمن الدولة المدنية الحديثة ولتكن الرئيس التاريخي الذي سيغير تاريخ اليمن الحديث ويضعه بالمكانة التي تليق به بين دول العالم .. ولن يتسنى لكم ذلك إذا تركتم لمن عبثوا بهذا الوطن ومقدراته وسفكوا دماء أبناءه مكانا .. اليمن فوق التوافق وفوق كل المبادرات والله معكم.

مشاهدة المزيد