لم أكن متفائلا بمؤتمر الحوار الوطني وقدرته على إخراج اليمن إلى بر الأمان والدولة المنشودة , والتي كان يحلم بها شهداء جمعة الكرامة بسبب بعض قوائم المتحاورين , أو لنقل بسبب بعض ممثلي بعض قوائم المتحاورين المتهمين بارتكاب جرائم قتل وانتهاك حقوق الإنسان في حق شباب الثورة الشبابية الشعبية السلمية , وبالأخص يوم جمعة الكرامة , لكن موقفين اثنين غيرا الكثير من تشاؤمي وبعثا عندي نوعا من الأمل بان القادم أفضل , وبأننا نلج إلى يمن جديد تنتهي فيه الفردية , وتذوب فيه النزاعات الأسرية والسلالية.
الموقف الأول : قيام أفراد ومنتسبي اللواء " 31 " مشاة واللواء الأول مدفعية في محافظة صعده بطرد نائب رئيس هيئة الأركان للقوات البرية اللواء مهدي مقوله عند محاولته نقل تحيات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح لمنتسبي اللواءين وقذفه بالأحذية كما نقلت التقارير الإخبارية في إشارة منهم على رفض الماضي بكل مخلفاته , وأدواته , وسياسته , وثقافته , إذ يعتبر الرجل أداة من أدوات نظام المخلوع , ومروج من مروجي ثقافته , وأحد حملت مباخره , وهذه الرسالة بالغة الدلالة لمن لا يزال يحلم بعودة الماضي البغيض , أو يعيش هواجس لعل وعسى , فان يأتي الرفض من قبل كاتب وألوية الجيش لكل ما يتصل بنظام المخلوع فذاك علامة من علامات انتصار الثورة ومظهر من مظاهر القطيعة مع الماضي.
الموقف الثاني : والذي لا يقل أهمية موقف رئيس الهيئة العلياء للتجمع اليمني للإصلاح عندما تحدث بلغة الواثق بالنصر , وبمنطق المعترف بوجود ثغرات , وبرؤية المتفحص للأمور والحكيم المدرك للمستقبل عندما قال : ان الدعم والتأييد الخارجي قل أو اكبر لا يمكن ان يساعد من لا يريد ان يساعد نفسه وأن ينتصر من لا يريد ان ينصر شعبه , مقدرا مواقف المستنكرين لمشاركتهم بمؤتمر الحوار الوطني بحضور القتلة قائلا "قد تستنكر مشاركتنا في هذا المؤتمر بحضور قتلت ما يقارب الألفين من شبابنا وشاباتنا الذين حرضوا بحساسة على قتلهم , وخاضوا في دمائهم وغابت ضمائرهم عند إقرارهم على ذلك نقول لمن يستنكر موقنا هذا إن تلك الدماء الزكية , والجراح الطاهرة لن تذهب سدى , ولن يضيع حق وراءه مطالب ... فالقضاء العادل بيننا وبينهم طال الزمن أو قصر"
وأضع ثلاث خطوط تحت كلمة " إن الدماء الزكية , والجراح الطاهرة , لن تذهب سدى , ولن يضيع حق واراء مطالب ... فالقضاء العادل بيننا وبينهم طال الزمان ام قصر" , وهذا ما يبعث على الاطمئنان , ويوحي إلى أن قادة العمل السياسي في أحزاب المشترك ليسوا بالسذاجة التي نتصورها , فأحزاب يرأسها اليدومي , والدكتور ياسين سعيد نعمان , والأستاذ سلطان العتواني جديرون بالثقة , وبعدم تنازلهم , أو تفريطهم بقطرة دم واحدة سقطت أثناء الثورة , وبعدها , وقبلها على يد ظالم غشوم.
وعليه فيجب علينا ألا نفرط في التفاؤل بمؤتمر الحوار الوطني , وبالمقابل أن لا نفرط في التشاؤم , وعلى الجميع تشكيل رقابة ثورية , وشعبية مساندة لقادة أحزاب اللقاء المشترك , ومراقبة لأي انحراف في مسار الحوار الوطني تحرفه عن تحقيق أهداف الثورة , والتي كان يحلم بها شهداء مجزرة جمعة الكرامة.