الرئيس الأسمر.. تغير الشكل ولم يتغير العقل
بقلم/ ابو الحسنين محسن معيض
نشر منذ: 13 سنة و 4 أشهر و 5 أيام
الأحد 10 يوليو-تموز 2011 05:40 م

أخيرا قطعت الرياض قول كل محلل سياسي وأنهت أزمة التكهنات والتوقعات وسمحت بظهور الرئيس اليمني على الملأ بعد أن وصلت عمليات التجميل إلى الحد الذي يسمح بوقوفه أمام كاميرات طالما تأنق أمامها وتهندم.. وتم بذلك قطع كل الأقاويل القائلة بموته أو بعدم قدرته على الوعي والحركة, فتيقن الجميع أنه ما زال حيا وقادرا على الكلام والتحرك.. ومع هذا الظهور يتبين لنا جديا مدى تمسك الرياض به كرئيس لليمن من خلال بث خطابه بصفته الرئاسية من على أرضها ضاربة عرض الحائط بمشاعر ملايين اليمنيين المطالبين بإسقاطه وعدم عودته وهو أمر قد يجعل الثوار يضعون المملكة في كفة الرئيس ضد شعب أراد لنفسه الحرية والكرامة.. وخطابه قد كسر حاجز الصمت واخترق سد السرية كاشفا عن حالته الصحية منهيا كل جمود اعترى مسيرة الثورة طوال شهر كامل مما سيجعل الحياة تدب في أوصال الثائرين.. ويبدو من خلال حالة الرئيس التي ظهر بها مدى قوة الضربة وآثارها على جسده ونفسيته.. فقد غطى رأسه بشماغ تم ربطه على طريقة أهل جنوب المملكة ليخفى فروة الرأس المحترقة وربما المتآكلة تماما وأخفى تنسيق العمامة الأذنين وقد بدأ واضحا تأثر اليمنى منهما وربما عدم وجودها.. كما ظهر تضرر الصدر والظهر من خلال طريقة الجلوس وحشو المقدمة بالقطن والشاش أو غيره من الروابط الطبية التي تشد الجسد ليبدو مستقيما.. وبدا جليا تضرر اليدين, وأما أسفل جسده فلم نره ولكن من المؤكد إصابة القدمين بضرر كبير كذلك..

ولاحظ الكثيرون اسوداد وجهه وبياض عينيه مما يجعلهم لا يستطيعون تخيل ما مر به علي صالح من هول ما يرونه أمامهم عبر جسده الذي استهلك 8 عمليات جراحية ليظهر فقط بذلك الشكل المتهالك أمامنا فكيف كان قبلها؟!! كما بين الانقطاع المتكرر لعملية التصوير المدى الذي يعانيه في عملية التنفس وتماسك الجسد وضبط حالة الجلوس وتلعثم اللسان فكل ذلك استدعى إعادة التصوير لأكثر من مرة ولا يخفى ما قام به أهل المونتاج والقطع واللصق من جهد في إخراج هذه الكلمة بالشكل شبه المطلوب.. وبالمرور على كلمته التي ألقاها مخاطبا شعبه بعد إشرافه على الموت لا نجد أي تغيير في مستوى وفحوى الخطاب فكأنما هو يقف في ميدان السبعين بعد صلاة الجمعة يخطب في أنصاره ويوجه سهامه المسمومة إلى خصومه.. نفس العقلية السابقة في الطرح.. دغدغة العواطف والمشاعر.. دعوة للحوار والشراكة.. اتهامات بالعمالة والخيانة.. تهديد ووعيد.. وأما ظهوره بهذا الشكل فلئن أثر في كثير من الناس لحظة فقد أعادهم إلى الواقع سقوط قتلى برصاص أنصاره الفرحين بظهوره عليهم وأعادهم إلى عدم الشفقة عليه تذكر مئات الشهداء وآلاف الجرحى وكم من الأيتام والأرامل والثكلى.. وأما الحوار فقد أنهيته برفضك التوقيع على مبادرة الخليج وإصرارك على الغدر والخيانة وتصفية الخصوم.. وأما الشراكة التي لا تمانع في حدوثها فقد كانت مطلبا قديما لم تحققه للوطن وأما اليوم فلا معنى لها بعد خروج الملايين يريدون إسقاط نظامك فعن أي شراكة تدندن.. شراكة تمنحهم بها السلطة التنفيذية والتشريعية وتبقى بموجبها أنت الرئيس والشريك المتوج.. فلماذا خرج الناس إذًا؟ ولأي شي سقطوا وماتوا؟ فان لم يكن خروجك من الحكم هو الثمن لجراحهم ودمائهم وأرواحهم فذلك هو الخسران والفشل الذريع! وأما التهديد والوعيد ومواجهة التحدي بالتحدي وغيرها من ألفاظ العناد والكير والغرور فتلك سمة تمنينا أن تكون قد اندثرت من وجدان رجل رأى بعينيه الموت المحتوم.. قلنا لعله يراجع نفسه ويحاسبها ويعلم أن الله قادر على أن يذيقه من ذات الكأس التي سقى منها شعبه حرقا وضربا وتفجيرا فيبدأ في تصحيح المسار وتقديم الاعتذار والتنازل عن سلطة لم تجلب له إلا الدمار والعار.. ولكن خاب الظن وانتكس الأمل؛ فظهر مصرا على رأيه وعناده ومتشبثا بكرسي الحكم بموجب دستور انتهى مع ثورة التغيير.. وظهر مستعدا بكل قوة لجولة أخرى قادمة.. جولة يريد فيها الانتقام من شعب تجرأ أن يقول له ارحل.. ومن معارضة تجاوزت حدودها معه وطلبت منه الحكم بالعدل.. ومن قبيلة لم تخضع له وتذل.. ومن وطن كريم رفض أن يتملكه رئيس مشوه شكلا ومضمونا أو أبناء له يسيرون على خطاه بالظلم والفساد والجهل.

أيتها المعارضة بعد هذا الظهور والوضوح في تحديد ملامح المرحلة القادمة ماذا أنتم فاعلون؟! هل ستظلون في مدار الحوار والوصاية وتعيشون حالة الذبذبة وعدم الهداية؟ أم ستثور فيكم نخوة وحمية تجمدت منذ زمن في عروقكم وتنطلقون متحررين من كل عقدة قديمة لمواجهة أمر لا بد منه طال الزمان أو قصر.. فالرجل احترق جلده وشعره وبقيت نار الانتقام في فؤاده مستعرة.. الرجل نجا من الموت ويصر على البقاء في الملك والملكوت.. الرجل تغير شكله نحو الاسوداد وبقي عقله وقلبه كما كانا مع زيادة ملحوظة في الحقد والعناد.. الرجل مصر على المواجهة والانتقام والبقاء حاكما علينا بحرب أو سلام.. ومن أوكلناهم أمرنا لا يطيقون حربا ولا ينوون الاستسلام.. ومعاركهم السابقة كلام وإعلام.. لا قطعوا وريدا ولا أوصلوا شريانا.. فاللهم احفظنا من عودته منتقما وأوبته مجرما واحبسه حيث ألقى خطابه وألحق به كل أحبابه وأصحابه..

abo.alhasn77@hotmail.com