آخر الاخبار

صحفيات بلا قيود: حرية الصحافة في اليمن تواجه تهديدا كبيرا.. وتوثق عن 75 انتهاكا ضد الصحفيين خلال 2024. مركز الإنذار المبكر يحذر المواطنين في تسع محافظات يمنية من الساعات القادمة بشكل عاجل أردوغان يكشف عن أرقام اقتصادية تذهل العالم بخصوص الصادرات التركية خلال 2024 لماذا اصدرت وزارة الداخلية اليمنية قرارا بمنع تشغيل المهاجرين الأفارقة في عدن؟ وزير الخارجية الأمريكى: فوجئنا بسرعة سقوط نظام الأسد وإيران في وضع لا يسمح لها بالشجار .. عاجل وزير الخارجية الألماني والفرنسي في غرف التعذيب بزنازين صيدنايا سيئ السمعة بسوريا وزيرة خارجية ألمانيا بعد لقائها أحمد الشرع: حان وقت مغادرة القواعد الروسية من سوريا وزير الخارجية الفرنسي من دمشق يدلي بتصريحات تغيظ إيران وحلفاء امريكا من الأكراد بعد تهرب الجميع.. اللواء سلطان العرادة ينقذ كهرباء عدن ويضخ الى شريينها كميات من النفط لتشغيلها هكذا سيتم إسقاط الحوثيين عسكريا في اليمن .. تقرير أمريكي يكشف عن ثلاث تطورات ستنهي سيطرتهم نهائيا ...كلها باتت جاهزة .. عاجل

التّناحة والتّنحي!!
بقلم/ محمد الاحمدي
نشر منذ: 13 سنة و 10 أشهر و 16 يوماً
الأربعاء 16 فبراير-شباط 2011 05:01 م

تتفق كل الديكتاتوريات العربية في ما بينها على قدر معين من "التناحة"، وهو مصطلح سياسي ظهر أخيراً، ويعني خليطاً من الغباء والتعنت والغرور و"البلطجة" وأشياء أخرى يطول المقام بذكرها..

ولمن لا يعرف معنى "التناحة" يمكنه الاستدلال عليها من خلال السلوك الذي اتبعه الرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك.. لقد جسّد في تعاطيه مع ثورة الشباب المصري كل معاني "التناحة"، وإلا لما أقدمَ على سفك دماء المصريين وإبادتهم بتلك الطريقة؟!.

لقد جسد مبارك (الزعيم رقم 2 في قائمة المستبدين المخلوعين)، في سلوكه مع ثورة الشباب في بلاده كل معاني هذا المصطلح الحديث، مع العلم أيضاً أنه كان يتلقى من نظرائه ممن هم على شاكلته، نصائح بعدم التنحي من الحكم، بل قال له أحدهم مواسياً في اتصال هاتفي قبل أيام من سقوط النظام المصري: "أنا في بلدي أواجه مثل هذه التظاهرات منذ 12 عاماً ولم أتزحزح".

"التناحة" سلوك غير جيد، والتنحي المبكر أفضل وسيلة لتفادي الوقوع في مواقف مهينة وخاتمة سوء لحاكم مستبد، لأن الثمن الذي يدفعه الجميع بسبب هذا السلوك سيكون باهظاً..

لقد عشنا وعاش أحرار العالم لحظات عصيبة مع أشقائنا المصريين المعتصمين في ميدان التحرير وكافة ميادين وشوارع مصر، تألمنا لآلامهم وذرفت عيوننا فرحاً بفرحهم ساعة النصر.

لقد قلتُ في مقال سابق، عندما نجحت ثورة الشباب في تونس بالإطاحة بزين العابدين بن علي: إن المعركة المحتدمة بين أنظمة الاستبداد الحاكمة في البلاد العربية وبين الشعوب هي معركة إرادة بالدرجة الأولى، وأن المشكلة تكمن في أن إرادة الأنظمة في البقاء في الحكم أقوى من إرادة الشعوب في التغيير، وإن إزاحة كابوس الاستبداد في بلد كتونس كان نصراً سلاحه الفتاك غلبة الإرادة الجماهيرية على إرادة التسلط، وفوق ذلك، بالطبع، الإرادة الإلهية ومقتضيات سنن البقاء والفناء..

واليوم نعود ونكرر ذات الكلام إن إرادة الشعب المصري العظيم هي التي اقتلعت كابوس الاستبداد وفشلت في صدها الهراوات وقنابل المسيلة للدموع وأعيرة الرصاص الحي وتهاوت تحت أقدامها كل الرهانات الخاسرة..

إن حكام المنطقة، دون استثناء، لا يزالون يمارسون سلوك "التناحة" ضد شعوبهم، لا بل حتى عندما تخرج الشعوب إلى الشارع يطالبونهم بالتنحي، فإن هؤلاء الحكام يتمسكون بذات القدر من "التناحة" إما بقمع المتظاهرين أو تسليط بلاطجة النظام عليهم، واتهامهم بالعمالة وعدم الوطنية، وغير ذلك..

وفي بعض الأحيان يضرب الحاكم العربي المثل الأعلى في "التناحة" حين يصُم أُذنيه عن صوت الشعب، ويركن إلى الملأ من حوله، متوهماً بأن طابور المنتفعين من حكمه هم كل الشعب وأما البقية فإنهم مجرد دخلاء!!.

الجمعة الماضي سقط جدار الصد الأكبر في عالم "التناحة" العربية، وغدا ستنهار بإذن الله كل الحيطان الغاشمة واحداً تلو الآخر..

الفاتحة إلى أرواح شهداء الثورة المصرية المباركة.. وخالص دعواتنا للجرحى بالشفاء العاجل.. المجد والعزة والكرامة والنصر لأبطال ميدان التحرير في عاصمة أم الدنيا الحبيبة مصر.. وكل ميادين البطولة والفداء.. والفناء والرحيل لكل المستبدين الجاثمين على صدور شعوبهم ينهبون ثروات البلاد ويحتكرون السلطة في ذواتهم وعائلاتهم، ويحيلون أوطانهم إلى شركات خاصة، ويصادرون حقوق مواطنيهم وحرياتهم وأمنهم وأحلام الشعوب وحاضرهم ومستقبلهم.

أيها الشباب المصري العظيم.. نشدّ على أيديكم، نقبل الأرض تحت أقدامكم.. إياكم أن يسرق ثورتكم أحد أو يخدعنكم أحد.. لتبدؤوا من الآن فوراً في البحث عن إخوانكم المختطفين والمعتقلين من أبناء الثورة.. طالبوا بمحاكمة المجرمين أعداء الحرية، الذين دهسوا أجسادكم في الشوارع ووجهوا رصاصاتهم الغادرة إلى صدوركم الطاهرة..

إضاءة:

يقول المفكر المصري الشهيد سيد قطب: "لا بد لهذه الأمة من ميلاد، ولابد للميلاد من مخاض، ولابد للمخاض من آلام".. ويقول أيضاً: "عندما نعيش لذواتنا فحسب، تبدو لنا الحياة قصيرة ضئيلة، تبدأ من حيث بدأنا نعيش، وتنتهي بانتهاء عمرنا المحدود، أما عندما نعيش لغيرنا، أي عندما نعيش لفكرة، فإن الحياة تبدو طويلة عميقة، تبدأ من حيث بدأت الإنسانية وتمتد بعد مفارقتنا لوجه هذه الأرض (...)".

ويضيف قطب: "ليست الحياة بعداد السنين، ولكنها بعداد المشاعر، (...) لأن الحياة ليست شيئا آخر غير شعور الإنسان بالحياة.. جرّد أي إنسان من الشعور بحياته تجرده من الحياة ذاتها في معناها الحقيقي! ومتى أحسّ الإنسان شعورا مضاعفا بحياته، فقد عاش حياة مضاعفة فعلا.. إننا نعيش لأنفسنا حياة مضاعفة، حينما نعيش للآخرين، وبقدر ما نضاعف إحساسنا بالآخرين، نضاعف إحساسنا بحياتنا، ونضاعف هذه الحياة ذاتها في النهاية".

نقلاً عن جريدة "الغد"