|
*استيقضنا ذات صباح وقد قامت الوحدة.
ذهبت البراميل من النقاط الحدودية,واخبرتنا حكومة اليمن الموحدة انذاك
بأننا شعبها,وان علينا احترام القانون,ودفع الضرائب,وحماية الوحدة و, السلام عليكم ورحمة الله ركاته!وغنينا يومها(يافرح ياسلى).
من سوء حظ تلك الخرافة الجميلة,ان الفرح لم يدم طويلاً.
ياخسارة...؟!
في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية كان الحزب الشموليي حاكماً, وكان المشائخ المحظوظون والنافذون والمقربون- في الغالب-هم طاقم (الجمهورية العربية اليمنية)بامتياز!
عام90م,حدثت المعجزة وتعانق نظامين كلاهما ضِد.الاول يساري (شيوعي)كان قدخطى مسافات لابأس بها في اتجاه الدولة المدنية في عدن.والثاني اسري (قَبَلي)يقول انه يعمل بكتاب الله وسنة رسوله الكريم"صلى الله عليه وسلم"..
دعونا عن كل ماقيل,تشغلني الآن جزئية مطمورة,أضنها احدثت كثيراً من هذا الإرباك الحاصل,كماوهي سبباً في طغيان مفاهيم المُنتصر على أخيه؟!
قيادة الشطرين قبل الوحدة كانا امام3 خيارات لشكل الوحدة,علىنحو:"وحدة كونفدرالية"او"وحدة فيدرالية"او"وحدة اندماجية".
والحق انه كان للاستاذ علي سالم البيض فضل التصميم على اختيار الشكل
الثالث وإذابة الكل في الكل,عبر وحدة اندماجية.(وقَلّك البيض انفصالي؟!)
الاحلام الجميلة عموماً تتطلب دائماً اطرافاً فيهم من جمال الروح والتَطَلُّع
مايجعلها حقيقة.
المهم انه صار لدينا صبيحة 22مايو90م المجيد,وليداً جديداً سميناه (الجمهورية اليمنية)..وهي ثورة ثالثة طبعاً,لكن,ولأننا لم نتعود الإنتقال من حكم الى آخر دون ان تكون هناك جماجماً سقطت,ودماء للُركب؛لم نعتبرها كذلك.
لماقامت ثورتي سبتمبر واكتوبر مطلع ستينيات القرن الفائت,صاحبهما جهازاً من شأنه اِفهام الناس ماهو شكل الدولة الجديدة.ماأهدافها,وماينبغي الوصول اليه كحالة أسمى.
ادرك الثوار اهمية ذلك,وأنشأوا جهاز(وزارة الثقافة والإعلام)اومايمكن اعتباره كذلك.في مصر مثلاً,بعد رحيل الملك فاروق-أوجدت الجمهورية الجديدة ماسمته آنذاك (وزارة الارشاد القومي)كانت مهمتها سلق بيضة النظام الجديد وإطعامها الناس.
(جوبلز)قبل ذلك,كان لعب عبر(وزارة الدعاية النازية)نفس الأمر.
الذي حدث,قبل التوقيع على اتفاقية الوحدة,انه كان يوجد لديناجهازاًلشؤؤن
الوحدة,كان على رأسه وزيري الثقافة في الشطرين(راشد محمد ثابت)من الجنوب ومن الشمال(يحيى حسين العرشي)الله مااروعهما رجلين بصدق.
لعب ذاك الجهاز(وزارة شؤون الوحدة)بفاعلية انيقة مهمة تقريب وجهات نظرقيادة الشطرين السياسية,فيمابقت الجماهير عذراء لم يطمثها إنسٌ ولاجان!
تمت الوحدة لتنتهي معها مهمة(ثبت)و(العرشي)ووزارة شؤون الوحدة كمان.
وزارة الثقافة والاعلام صارت (الجهاز البديل),لكنها بدت اشبه بلاعب تائه
يركض في ملعب لم يزل رخو.
اعاد تلفاز صنعاء بث مسلسل الاطفال (ريمي)ايامها.وكان ذلك بالنسبة لي-
كغلام لم يزل في الثانوية - اهم حدث وحدوي!
كما ضاعفت(ق1) من نشرات الأخبار لنقل اخبار الرئيس ونائبه,كأقصى جهد يمكن لقناة تربت شمولية ان تفعله باتجاه ترسيخ مداميك وزماميط الوحدة!في المقابل قدمت القناة الثانية مسلسل (دحباش)كأهم انتاج محلي
انذاك,كما ونقلت اخبار الرئيسين بالإنجليزية. و(وَسّح)الطرفان مبتهجين:
تلك هي الوحدة!
اولنقل أن الدولة نفسها لماكبرت,نظرت الى الثقافة-ولم تزل- كما طالب
اجتهد ليحصل على الشهادة,ولماحصل عليها وتخرج,لم يعد يأبه لشيء
غير أن يشوف له عمل ويبدأ يطلب الله.
ذلك ماحدث بالفعل..بدأ النظام الجديد يطلب الله.ضهر صراع النفط
ومخصصات الرئاسة!و...,و...الخ.
***
احاول جاهداً الا احفرعميقاً حيث المروع والمخيف؟!
لاجدوى من كتابة ذلك الآن.لقد قامت حرباً سريعة وسخيفة,بسببهاازدحمت
ذاكرة الناس بكل ما من شأنه جَعلنِا كما حَبّة فول-غصباً عن اهالي اهلها-
انقسمت نصفين!
لم يكن لائقاً بنا ان نسميها حرباً,لكن الضحايا لايزالون حتى اللحظة
يعدون موتاهم وخسائرهم؟!
ناهيك عما صارت عليه امور"النخيط" و"الفيد".وازداد الأمر سوءً إذ
انتصرت(القبيلة)وطار(البيض)نائب الرئيس من البلد بأكمله؛ليس من شاشة
التلفازفحسب!ليرقص الجميع من بعدها(شمالاًوجنوباً)رقصة(البَرَعْ)!
مع الوقت,طغت المفاهيم القبلية(الهَجَر والعدال والمُحَدّعْش)على كل شيء.
طغيان مفاهيم المنتصر طمرت تماماً-على الأقل لدى الجنوبيون-مفهوم
الوحدة,كما وطمرت – من قبل- طمرت سلوك المدينة!
بُعيد الانتصار العظيم صارممكناً- حتى- ان نرى الكابتن(ماجد) يلعب وهو
لابساً العسيب والجنبية!الثقافة الوزارة,كما الإعلام تماماً,صارا جهاز
الذي انتصر.
أجهزة الدولة بأكملها دخلت جيب المنتصر يوم7/7ومن حينها بدأت
وحدة(طَرَررَمْ!)-نسبة لصوت الطبل (المَرفَع)- واللي مش عاجبه يروِّح بيتهم؟!
(طرررم)بالمناسبة هي التسمية الجنوبية الساخره والموجوعة مما صارت عليه الامور الآن,وبفضل من ذلك نَطَت الى الساحة ثانية"شمالي,جنوبي"
ياالهي ماالذي يحدث؟..
علينا ان نتذكر محاسن موتانا الان,ولنبدأبالبحث ثانية عن رفاة وزارة شئون الوحدة!
علينا ان نعترف ايضاً ان مشاكلنا في الغالب تبدأ ثقافية,ولاتنتهي!
ان 17سنة من عمر الوحدة الإندماجية تُركت هكذا من دون وحدة حقيقية, من دون اية ثقافة اندماجية ُصاحِبة.
اترك صبياً في الشارع ليكبر,ثم تعال لتجلس اليه.ستكتشف سريعاً انه كبر فارغاً!وكذلك هي الوحدة الان,كبرت فارغة من الداخل!
كبرت شوهاء,ويوماً بعد يوم تزداد تشوهها ونقيصة.ماالعمل؟
***
لم يكن عود الدولة اليمنية الوليدة قد قوى بعد.
في94لما اُعلن الانفصال (قراراً سيء الصيت)هرول الجيش البالي لحماية
الوحدة.كماهرول الوصوليون والقبائل لإعادة(عدن الشيوعية)الى الإسلام!
الأمر هنا يشبه -الى حدٍ ما- ذهاب اجدانا القداما لإستعادة الأندلس,اذ كان أول شيء فعلوه عند دخولهم (قصر الحمراء)ان حطموا التماثيل(وهي مُجرد تُحف)وكذا قناني النبيذ!؟..
الطريق السري و-المُربِِح- نحو المثال القديم,صار مفتوحاً يوم7/7,وبدأ
يومها نشيد(الفيد)دونما ترتيل او,خجل.
الله أكبر,,سقط(هُبَل)..سقط مصنع البيرة,سقطت صور علي عنتر وفتاح وهادي وشائع.وبَسط مهدي مقوّلة ومَقصَع وعبدالله القاضي وحمودعاطف ,وطُريَق,و..بقية مشأئخ القرار,ونافذوا السلطة القبلية,و....انتو اخبَر؟
إنه فعلاً,حسب(مور..من مور؟)عندما تُفرغ المعدة تكون حادة..وإن شبعت
فجأة,تسرق بحِدِّية أكثر!؟
**
في وقت سابق من التاريخ تمردت صنعاء المدينة(حيث وداعة الناس وعشقهم للحياة)على الامام.وبسبب من ذلك جعلهانهباً للقبائل.
جعثوا ماجعثوا,ونهبوا مانهبوا,ثم اعادوا صنعاء الى الحضيرة.لكن وقد فقدت عافيتها كمدينة حَوْت كل فن!
قليل هم الذين يعرفون عماجرى حقاً في صنعاء انذاك.
هولاء الذين يعرفون,يعرفون الكثير.والأغلبية-انامنهم-لاتعرف شيئاً على الإطلاق!
هذه المرة,وبأسم حماية الوحدة,اولئك الذين ابتلعوا الشمال- خاصة بعد اغتيال الشهيد(ابراهيم الحمدي)1977م-هم ذاتهم الذين ابتلعوا الجنوب بعد أن رقصت البنادق والجنابي منتصرة على درة مدن الدنيا(عدن)وأخواتها الخمس عصر7يوليو95م الكئيب.
ومن يومها,يوم النصر العظيم(!)تم إدخال الناس في دائرة الذل اليومي.
ناس الجنوب,والشمال الجنوبي(المدنيين)معاً!
في علم النفس تلك دُعابة ثقيلة دم,وينقص فاعلوها الاحساس بها,اوالمعاناة بسببها ليعرفوا كم هي(طُفيييييح!)..
***
وددت ان اقف هنا,ثم تراجعت لأضيف التالي..و(قاهي اِلاّ هيه).
الذي انهزم في حرب صيف94م.ليس هو الحزب الإشتراكي؛ولاتحالف (المؤتمر)مع(الإصلاح)هوالذي انتصر.
القبيلة ولاسواها هي التي ظفرت بالنصر المؤزر؛والذي انهزم مجتمع المدينة بكامله؛حتى ذاك الموجود في داخل المؤتمر الحاكم نفسه!
لعله مناسباً ان اعرج على حادثة الإعتداء المشينة التي تعرض لها الرجل المدني د/حسن مكي(نائب رئيس الوزراء ايامها)من قبل الشيخ/عبدالعزيز الشائف ومرافقوه.
دموع(مكي)التي سالت قهراً يومها,لم تكن دموع عينيه فحسبب,انما هي دموع المدينة حين تبكي!
يا الله..هل جرب أحدكم وشاهد مدينة تبكي؟اننا في اليمن الحديث,في دولة المؤسسات والنظام و"القولون!"أصحاب امتياز في ذلك؟!
حدث الاعتداء سنة96م,بعد الحرب طبعاً,وقد صارت(القبيلة)-ومش أي قبيلة- هي السيد الأول في البلد.
هل جرب أحدكم ايضاً أن يتذوق مرارة مدينة مسالمة شاهدها وهي تبكي؟
ثم-وببساطة-يتم تطبيبها(قبلياً)بثور بليد أكل من علفها لما شبع,ليصيرهو ذاته رداً لإعتبارها؟!(وانعم ياحمران العيون)!
لابأس عموماً,بأعصاب باردة,تم معالجة الأمر,ذبحوا لمكي(البلا قبيلة) - كما غيره- كام ورهَجْر,وادهف!(ايها المدنيون هُنا,كم انتم حقراء)
والله يخلي مزارع ابقار(المؤسسة الإقتصادية) الاثوارفيها خيرااات, وتكفي لأن(نُهَجِّر)كل الضحايا المدنيين,من(احمد الأصبحي-العقل المنظم للمؤتمرالحاكم-الى مكي الى ورثة دم الحامدي,الى ورثة دم الرعوي,و وقبلهم الدكتور حُمرة!و(جِرّ لك جر).
حتى امين عام المؤتمر(الحالي)باجمال.هو الآخرتعرض لمحاولة اعتداء ليست بعيدة,وكان ايامها يشغل منصب رئيس وزراء؟!
ههههههه(كم هذا المركز مُهان!)
يا الله,مالذي سيحدث لي إذن؟وانا الغلبان لم اكن في حياتي كلها اكثرمن رئيس فصل؟!(ويامُخارِج الأخجف إذا وَدَّفْ)أهه.
***
اعود لجرح الوحدة النازف فينا جميعاً الآن.
والذي اخشاه ان يكون فخامة الرئيس المُثقل بوزر القبيلة يمضي بأتجاه حل المشكلة الجنوبية الخانقة(قبلياً)!بجاه الله, بجاه عبد ربه منصور هادي وسالم صالح محمد؟!لا لا,ذلك ليس صحيح.
سيبذل الرئيس جهداً مُضاعفاً من اجل لملمة مواجع الناس وتقليص نفوذ الذين ابتلعوه هو أيضاً,تماماً كما ابتلعوا البلد.
***
FEKRY19@HOTMAIL.COM
في الخميس 08 نوفمبر-تشرين الثاني 2007 09:25:55 ص