اللقاء المشترك على نار هادئة
بقلم/ بكر احمد
نشر منذ: 17 سنة و 8 أشهر و 3 أيام
الثلاثاء 06 مارس - آذار 2007 05:36 م

 مأرب برس - خاص

عندما نتوصل إلى المفهوم المتفق عليه حول ما هية هذا الوطن ، وماذا ينبغي أن يكون وكيف نعيد تكوينه من جديد على أسس سليمة مبنية على المبادئ والمواثيق الديمقراطية ، أقول عندما نتوصل إلى هذه الأشياء ألتي لا يختلف عليها أحد حينها سيكون الأمن السياسي والثقافي والفكري في أحسن مستوياته وأعلاها ، لكن وفي ظل الوضع الحالي أستطيع أن أقول بأن فرصتنا نحن اليمنيون في تحقيق حلمنا قد يسقط في أي لحظة ما لم يقم اللقاء المشترك بإعادة النظر في عمله السياسي وإعادة ترتيب أوراقه ، أو بكل بساطة وضع أوراق جديدة مبنية على الصراحة وعلى الاتفاقيات المؤسسة على منهجية فكرية وثقافية ثم سياسية ، لأنه ليس بالإمكان إطلاقا القفز على كل هذه الأسس والانتهاء باتفاق سياسي مبني على العلاق ات الشخصية بين زعامات هذه الأحزاب والتي هي بطبيعتها تكون عرضة لأي حالة تعكير مزاجي لأي منهم ، وهذا الكلام ليس من باب وضع اللوم على هذا التجمع السياسي " المعارض " وتجاهل النظام أو الحزب الحاكم ، بل أن هذا الكلام هو من نوع أنه هنالك ثمة أمل في اللقاء المشترك مقابل انعدامه من الحزب الحاكم .

ولأننا نريد وطن ، وهذا الوطن من المفترض به أن يكون متجاوزا المجاملات فارضا علينا قول الحقائق التي نعتقد أنها في صالحنا نحن كمواطنين ، فمن البداهة القول بأن اللقاء المشترك وفي وضعه الحالي هو تكوين سياسي عاجز لا ينم ومن خلال ممارسة مشهودة على مقدرته في منح أي شيء لنا أو للبلاد لأنه و حسب ما نعرف أن خسارة أي حزب لمعركته السياسية وكعمل روتيني ديمقراطي يقوم هذا الحزب مباشرة بإسقاط قيادته التي فشلت في عملها والبحث فورا عبر الصندوق الانتخابي عن قيادة جديدة وشابه تعمل بخطط مختلفة ورؤية مغايرة عن القيادة السابقة وتقود الحزب في العمل السياسي بروح متجددة ، وهذا ما يجعل تلك الأحزاب متوهجة دائما وفي شباب مستمر سواء كانت في المعارضة أو في السلطة ، إلا في اليمن التي تسير بخط مغاير عما هو متعارف عليه وترفع شعار " الديمقراطية " في وقت هي تعمل على تحطيم أركانها وتشويه صورتها .

فاللقاء المشترك وحتى الساعة وبعد أن خسر انتخاباته الرئاسية وهو والذي خالف قواعد استقالة القيادات التي تسببت في الخسارة لم نجده يقيم ندوات أو محاضرات لدراسة أسباب هذا الفشل ، بل أنه ترفع عن عمل أية دراسة نقدية جادة تضع المبضع على الجرح وتقوم بمعالجته ، و عوضا عن كل ذلك لا نرى منها إلا خطاب جامد لم يتغير وذلك بوضع اللوم كل اللوم على الحزب الحاكم ، وأن كنت أرى بأن الحزب الحاكم حين يمارس هذا الصلف السياسي والاقتصادي بحق المواطنين فهو يمارسه عن قناعة بأن الرادع غير موجود أو بأن القدوة المفترض أن نطالب بها غير موجودة أصلا ، ليتحول الخطاب المعارض مجرد خطاب تنفيسي لا ينم عن أي واقعية .

القشة التي قصمت ظهر الأمل هي تلك النتائج " الفضيحة " التي خرج بها حزب الإصلاح في مؤتمرهم الأخير والتي لا يمكن تفهمها أو قبولها بأي حال من الأحوال ، وقد كتب عنها الكثيرون جراء الصدمة الغير متوقعة إطلاقا ، ليتحول ذاك الصرح المعول عليه من قبل شريحة كبيرة من المواطنين إلى أطلال وبيت من الرماد تصفر به الرياح .

أعلم كما تعلمون بأن الإصلاح هو العمود ألذي ترتكز عليها المعارضة ، وتعلمون كما أعلم بأن هذه المعارضة تطالب بتداول سلمي للحكم وتنتقد مخالفة الدستور وتجديد الحكم بشكل مستمر ومكرر ، لكنها هي تقوم بمثل هذه المخالفة ، وهذه المفارقة أيضا لن تجد لها مكانا لدراسة مسبباتها ونقدها بشكل جاد ومستمر ، فهي ربما في نظرهم أمر لا يستدعي كل ذلك ، متناسين بعمد أنها خلل كبير يسقط كل آمالنا نحو إيجاد بديل يمكن الوثوق به ، فحزب يخالف قوانينه الداخلية ويعيد تنصيب زعيمه الذي لم يكلف نفسه عناء حضور إعادة تزكيته واكتفى بأداء القسم عبر الهاتف لا يمكن التعويل عليه حين يتسلم زمام الحكم ، لأنه لا يوجد دليل فعلي بأنه سيخالف النظام الحاكم الحالي وأنه سيقبل بالتداول الديمقراطي للحكم في حال هزيمته .

وبما أن البديل للأسف غير موجود حاليا حتى نلجأ أليه وأن الخيارات شبه معدومة وأن النظام الحاكم لا يقبل أي إصلاح لأن هذا يخالف بنيته الثقافية والسياسية ، فلا مجال أمامنا سوى المناداة بإعادة النظر في تشكيل ما يسمى باللقاء المشترك بشكل جذري وتأصيلي حتى يتسنى لهم ولنا إعادة ما فُقد من ثقة متبادلة ، ولأن عملية إعادة ثقة المواطن هي عملية غير سهلة ولا يمكن إنجازها من خلال خطاب أو بيان أو مؤتمر مشترك ، فهنا الأمر يتحتم أولا جراءة وصراحة وعمل دؤوب مبني على أسس واضحة يتم العمل بها كمنهجية ثقافية وتمارس كعمل حزبي ضمن أدبياتهم وتعمم على كوادرهم كبنود أساسية ، هذا من جهة ومن جهة أخرى لا بد من مصالحة حقيقية مبنية على المصارحة حول النظرة العقائدية بين أحزاب هذا " اللقاء " وهذا لا يتم إلا بعد أن يحسم كل حزب بشكل فردي أمره مع تياراته المتشددة في داخله ألتي تنظر للآخر من منظار الريبة والشك والإقصاء ، وفوق كل هذا وهو الأمر الأهم وضع ركيزة التطبيق الحقيقي للديمقراطية داخل كل حزب وأن لا يقبل إطلاقا تكرار ما حدث من نتائج في مؤتمر الإصلاح لأن ما حدث هناك ليس أمر داخلي وشأن خاص بالإصلاحيين ، بل أن تبعات مثل هذه الأمور تعود بنتائجها السلبية على الجميع دون استثناء ، وإلا كيف يستطيع المواطن أن يصدق المعارضة حين تدعي أنها تريد تطبيق التداول السلمي للحكم بينما هي لا تطبقه فعليا فيما بينها أو داخل تنظيماتها

الإقرار بأن العمل الحزبي المعارض يمر بأزمة وانتكاسه منذ خسارته الانتخابات الرئاسية الماضية هي بداية الطريق لأنه و بدون هذا الإقرار لن نعرف سبب الفشل ولن تستطيع المعارضة أن تعطي أكثر مما أعطته في السابق وهذا بطبيعة الحال سيضع الأمور بشكل مقولب وجامد ، وحتما هذا ليس ما نطمح أليه .

الأمر ليست بغاية الصعوبة مثلما قد يتصورها البعض ، كما أن الأمر ليس مناداة بإلغاء اللقاء المشترك بقدر ما هو أمل بالاستجابة نحو التصحيح ، فالطريق مازال طويلا والنضال يجب أن يتمتع بطول نفس وصبر ، وأن فشلت محاولة إصلاح أولى فلا بأس من تكرار محاولات الإصلاح والنقد والإعادة حتى نصل إلى النموذج المثالي الذي نضع عليه أول خطواتنا في العمل السياسي السليم ، ومتى ما وجدت الإرادة الصلبة من خلال كوادر وقيادات حزبية شابه وغير مكررة فحينها لا يوجد مستحيل وبإمكان كل شيء أن يتحقق .

benziyazan@hotmail.com