|
مأرب برس - خاص
باستثناء نقابة المعلمين فان العمل النقابي جملة يعيش حالة متقدمة من الرتابة والجمود ،عكست نفسها في النمطية التقليدية والتي تخالها وكأنها جزء من الأداء الرسمي من حيث الترهل والعدمية ومحلك سر .
قد تكون الأسباب تكمن في الوضع العام -ووجهه السلطة- والذي عكس نفسه على كل شيء ، أو في النخبة المثقفة الذي افتقد جزء كبير منها إلى منظومته القيمية والفكرية التي توجهه نحو الهموم والأعباء التي عليه كرسالة وواجب تشربها مفردات علمية ومعرفية وهو يحبو في خطواته الأولى في مدارج الثقافة والمعرفة ، ولعل هذا المفرط كبى مع أول حاجز وهو الذي يحمل في تكوينه أساسا نفسا منهزمة ، فلم يشأ الحياة إلا قريبا من فلوذج وموائد العلية من الملأ.
أو قد تكون الأسباب في الضعف المؤسسي والحراك للأحزاب في الساحة ، حيث اقتصر حراكها في إطار المفهوم الضيق للحزب من حيث وظائفه ، فأبقت نفسها على مسار واحد فقط ولم تلتفت أو تعي أهمية الدور لمنظمات المجتمع المدني والتكوينات النقابية الأخرى كمكونات أخرى للدولة الحديثة وكأهم مقومات المشروع الحضاري.
لا احد ينكر أن هناك مصفوفة من النقابات وما يقال عنها مؤسسات المجتمع المدني ، لكن اغلبها تحولت إلى مشروعات شخصية وفرصة وهبتها المتغيرات والعولمة من أجل التسويق الشخصي كوسيلة لا تختلف اليوم عن الوظيفة في المفاصل الرسمية من اجل إنتاج الوجاهة والشهرة ، او كاستحقاق لمطلب اجتماعي أو لمطلب حزبي بغض النظر تماما عن الاستحقاق العام أو المطالب التي يحتمها الواقع والمتغيرات في مواجهة تحديات تقترب من الخناق.
وحده الإعلامي الأجرد الحتيف النتيف -بنسبته وليس بكمه - الذي كبس الزروحلق في فضاءات عالية وحمل معه هموما بالجملة هي مفردات ومشروع اليوم والغد ، رغم أنها عادت على خناقه بعنت وضائقات وعسر على صعيده الشخص وهموم أسرته اليومية إلا انه ما زال يتقدم ويتقدم بمسافات بعزيمة وإصرار وعشق للمستحيل حتى انه ورغم كل محاولات الالتفاف عليه من اجل إثنائه أو إعادة توجيهه أو بالعصا مباشرة فانه قد بلغ موقعا عصيا وخلق بالفعل واقعا ليس منه بد ومن الصعب بمكان القفز من عليه .
واقع الحال أن الإعلامي اليمني– ونعني به صاحب الكلمة والرسالة أما من افتقد هذه الأخيرة فليس هنا محله حتى ولو كانت كلماته كمن ينحت في الصخر أو يغترف من البحر ، مهما بلغت في الصناعة إلا أنها لا لون لها أو ذوق أو رائحة – قد ساهم إلى حد كبير في الدفع بالعجلة ورفع السقف ولعله ولا مراء المساحة الأكثر خضرة في هذه القاحلة ومن يحق به المفاخرة ورفع الرأس أمام الآخرين .
إلا أن المشكلة التي يعانيها قد تكون في سبقه لمن حوله سلطة وفعاليات مختلفة ، فالتراجع حاصل من حيث مده بمتممات وحلقات أخرى تتكامل .
عند النقابة
نقابة الصحفيين أو قيادتها الإدارية بأدق محل احترام وتوافق من ولدى الأطياف وهي تتسم بقدر كبير من النضوج والكفاءة والمقوم الأخلاقي لكنها تعيش ما سبق القول حالة من الرتابة والنمطية والركود .
فهي هنا تكاد تكون أضيق عن استيعاب طاقات وطموح من تدعي تمثيلهم ولعل هناك مسافة بين حيوية هذا النفر وجاهزية النقابة في الاستيعاب والموازاة.
في كثير من الأحيان ليس مقبولا سدد وقارب وإنما يفرض الواقع تحقيق قفزات واقتناص فرص ، وليس القصد هنا التهور أو مسايرة مجتريء ليس له ضابط .
كأن الدور لقيادة النقابة يغطي مرحلة انتقالية ويسد ثغرة لمطلب مؤسسي ليس أكثر وقد تجمد في أكثره في مقولة الواقعية واللوائح والروتين القاتل .
والنقابة هنا ليست بعيدة عن النمطية الحالية لقيادة وزارة الإعلام التي لا زالت مسكونة بأفكار السبعينات والثمانينات من القرن الماضي وتستدعي اغلب الأفكار والخطط من ملفات الأرشيف فلما وجدت نفسها فجأة على الدور من جديد لم تستطع أن تقوم بعملية التحديث للفكرة والنظم إنما عملت –وهذا هو الخطأ-على استعادة النظام لتلك الفترة بعينه.
فلو أنها قبلت ولو مكرهة بعولمة الإعلام الطارئ والواقع وطوعته وقبلت بفتح قنوات فضائية لآخرين وللقطاع الخاص ولمن أراد في ظل إشرافها ورعايتها وتشجيعها لكان أكرم لها وأرجى للوطن من أن تفتح قنوات من هذا القبيل من المحيط الخارجي ومن خارج الحدود ، على الأقل كان ذلك سيساهم في تبيض وجه النظام خارجيا وسيساهم في امتصاص بطالة واستيعاب قدرات وتفجير طاقات ، وسيزيد في تنمية الولاء وحب الوطن في وجدان الفريق الإعلامي لهذه القنوات، إنما الصورة الآن أن اليمن تعيش صورة مزيفة بخصوص المشروع الديمقراطي ولغة التحديث والانفتاح بدليل الافتقاد إلى هذا المتنفس والذي لم يجده اليمنيون إلا في الخارج .
وبشان الوجه الآخر من الصورة وهو النقابة هنا التي اتسمت هي الأخرى بهذه الحالة من التجمد والطبيعة في التفكير بشان التعامل مع المواقع الالكترونية وكوادرها الإعلامية وأبت أن تهبهم الغطاء والرعاية وحق الانتماء بحجة القانون واللوائح وأمور أخرى منها أن يكون مولودا لكلية إعلام ...الخ..
رغم أن الإعلام الالكتروني اليوم هو الأول ومن يساهم في صناعة والتحكم والتوجيه للحدث أكثر من غيره ، وهو المرجعية في أكثر الحالات لاستقاء المعلومة واستشفاف الحدث.
فان كان بشان القانون واللوائح فتلك أمور لأمة خلت وزمان ولى ، فلم لا يتم تقديم مشروع قانوني تراعى فيه المستجدات والمتغيرات اليوم .
وان كان بشان الصحفي وماهيته ، فليس الصحفي الذي يلاحق المعلومة ويغطي بالخبر فحسب ، فكتاب الرأي والتحليلات هم شهود على الحدث وربما في حالات عدة هم من يصنعوه أو يتحكمون به ويوجهون مساره في سياق الواجب والمصلحة وليسوا بالضرورة أن يكونوا مخرجات لكليات إعلامية ، والا لكان على الشاعر والأديب أن يحضر شهادته من كلية الآداب حتى يغترف به كأديب وشاعر ، وعلى يحيى الفخراني أن يكون من كلية المسرح والتمثيل مثلا لا أن يكون طبيبا حتى يقبل كممثل ، وعلى العاملين في وزارات الخارجية وفي الحقل الدبلوماسي من السفير إلى السكرتير أن يكونوا من كليات العلوم السياسية ...الخ .
وعلى نقابة الصحفين في الجمهورية اليمنية أن تفصل من عضويتها وان تعلن البراء من كل كادر إعلامي هنا أو هناك لم يتخرج من كلية الإعلام.
ليس القصد هنا أن نتجه للفوضى فلا نعطي المهنية والتخصص الأولوية والحق ، إنما معايير أخرى قد يكون لها حضورا وأهمية اكبر يجب أن تكون محل اهتمام ومراعاة.
اليمن اليوم تعيش حراكا وحيوية في كل شيء ، والصعيد الإعلامي هو الأكثر حركة وجلبة ، ومن ثم فاستيعاب وترشيد هذا الكم والكيف من المواقع والكتاب في ظل منهجية وقواعد أمر لا بد منه ، أما السير بعقلية سقف محدد للوسط الإعلامي بعقلية لا قبول للمزاحمة وآلية وضع الكم من العراقيل فذلك زمان قد ولى وعفا عليه الزمن.
نشوان السميري
ومع ذلك فالأستاذ نشوان السميري خريج منذ سنوات من كلية الإعلام ، وحرفي متخصص في مجاله مدرب منذ سنوات في المجال الإعلامي تخرج المئات من الإعلاميين من تحت يديه كأستاذ ومدرب ، جميعهم ينادونه ب..ياستاذ نشوان ، وهو محل استفسارات واستشارات ومراجعات الكثير من الصف الإعلامي ..ورغم كل تلك الرتب والنياشين رفضوا طلب انضمامه للنقابة وحصوله على حقه في الانتماء ..
السبيل للمجبر
دائما ما نشجب ونستنكر ونرفض عمليات التفريخ أو النمذجة المقصودة للأحزاب والمؤسسات الأخرى ..
لكنا هنا قد نضطر إلى قبول خيار النمذجة ولكن في سياقها الايجابي والمكمل ، لان هذا الكم والكيف الذي لم يحتو ويستوعب بحاجة إلى كيان يجمعه ويمثله كحاجة طبيعية لأي تجمع من الناس ، ومن اجل أن لا نكون شتاتا مهملا تذروه الرياح تصطاده السوائم ونتخطف فلا نائحة تبكيه ولا عشيرة تطلبه .
وهذا الوقت وقت جمعيات ومسميات ، فمن شاء فرخ ومن شاء اجتمع ، بمعنى أن الوضع يسع وفي الساحة متسع .
لكنا قبل أن نشهر مسمى نقابي آخر نتمنى على نقابتنا المجيدة أن تحول دون هذا الاضطرار وتبادر إلى أن تتجدد وتتسع في الوسائل والأهداف بما يتفق والمرحلة الآن فإنها إن شاخت فالقوم لا زالوا في البواكير.
مشروع تكوين نقابة موازية مكتمل الآن بأدبيات وفريق ....لكنا ننتظر رأي وموقف النقابة الحالية وأراء الآخرين ..
ان نسيت فلن انسى القول والتاكيد ان احمل عاطفة جياشة وشحنات من الاخوة فضلا عن التقدير الكبير تجاه رئيس وادارة النقابة ، فالخلاف لا يفسد للود قضية..
alhager@gawab.com
في السبت 01 ديسمبر-كانون الأول 2007 09:59:37 م