في الشمعة الأولى ,,, لن أحتفل ,,,
بقلم/ رفيقة الكهالي
نشر منذ: 12 سنة و 9 أشهر و 3 أيام
السبت 11 فبراير-شباط 2012 05:55 م

بلغتي البسيطة ,,, اعذروني إن لم احتفل مع المحتفلين بعيد انطلاقة الثورة وإيقاد شعلتها الأولى....

سامحوني إن لم افرح مع الفرحين ... وافهموني إن بكيت من أوجاعي ,,, وانتم ترقصون وتغنون وتهتفون ... لن احتفل معكم أيها الرفاق .... يارفقاء ثورتي ...

لن احتفل ليس لأني لا أحب الاحتفالات ... وليس لأني من أعداء المرح والفرح ,,,, بل لأني موقنة حتى الصميم أنها احتفالات صورية عبثية لا طائل من وراءها ولا تغني أو تسمن من جوع .... لم نخرج في ثورة من اجل ان نتسابق في مهارة العروض ,, او نبدع في تنظيم المهرجانات ,,, او نوزع الابتسامات ونتبادل التهاني والتبريكات ... خرجنا لنلمس التغيير لا لنحتفل به ,,,

ثم إني لا ادري علام تحتفلون ,,, ولمن نطبل ونزمر هذه المرة ... نحن لا تسعدنا لحظات واهمة من الفرح تصرف لنا لأغراض في نفس ابن يعقوب من المباهاة في كل حين ... وأين هي الانتصارات على الأرض وليس في هواءنا الملوث بأطنان الغازات السامة المنبعثة من براميل القمامة المحترقة في كل شارع وحارة .... 

قولوا لنا بالله عليكم كيف نحتفل وهناك ملايين من شعبنا يتألمون ,,, يتوجعون ... يقتلهم الهم حتى يوفرون لقمة عيش لهم ولابناءهم .... يالله ,,,كم يقتلنا ذلك الحزن الذي يخيم على وجوههم المكدودة ... والغم الذي يخيم في عيونهم الغائرة الزائغة .. كيف نفرح .... دلونا كيف؟

كيف وبلادنا تتقاذفها الأخطار وتعبث بها أيدي الأشرار .... كيف نفرح ونحن نقتل بعضنا البعض ونخون بعضنا البعض ,,, ونتآمر على بعضنا البعض ,, ومازالت الخارطة قاتمة الملامح في عقولنا وأفكارنا جميعا .

ومن أين لنا بالسعادة والشعب يرزح تحت وضع اقتصادي كارثي والمجاعة تطرق الأبواب بعنف وبدون رحمة ,,, كيف اسعد وأمامي ملايين الجوعى ,,, ومئات الآلاف من النازحين والمعوقين والمهمشين ,,,, مئات الآلاف من المشردين ,,,وملايين الفقراء ,,, ومئات الآلاف من المتسولين ,,, وآلاف المجانين يطوفون ويهيمون في رحلات مكوكية لا تنتهي ,,,, كيف وأنا كيمني لا قيمة لي ولا وزن ولا كرامة لاني من منجزات نظام صالح البائد ,,, كيف والقتلة يسرحون ويمرحون ,,, والفسدة والمفسدين يكشرون لنا عن أنيابهم التي لا تشبع ...

كيف احتفل وصور الشهداء في مخيلتي لا تفارقني ,, كيف وأرواحهم الطاهرة تصرخ في عقلي ليس الآن موعد الأفراح والليالي الملاح ....اسمعهم يصدرون بيان شجب وإدانة ,,, ومجتمعون يهتفون ,,, توقيتكم هذا لا يسعدنا بل يقلقنا ,, يقض مضاجعنا ,,,,, لم نجد بعد ثمن ما ضحينا من اجله بأرواحنا ودماءنا ,, واحرقنا من اجله أكباد أهلينا حتى تحتفلون ,,, ,,,

 كيف ؟ كيف ؟ كيف يا شعبي المعذب كيف افرح واحتفل ,,, هل نرقص على نغمات أناتي وأهاتي .... ودموع الأيتام والأرامل والجرحى أين اذهب بها وهي تطاردني ...

كيف احتفل وشعبنا يذوق كافة أنواع العذاب والمهانة من خوف وفقر وتنكيل وقمع وإرهاب وغيره ... ولم لا نبكي وقد قالها عمر بن عبدالعزيز لزوجته فاطمة عندما سألته عن سبب بكائه :ويحك يا فاطمة , أني وليت أمر هذه الأمة ففكرت في الفقير الجائع , والمريض الضائع , والعاري المجهود , واليتيم المكسور ,والمظلوم المقهور ,والغريب والأسير والشيخ الكبير والأرملة الوحيدة وذي العيال الكثير والرزق القليل وأشباههم في أقطار الأرض فعلمت أن ربي سيسألني عنهم يوم القيامة وان خصمي دونهم محمد صلى الله عليه وسلم فخشيت ألا تثبت لي حجة فلذلك بكيت ..

لابد ان نستشعر المسئولية الملقاة على عاتقنا ,,, قبل ان نقف أمام ( فوربك لنسألنهم أجمعين . عما كانوا يعملون ),,, لابد ان تتجسد روح المسئولية في الأفراد والمجتمعات ,, في الهيئات والمنظمات , في الأحزاب والمؤسسات , في الشعوب وفي الحكومات ,,, لسبب بسيط هو ( كلكم راع ومسئول عن رعيته ) ,,, ( وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه )

. أليست المجاعة هي من أبكت عمر بن الخطاب طويلا في عام الرمادة حتى فرج الله عن المسلمين وكان آخر من آكل بالمدينة بعدما اطمأن على شعبه الذي أشبعه قوتا وأمنا وحقوق وحريات وعدالة ومساواة ,,,

انتم تحتفلون بنفس الطريقة الصالحية ,,, كم صرفتم ثمن المفرقعات والألعاب النارية والاستعراض والاحتفال الديكوري الطاووسي .. صرفت ملايين على أفراح الهواء التي تنتهي في الهواء ,, ولا فائدة منها لهذا الشعب المتعب حتى النخاع ,,, أليس كل من ذكرت سابقا كان أحق بملايينكم ,,,

,,, يا حزبي الغالي اعرف انك من صرفت كل هذه الأموال ....وأتساءل لم تعبثون والي متى ,, ولماذا ,,, ......

أيا حزبي الغالي هل ستديروننا بذات عقلية علي عبدالله صالح ونظامه الذي غرس قيم سلبية لا أهمية لها ولا طائل غير إشباع غريزة إظهار القوة ولو على حساب الآم الشعب ,,,, هذا الرجل كان يصرف ملايين الريالات ليفرح هو ويمرح ,, ويعطينا نحن أوهام الفرح وسراب الفرج .... لم هذا الإسراف ,,, ووقت الفرح لم يحن بعد ... هل على عقولنا تضحكون ,,, نحن في غنى عن الأوهام ... انتم الآن تحكمون وسنحاسبكم على كل ريال يصرف في غير محله ,,, وكنا سنسعد فعلا ان خصصت الملايين التي صرفت للهواء وفي معظم المحافظات ,, لتشجيع المثقفين في رسم معالم طريق التغيير القادم ,,, في أبحاث ودراسات تقدم من كل فئات وشرائح المجتمع,, لكيفية المساهمة في حل معضلا ت بلادنا الكثيرة , والمشاركة في صنع نهضة حقيقية وتنمية مستدامة ,,,

اعذروني إن لم احتفل إذن ... قد أتنفس الصعداء قليلا في 21 فبراير عندما يعمد الشعب على وثيقة إعدام علي عبدالله صالح سياسيا ,,وبداية وضع أقدامنا على أعتاب التغيير المقلق ,,,, لكن يوم عيدي وعيدكم الذي سنفرح فيه سيكون يوم ان نرى شعبنا :

في ظل نظام جديد يقوم على الديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية الحقة ,,

عندما تحل مشكلة المحافظات الجنوبية وفق حل مرضي وعادل يساهم في توحيد بلادنا وتقويتها في مواجهة الأخطار التي تلم بها وتحدق بها من كل حدب وصوب ..

عندما تنتهي اعتداءات الحوثيين بمشروعهم التوسعي الذي يسعون من خلاله إلي تقسيم البلد وجعله لقمة سائغة في أفواه المتربصين ...

سنحتفل عندما يذهب اليمنيون لاختيار رئيسهم في انتخابات تنافسية وبكل حرية ونزاهة بعد المرحلة الانتقالية الثانية .....

عندما تبنى دولة المؤسسات ,, دولة القانون ,,, دولة ذات سيادة على مواطنيها وأراضيها وشؤونها الداخلية ... دولة ذات جيش موحد محايد خادم للشعب وأمنه واستقراره بدون أجهزة القمع الأمنية و القومية ...

سنحتفل إذا لم يعد ببلادنا فقير وعاطل ومظلوم ومغبون ومسجون رأي ,,, سنحتفل عندما نرى البسمة في وجه اليتيم والأرملة والمسكين والعاجز والمريض وفق رعاية تحفظ لهم كرامتهم وإنسانيتهم ,,, سنسعد عندما تخلو شوارعنا من المرميين على قارعتها ,, أطفال ومرضى نفسيين ومسنين رجالا ونساء .. سنحتفل عندما نرى الجميع ينطلق من منظومة قيم ديننا الحنيف ويمارسها في كل شؤون الحياة في البيت والحي والشارع والطريق والمدرسة والعمل في الداخل والخارج ...

وحتى ذلك الوقت .... فحذار من الإفراط و التفريط و العبث و الإسراف و الاهتمام بالمظاهر على حساب الجوهر والاهم والأولى والأنفع والأعم ... ,,,,, حذار فمازال المشوار بعيد والطريق طويل ...

 ولنشمر للفرحة الحقيقية التي ليس بعدها حزن او هم او نصب ,,, انه الاحتفال الصادق ,, والمهرجان الخالد ,,,, يوم ان نلقى الله وهو عنا راض لأننا كنا على قدر المسئولية والأمانة التي تبرأت منها الجبال وارتضيناها نحن لأنفسنا ... عندها سنوقد الشمعة الأولى وترتفع شعلة النجاح .... ودمتي يا ثورة التغيير

العيد عندي يوم أن ألقاك بلادي لك تتجه لعزك مآقي العيون 

وفي سبيل رفعك و مجدك يهدر الغال من أجلك يهون

فاعذروني إن لم احتفل فقلبي المحروق من هول الشجون

يتلوى يرتجف يبكي يحتضر كذلك العصفور مبدع ذي فنون

مذبوح يرقص من فرط الألم و مثله قلبي المهموم تتقاذفه المنون ....

* رئيسة منظمة مساواة للتنمية السياسية وحقوق الإنسان - تعز