وقفات وتبيان ... لافتراءات بن عيدان
بقلم/ احمد طلان الحارثي
نشر منذ: 12 سنة و شهر و 8 أيام
السبت 06 أكتوبر-تشرين الأول 2012 03:44 م

يقول الله تبارك وتعالى: (لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا) ومع هذا الإذن الإلهي إلاّ أنني سأحاول عدم الجهر بالسوء برغم ما طالنا من ظلم فادح ، وأسأل الله أن يوفقني لذلك ، وإن حصل مني زلل فأرجو المعذرة.

هذه المقدمة البسيطة لموضوع ذو أهمية كبيرة يتعلق بالذود عن العرض الجماعي لعشرات الآلاف من الناس يجمعهم تكوين تنظيمي كبير ـــــ التجمع اليمني للإصلاح ـــــ تجنّى عليه أحد الكتّاب من خلال مقال نشر عبر الصحافة الإلكترونية ، وقبل الدخول في التفاصيل لا بد من اطلاع القراء على ذلك الكاتب وهو الدكتور حسين لقور بن عيدان الخليفي من قبيلة (خليفة بني هلال) وينتمي جغرافياً إلى مديرية عتق التي تقع فيها مدينة (عتق) عاصمة محافظة شبوة وهجر الوطن منذ فترة واستقر به المقام في إحدى الدول المجاورة ويمارس مهنة الطب البشري (جراحة) ولعل هذه المهنة هي التي قادته إلى اعتماد أسلوب التجريح طريقاً لبث حقده وغيضه عبر تهم باطلة ليس لها أي سند من الواقع ، وبما أنه من أبناء شبوة فإننا نتشرف بما لديه من المؤهلات العلمية والخبرات العملية التي دخل بها مع الناس من أوسع الأبواب ، إلاّ أننا لم نكن نرغب في أن يدخل علينا من باب الافتراء والتضليل.

وقبل الوقوف والتبيان لتلك الافتراءات أرى من الضروري الاطلاع على منطلقات الإصلاح وخصائصه وهي:

أولاّ: إنه يقوم على أساس منهج الإسلام الشامل لكل جوانب الحياة ، فهو حركة إصلاح اجتماعي ودعوة إحياء وتجديد فكري ، ومحضن تزكية وتهذيب فردي ، وهو تنظيم سياسي شعبي مفتوح لكل المؤمنين بمنطلقاته وأهدافه.. الملتزمين بنظمه ولوائحه.

ثانياً: إنه لم يقم استجابة لدواعي الأهواء أو العصبية ولا تمثيلاً لفئة أو طبقة ، وإنما هو اجتماع على الخير وتعاون على البر وتعاهد على التناصر في الحق والتواصي بالصبر وتعاقد على إحياء شُعب الإيمان وإقامتها في الواقع وجمع الكلمة على ذلك.

ثالثاً: إنه يقوم على مبدأ الشورى الملزمة أساساً في اتخاذ القرار وإيجاب النصيحة طريقاً لإشاعة المعروف والتواصي بالحق والصبر ويعتبر ذلك مقوماً أساسياً من مقومات الشخصية يعمل على تأصيلها والتربية عليها وإشاعتها وبسطها بالتعليم والثقافة والممارسة.

رابعاً: إنه يأخذ بمنهج اليسر ويدعو إلى التسامح وينأى عن مواطن الخلاف.

خامساً: إنه يجمع بين الأصالة والمعاصرة .. فلا ينقطع عن جذوره أو يتنكر لها ، ولا ينغلق على نفسه أو يهمل الأخذ بكل جديد نافع .. ويسعى للحاق بالعصر والاستفادة من وسائله في إطار ضوابط الشرع وأحكامه.

سادساً: إنه يؤمن بالحوار الإيجابي البنّاء ، والمجادلة بالتي هي أحسن وسيلة للقاء بين المتحاورين ، والاستعداد للاستماع وقبول الحق.

والإصلاح ينطلق في كافة أنشطته وأهدافه ووسائله من المبادئ التالية:

1ـــ الإسلام عقيد وشريعة ، عقيدة ينبثق منها تصور شامل للكون والإنسان والحياة وشريعة تنظم الحياة بمختلف مجالاتها.

2ــــ كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أصل الشرعيّة والمشروعيّة وكل ما خالفهما باطل ومردود.

3ــــ الديمقراطية المنضبطة بأحكام الإسلام أسلوب لممارسة الحكم ورفض الاستبداد بكل أشكاله وألوانه وتعميق الشورى في الأمة واعتمادها مبدأ ملزماً في أمور الإصلاح كافة.

4ــــ الحرية بمفهومها الإسلامي حق فطري كرم الله بها الإنسان ولا تستقيم الحياة الإنسانية إلاّ بها.

5ــــ العدالة غاية وفريضة أوجب الله على المسلمين أن يقيموا حياتهم الخاصة والعامة عليها حتى يقوم الناس بالقسط.

6ــــ اليمن أرضاً وشعباً وحدة لا تتجزأ وهي عربية إسلامية لا تنفصل عن الأمة العربية والإسلامية بحال من الأحوال.

7ــــ الأمة العربية والإسلامية أمة واحدة والسعي لتحقيق وحدتها واجب شرعي.

8ــــ الاستفادة من تجارب حركات الإصلاح الإسلامية عبر التاريخ القديم والمعاصر.

هذا هو (الإصلاح) لمن لا يعرفه ، وسنقف مع الدكتور بن عيدان وقفات توضيحية لما صدر عنه من اتهامات باطلة ضد (الإصلاح) ، وهذه هي الوقفة الأولى مع ما جاء به الدكتور حيث قال: (ما هو أخطر من كل هذا أنهم ما زالوا يعملون بقوة بث الفرقة وزرع الفتن بعد أن أحيوا ثقافة الثارات كي تصبح لهم يد في التدخل لحلها فيما بعد والظهور بمظهر المصلحين والعاملين على حل تلك المشاكل خدمة لأهدافهم ومصالحهم) ونحن نقول أن هذا القول مردود على صاحبه لأنه منافي لحقائق الواقع التي تعيشها الناس مع جهود أعضاء (الإصلاح) في جانب إصلاح ذات البين ، وسيقف معي كثير من أبناء محافظة شبوة ممن يعايشون هذه الجهود المخلصة والتي على رأس القائمين بها رئيس المكتب التنفيذي للتجمع اليمني للإصلاح الأستاذ أحمد محسن عبود الشريف الذي عرفته جميع مديريات المحافظة والمناطق المجاورة لها من المحافظات الأخرى ، كمصلح اجتماعي ساعي للخير والصلاح والسداد ، باذلاً جهده ووقته وماله في هذا المضمار ولا نزكيه على الله.

كما أود أن أخبر الدكتور حسين بأن مسئول الدائرة الاجتماعية بالمكتب التنفيذي (للإصلاح) بالمحافظة هو الأستاذ علي محمد عامر الخليفي وهو من أبناء قبيلتك يا دكتور وقد عرف بما يبذله من جهود في مجال إصلاح ذات البين على نطاق واسع في محافظة شبوة ، ولولا الحاجة الضرورية جداً لما ذكرت هذه الأسماء ولكن هناك أناس كثير لا يعرفون أنها تنتمي (للإصلاح) لأنها تعمل بدوافع ذاتية وفق منهجية ثابتة لا تعتمد على التهريج وتتحاشى المظاهر والشكليات ، ولذلك قد لا يعرف الكثير عن ارتباطها التنظيمي (بالإصلاح) ، وأخشى أن يتأثر بعض الناس بما يقوله الدكتور بن عيدان ، غير أن هذه الاتهامات ساقتنا جبراً إلى طلب النجدة والنصرة ممن عرفوا تلك الجهود لؤلئك الأشخاص وغيرهم كثير لا زالت أسماؤهم غير متاحة للنشر ، بالإضافة إلى دور كبير لوجاهات وشخصيات اجتماعية لا تنتمي (للإصلاح) ولكن لها علاقة وثيقة بالشخصيات الإصلاحية البارزة في مجال إصلاح ذات البين ، وستقول كلمتها الصادقة وشهادتها المخلصة تجاه هذه الإدعاءات الباطلة يا سعادة الدكتور.

وهذه هي الوقفة الثانية مع ما جاء في قوله: (كما أن قوى النفوذ هذه في صنعاء المالك الأساسي لحزب الإصلاح لم تتعلم بعد أن الجنوب ليس قطعان همل يمكن قيادتهم تحت إمرت شيخ قبلي أو ديني كما هو حاصل لديهم وليس هناك من هو مستعد لأن يحمل سلاحه كي يدافع عن مصلحة شيخ جاهل أو مدعي كذاب) وهنا نقف في حيرة من هذه المسميات التي يتنكر لها سعادة الدكتور إذ أنه ينتمي إلى قبيلة عريقة يعود نسبها إلى بني هلال أصحاب الصولات والجولات البطولية في تاريخ العرب وأصحاب المجد التاريخي المتأصل ، ولا أدري لما هذا العداء ممن ينتمون إلى القبيلة في مجتمعنا اليمني الذي ظلت فيه للقبيلة مكانتها ودورها البارز في رسم معالم الحياة المدنية حتى في عهد الدولة التي عاش تحت ظلها في جنوب اليمن أكثر من ربع قرن من الزمان ، ويزداد عجبي كثيرا حينما أفكر من أين للدكتور شعب إذا كان يريد استبعاد القبيلة من خارطة الحياة ، لأن إبعاد الوجاهات الاجتماعية من المشهد العام لحياة البلد يعني إبعاد مجمل السكان يا سعادة الدكتور، وفي الجانب الآخر من التعجب والإندهاش أن الدكتور حسين يريد استبعاد الدين من حياة الناس وهو رجل مسلم أبٍ عن جد ، فكيف به وهو يتهجم على رجال الدين في حين أن مجتمعنا جميعاً هم رجال دين ويدينون بالولاء التام للإسلام بما فيهم الدكتور نفسه ، والعيب في من يدعي احتكار تمثيل الدين أما من ينطلق من قواعده لرسم حياة المجتمع على ضؤ أحكامه وتعاليمه السمحة فهذا ليس قدحاً فيهم بل هو شرف عظيم ومهمة نبيلة أن يسعون إلى تحقيق سيادة شرع الله في هذه الحياة ، وليكن معلوما لديك أيها العزيز الغالي أن أعضاء (الإصلاح) لم ولن يحملوا السلاح خدمة لأهداف شخصية أو بحثاً عن مصالح ذاتية ولكنهم يبذلون وسيبذلون كل ما في وسعهم من أجل تحقيق السعادة والرخاء للمواطن اليمني الذي استبدت بحياته أنظمة الجور والطغيان شمالاً وجنوباً بعد الوحدة المباركة وقبلها على حدٍ سواء ، ولعل التاريخ قد سجل لك شيئاً من ذلك سلباً أو إيجاباً خلال الفترة الماضية.

والوقفة الثالثة مع بعض المعاني المتداخلة نخلص منها بقوله: (ما يجري اليوم بعد الأزمة الأخيرة في صنعاء وإفشال هذه القوى لمشروع الثورة ... لزيادة جرعة تمزيق النسيج الاجتماعي في الجنوب ... وصمود وعيه المدني القانوني في وجه حملة التجهيل والتخلف التي يقودها الإصلاح ... بعد أن اعتقدوا أن الأمور في الجنوب قد دانت لهم من خلال بعض من قبل العمل معهم من الجنوبيين) وهنا يستلزم الأمر الإشارة بإيجاز إلى أن الثورة الشبابية الشعبية السلمية سائرة في الطريق المرسومة لها وقد حققت أكبر هدف وهو إسقاط رأس النظام العائلي ولا خوف عليها من الضياع مهما تخيل الغائبون عن واقعها خارج نطاق التغطية الثورية والذين لا صلة لهم بها على الإطلاق ، وليكن في علم الدكتور حسين أن نشاط الإصلاح منصب على جمع الكلمة وإحياء روح المحبة والألفة والتكافل الاجتماعي ويبذل في سبيل ذلك كل ما يملك من الجهد والوقت والمال ولم يكن (الإصلاح) في يوم من الأيام أداة لتفريق الصفوف ، بل يعمل على لم الشمل وإزالة كل ما يكون سبباً للفرقة والشتات ، وقد دأب على تبصير المجتمع بما له من الحقوق وسعى ويسعى إلى تبني المطالبة بها تحت شعار واضح ومعلن (النضال السلمي طريقنا لنيل الحقوق والحريات) وليعلم سعادة الدكتور أن أعضاء (الإصلاح) لا يدينون بالولاء لأي كان سوى مولاهم عز وجل ويتعبدونه بما يقومون به من جهود في إطار هذا التنظيم الشعبي المفتوح ، كما أود التأكيد يا سعادة الدكتور أننا كأعضاء في (الإصلاح) وفي محافظة شبوة بالذات قد تصاعدت أعدادنا ولا زالت في تصاعد مستمر وكل يوم نزداد ويتعمق إيماننا بصحة النهج الذي نسير عليه ضمن الخط المرسوم للتجمع اليمني للإصلاح على مستوى الوطن اليمني الكبير ، ولتعلم مجدداً أن أكثر من خمس من أهم دوائر المكتب التنفيذي (للإصلاح) في محافظة شبوة هي بأيدي شباب (الإصلاح) المنتمين إلى قبيلة خليفة ، وهذا يزيدنا فخراً واعتزازاً بدور أبناء القبائل الذين تتهمهم بالتخلف والتجهيل ، كما يزيدنا ثقة بأنك قد خدعت في معلوماتك عن حقيقة (الإصلاح) وندعوك إلى مراجعة تلك المعلومات والتثبت من مصادرك التي تتلقى منها ، فأنت عزيز علينا بانتمائك لليمن الموحد وبانتمائك لمحافظة شبوة الباسلة وقبائلها الأشاوس ، وبانتمائك لعاصمتها (مدينة عتق التاريخية).

ووقفة أخيرة مع ما أشار إليه الدكتور بقوله: (ولكن التاريخ علمنا أن من يصنع مستقبل الأوطان هم الشعوب ليست قوى الظلام والتخلف التي تم استيرادها من خارج ثقافة هذه الشعوب) وأقف معك وقفة احترام وتقدير لهذا الرأي ، مع التأكيد على أن قوى الظلام هي طيور الخفافيش فقط ، أما الإصلاحيون فيعملون في وضح النهار وليكن في علمك أن رمزنا الانتخابي هو (الشمس) إيماناً منا بأهمية الوضوح والصدق والتعامل على أساسه مهما كلفنا ذلك من ثمن ، ونحن جزء من هذا الشعب الذي يصنع مستقبل الوطن اليمني وثقافتنا أصيلة نابعة من منهج الإسلام الحنيف وننطلق منها في تعاملنا اليومي كما سبقت الإشارة إلى تلك المنطلقات والخصائص في مقدمة الموضوع ، وأصل هذه الثقافة عندنا قائم على كلمة التوحيد (لا إله إلاّ الله محمد رسول الله) والعمل بمقتضاها ، ونسأل الله أن يثبتنا عليها حتى نلقاه ، أما الثقافة المستوردة فهي تلك التي كرستها دولتك الجنوبية الديمقراطية الشعبية خلال الفترة السابقة لقيام دولة الوحدة المباركة والتي تنطلق من معتقدها المنحرف (لا إله والحياة مادة) والتي فعلاً نبذها مجتمعنا المسلم ورفض التعاطي معها وفق ما كان يُخطط له ، بالرغم من وسائل الترغيب والترهيب التي تعرض لها المجتمع في تلك الفترة.

هذه الوقفات من وجهة نظر شخصية ولا تعبر عن الموقف الرسمي (للإصلاح) وكان بالإمكان السكوت عن هذا الموضوع ، غير أن الدكتور أمعن كثيراً في التهجم على (الإصلاح) في أكثر من موضوع ، ونحن كأعضاء يمسنا هذا التهجم بشكل مباشر على اعتبار السكوت دليل أو على الأقل قرينة قد تدفع الآخرين إلى مزيد من هذه الأساليب ، وبما أن هذه الاتهامات من قبل الدكتور هي الثالثة من نوعها كان لابد من المواجهة ، خصوصاً وقد تجاوز مضمونها كل ما يمكن السكوت عليه.

والله من وراء القصد ،،،