عضاريط.. خرابة صالح ... و عفش .. الاحزاب
بقلم/ علي عبدالملك الشيباني
نشر منذ: 12 سنة و 7 أشهر و 26 يوماً
الأحد 18 مارس - آذار 2012 11:24 م

Alshaibani51@gmail.com

كما هو البعوض لا يعيش ولا يتكاثر الا في الاماكن غير النظيفه والمياه الاسنه وعبرها تنتقل الى اجسادنا شتى الامراض ، كذلك هي المشاريع الصغيره التى لا تجد نفسها سوى في ظل غياب دولة المواطنة ومشروعها الوطني الديموقراطي الجامع ، وبسمومها يصاب البعض بالتلوث الثقافي والسياسي والاجتماعي لافتقارهم للتحصين المعرفي لادراك هكذا حالات ، اسبابها ودور الحاكم العربي في نشأتها واللعب بخيوطها بما يعتقد انها تمنحه فرصة البقاء على كرسي الحكم لاطول فترة ممكنه .

من هذا المنطلق ، مثل نظام علي صالح اكبر مستنقع لنمو مثل هذه المشاريع ، منه راجت ثقافة ماقبل الدولة ، وفيه تكونت الحركات المذهبية والمتطرفة ، وعلى صفافة فقست قواقع الحوثيين والسلفيين والقاعدة ، والنوع الرديء من الحراكيين وقادة العمل السياسي والمدني وما يسمى بالليبراليين الجدد.

2

" العضروط " في الثقافة الشعبية التعزية يعني " جني خرابة " لا يغادرها ولا يدعك تعيد بناءها ، هذا ما ينطبق على حال البعض الان ، فلاهم غادروا المشهد العام ولا هم تركوا اعاقة الاخرين في المضي نحو تحقيق اهداف الثورة ، ودون ان يشكلوا عبئاً اضافياً على قوى التغيير الى جانب التركة الثقيلة التى ورثها النظام السابق.

 اذ وبعد 33 عاماً من التدمير الممنهج للدولة والمجتمع و نهب ثروات البلاد ، قرر اليمنيين بكل قواهم السياسية وفئاتهم الاجتماعية ردم هذا المستنقع بامراضه وروائحة النتنه ، عدا من اشرت اليهم سلفاً ، ناهيك عن " عضاريط " الاسرة واللذين ما زالوا في مواقعهم العسكرية والامنية حتى اللحظة ، لكأن المبادرة الخليجية لم تكن سوى فرامل كابحة لثورة تبدُ لنا احياناً مشلولة القدمين.

3

بعيداً عن الخوض في فك شفرات بروز الحالة الحوثية ، وعدد المعارك التى ينتصب امام اشتعالها وتوقفها اكثر من سؤال ، ومصلحة علي صالح من وجودهم المسلح في ابتزاز المملكة من ناحية ، واضعاف قيادة المنطقة الشمالية الغربية ابرز القوى المعيقة لعملية التوريث من ناحية اخرى ، بعيدا عن ذلك ، ظل الحوثيون يسوقون انفسم كضحايا لعدوان رسمي غير مبرر، وان مقاومتهم المسلحة تكتسب شرعيتها من مبدا الدفاع عن النفس ، وبرغم تحفضاتنا على ما كان يجرى هناك الا اننا تعاطينا مع خطابهم السياسي والاعلامي على هذا الاساس ، مع ان الامر لو كان كذلك فان شرعية وجودهم المسلح تنتهي بمجرد رحيل النظام ، وكل ما كان يجب ان يقوموا به بعد ذلك المطالبه باعادة ما دمرته الحرب لا اكثر.

بيد ان استمرار الحوثيين كحركة ذات توجه توسعي مسلح في شمال الشمال ، ومحاولته البائسة التمدد صوب الوسط والجنوب عن طريق الاموال ، واصراره على السير في اتجاه معاكس لمعطيات اللحظة التاريخية وخارج اطارالسياق الثوري العام ، يؤكد على حقيقة أن الحوثي بات ورقة سياسية ومذهبية على طاولة الصراع الاقليمي ، وان وجود العامل الخارجي بهذا الوضوح سيعقد عملية التعاطي مع الحالة الحوثية من جانب النظام الجديد مستقبلاً ، حيث استطيع الجزم سلفاً ان مواقفه لن تتوقف عند حدود مقاطعة الانتخابات بل ستتعداها الى رفض الدخول في عملية الحوار الوطني القادم ، مع الاخذ بالاعتبار ايضاً ان الحركات المذهبية والعنصرية لا تستطيع التنفس سوى في ظل الفوضى واللادولة ، مالم يكن الحوثي قد عقد صفقة ما مع " أحمد علي" يقوم الاول بموجبها بافشال كل ما يؤدي الى استعادة الدولة- التي لا يكون فيها للسيد قداسته السلالية المريضة- وذلك خلال المرحلة الانتقالية بهدف ايصال الداخل والخارج الى قناعه مفادها ان اليمن لا يستطيع ان يحكمها احداً غير اسرة "علي صالح" ،يضمن الحوثي بموجبها تقاسم السلطة اذ ما نجح المخطط.

عند الحديث عن الحوثيين ، تستوقفني محاولاتهم العبثية لاستمالة تعز ، والحديث عنها بذاك الابتذال المثير للسخرية . وفي هذا الصدد يهمني القول ان تعز ليست ضحيان، اذ غادر ابناءها قواقع المذهبية والمناطقية منذ زمن بعيد ، وانتمى جلهم للمهنه والتعليم والمعرفة والثقافة الانسانية بافاقها الرحبه ، وان " ريق السيد " وتراب مرقده لم تعد علاجاً كما كانت لناس الازمنة الغابره والتى بسببها اصيب الكثيرين منهم بامراض التيبي وحصوات المراره .

لقد عانينا من حكم اجداد الاخ عبدالملك طوال 1200 عام ، ونظرتهم لنا على اننا " عيال مقاهي " ناقصوا المواطنة والانتماء الاجتماعي ، كما نعاني الان من عبثه ونظرته للثورة وجماهيرها على هذا الاساس بمعنى "ثورة عيال مقاهي" . وانصحه عند التعاطي مع تعز بالا يراهن على استمالة " س " من المشائخ او " ح " من المثقفين ، فالشيخ هو الشيخ، والمثقف الانتهازي يظل حاضراً في كل زمان ومكان .

ان تعز التى توزع روحها وعرفها وعرقها على كل البلاد لا يمكن لها ان تصطف على اساس مناطقي او ايً من الامراض والعقد المشابهة ، وان محافظة لا ينام " البتول " في ريفها الا والراديو الى جانبه بعد متابعته نشرات كل الاذاعات العربية ، يستحيل ان تتحرك خارج الافق الوطني أو أن تستجر وتتعاطى مع خلاف مضى عليه 1400 عام ، وبالتالي لا يهمنا ان يكون الحوثي " اثنى عشري " او " خمسة عشري " ، المهم بالنسبه لنا ان يقع مواطن يؤمن بدولة المواطنة المتساوية ويلتزم بالنظام والقانون ويحترم خصوصية الاخرين ، كما هو مطلوب منهم تجاهه ايضاً .

وعلى اساس هذا العقد الاجتماعي يمكن لنا ان نتقدم بفضائلنا للناس ونحترم نتائج خيارتهم في انتخابات حره ونزيهه.

4

على عكس الحالة الحوثيه ، تبرز القضية الجنوبية كقضية حقيقية بابعادها الوطنية والانسانية.

كان الجنوب دولة مستقلة توحد مع الشمال تحقيقاً لهدف وطني ناضل من اجله الناس زمناً طويلاً.

بالنظر إلى حرب 94 وما ترتب عليها من أقصا وتهميش ونهب لكل شيء كان من الطبيعي أن نسمع سقف الخطاب الجنوبي المرتفع حد المطالبة بفك الارتباط، بل علينا أن نتفهم حالة الطفح التي يعيشونها مع ذلك –وعلى الرغم من التعبير عنها من قبل البعض بطريقة مبتذلة وعنصرية- فان المشكلة ليست جغرافية أو تاريخية أو من تلك التي يزخر بها الوطن العربي كالمذهبية والطائفية، لكنها ناجمة عن حالة غدر لنظام غير مسوؤل أفسد كل شيء وبالتالي فان اعادة الاعتبار للوحدة اليمنية وجعلها مصلحة للناس وتعميدها بالتنمية والنظام والقانون والمواطنة المتساوية - بدلاً عن تعميدها بالدم - كفيل بمداواة الجراح واعادة عربة الوحدة الى مسارها الوطني.

اما "عضاريط" خرابة صالح من البلاطجة المسلحين باسم الحراك لا يخفى على احد من يقوم بتمويلهم وادارتهم واستخدامهم على النحو الذي شاهدناه اثناء العملية الانتخابية.

 

5

"عضاريط" عفش الاحزاب وهم بحسب تعريف الاخ عبدالهادي العزعزي اولئك الحزبيين اللذين انتمو للاحزاب خلفاً للوالد او احد الاقارب أو تأثراًً بأشخاص طيبيين في قراهم أو التحقوا بالاحزاب بهدف الفوز بدائرة انتخابية، لا يختلفون في شيء عن تلك القوى المعيقة لعملية التغيير من خلال خطابهم المحبط والمكسر لمجاديف الناس، يشككون في كل شيء ويسيرون بلا وعي خلف أي خطاب ودون أي ادراك الى أي منحدر قد يقودهم.

كذلك هم الليبراليون الجدد الذين ظلو يعيرونا لسنوات بفشل مشاريعنا القومية والاشتراكية وفي اللحظة التاريخية انفصلوا عن حركة الشارع واصطفوا مع "علي خربان " ونظامه العائلي من خلال اسهالاتهم اليومية على صفحات بعض الصحف "المستقلة"، اسأوا فيها بأفراط للثورة وجماهيرها الحافية . كم يحزنني حال هؤلاء عندما يتعاملو مع القيم الليبرالية على انها مجرد حلق شوارب واحتفال برأس السنة الميلادية.