على ضفاف قمة الأنظمة
بقلم/ بكر احمد
نشر منذ: 17 سنة و 7 أشهر و 15 يوماً
الأربعاء 21 مارس - آذار 2007 04:49 م

مأرب برس - خاص

بمزيد من الفتور وألا مبالاة يقف المواطن العربي يرقب القمة المزمع انعقادها في العاصمة السعودية الرياض ، وبمزيد من فقدان الخيارات يظل هذا العربي يشحن نفسه بهرمونات الرجاء أمام المقام العالي من رؤساء وملوك وأمراء على أمل أن يحركوا ساكنا أبى أن يتزحزح منذ عقود طويلة .

أربعة سنوات مضت على احتلال العراق ويمر شعبه العربي هناك بعملية إبادة شاملة سيكتب التاريخ عنها مرارا وتكرارا ويتدخل بشؤونه كل قاصي وداني إلا العربي فهو محرم عليهم الولوج بهذا الشأن ، بل أن التصريحات التي نعتقد أنها أقل ما يمكن أن نسمعه لم تعد موجودة إطلاقا وكان الأمر يحدث في أحدى الدول اللاتينية البعيدة وكأن روابط العروبة واللغة والدم ألتي تربطنا بالإنسان العربي في العراق كلها أضحت أمورا خرافية لا يجب الشعور أو الإحساس بها ، بل أن المصالح من مقاييس الضرر التي قد تهدد استقرار الدول العربية المجاورة للعراق أمر هو الآخر لا يجب التحدث عنه ، وصار الفارسي هو الآمر الناهي وهو الجوكر الفاعل في العراق وصار يمتلك قوة كبيرة ومؤثرة ليس على الوضع العراقي وحسب بل أمتد كالإخطبوط على المنطقة العربية كلها وهو مكشرا عن أنيابه التي طالما أخفاها تحت عمائمه السوداء الممتلئة حقدا تاريخيا .

من الصعب حتى وأن رأينا بأم أعيينا ما يحدث بالعرق أن نصدقه ، فمازلنا ورغم أربعة سنوات دموية تحت تأثير الصدمة ولا أمل يعول كثيرا على التحرك العربي الذي هو مشغول في الكيد للعربي الآخر أكثر من اهتمامه بالمخاطر التي تحدق به ويتطاير شررها بالأرجاء ، فعدد القتلى المهول ومليشيات القتل النشطة وانعدام كل شيء يساعد على البقاء على قيد الحياة هو أمر لا يمكن تصوره يحدث الآن في العراق ذاك البلد الذي ما بخل على شعبه أو على العرب بشيء من خيراته .

هاهو العراق ورقة حمراء أمام طاولات المؤتمرين في القمة العربية ، فماذا يستطيعون أن يفعلوا وهنالك منهم هؤلاء العرب من تآمر عليه وطعنه بألف خنجر في ظهره ويصاب بحالة هذيان مرضية بمجرد أن يسمع أحدهم يقول بأن العرق بلد محتل ويعاني من مشاكل إجرامية ، ماذا يستطيع هؤلاء العرب أن يفعلوا وهم في مؤتمرهم هذا في الرياض لا يستطيعون أن يخرجوا بقرار بسيط دون أن يمر على الإدارة الأمريكية المتحكمة فعلا بمصيرهم .

من السذاجة بمكان أن نتعقد أنه ولو لوهلة بأن القمة العربية تستطيع أن تأتي بحل حتى وأن كان نظريا للعراق فكل شيء خرج عن نطاق السيطرة ،وصار من بداهة المنطق أن يتم التعويل فقط على المقاومة العراقية الشريفة والبطلة والتي تكبد الغزاة خسائر ضخمة لم يعد من السهل إخفائها والتي تستطيع هي وحدها أن تعيد العراق كما كان ، لأنه دائما القوي على الميدان هو القوي على طاولات التفاوض وهذا ديدن الصيرورة في هذا العالم ، أما هرطقات السلام والمحبة التي تأتي رديفة مع جنازير الاحتلال لن تأتي إلا بمزيد من النهب والطائفية والدمار .

وهذا ما نراه بالضبط وهو ما تقوم به إسرائيل مع العرب حين قررت أن المبادرة العربية غير ملائمة لها وأنه يجب أن يتم التعديل عليها ، والجميع يعلم أن تلك المبادرة هي أقصى ما قد تقدمه أمة منهزمة أمام مستعمريها لأن أي نقطة أو بند ينقص من تلك المبادرة سيعتبر تسليم تام للقضية والتنازل عنها مطلقا ، ومع ذلك ترى إسرائيل أنها غير ملائمة ، والكيس يفهم أن إسرائيل لا ترتكب جناية أو حماقة بقدر ما يفهم أن المنتصر والآمن على انتصاره والذي يعلم بأنه لا خطر يتهدده على الأمد البعيد ليس ملزم بأن يقبل بأي مبادرة صلح أو سلام يجعله يتنازل عما هو تحت يده ، وعليه ومن ذات السياق هو ما يحدث الآن مع الجانب الفلسطيني الذي يسعى جاهدا لتشكيل حكومة ترضى عنها إسرائيل ، وحسب ما نراه أنه وحتى ألان لم نرى حكومة نالت الاستحسان من إسرائيل ومتى ما حدث وأن قبلت بحكومة فلسطينية فالحال سيتحول تلقائيا كحكومة المالكي في العراق حكومة تابعة تنفذ التوجيهات وتصير بوقا للاحتلال لا أقل ولا أكثر.

في لبنان أشد أنواع التهافت الغريب ، فكل التيارات السياسية المتنازعة هنالك تتبع جهات غير لبنانية وتأتمر بأمرها وكلما مر الوقت دون إيجاد حل كلما أشتد المأزق وصار التصالح أمر مستبعد وغير ممكن ، والقمة العربية كعادتها لن تأتي بحل ، وقس بذلك على دارفور في السودان القضية التي طفحت إلى السطح فجأة ووصلت بسرعة عجيبة إلى مجلس الأمن بينما قضية الشعب الفلسطيني تٌمنع من ذلك حتى بعد و أن قرر العرب أنهم سيذهبون بها إلى هناك .

كلها ملفات ساخنة، ولو كانت هنالك أمة حية لما تأخرت كل هذه السنين في البت بها وإيجاد الحلول الفورية ، لكننا لا نرى إلا بقايا زعامات أدمنت القطرية وتفاخرت بالقبلية واستحوذت على معظم الثروات لها ولأسرها واكتفت بهذا من نصيب الدنيا ونشرت ثقافة التجهيل والولاءات المطلقة وطاعة ولي الأمر مهما كان أسلوب حكمه وصار مجرد التفكير بالتغيير جريمة يعاقب عليها القانون ، أقول أن زعامات مثل هذه لن تستطيع أن تفعل شيء لشعبها ولن تنظر في التنمية كخيار ضروري أو نشر الديمقراطية والتعددية كوسيلة ملحة نحو الإصلاح ناهيك عن أقل مستويات التضامن العربي ، فالهوة بيننا كشعوب عربية وبين القيادات لم يعد بالإمكان ردمها حتى بتضحيات أجيال قادمة ...وصرنا فقط نتمنى أن تُقبل القمة في السنة القادمة دون أن نخسر بلد عربي آخر تم احتلاله بحجة نشر الديمقراطية أو دخل في حرب أهلية مع نفسه .

وكل قمة وأنتم سالمين .

benziyazan@hotmail.com