لا أتقرب للحراك, والشمال لم يكن ملجأي الوحيد (1-2)
بقلم/ نجيب قحطان الشعبي
نشر منذ: 14 سنة و 8 أشهر و يومين
الأحد 07 مارس - آذار 2010 06:00 م

أبلغني أكثر من صديق, كل منهم على حدة, بأنه في مقيل مع مسؤولين من أبناء الشمال وجدوهم ينتقدون ما جاء في مقالي بجزئية "الوحدة اليمنية: نشوء وتطور فكرة الوحدة.. واهتزاز الإنجاز!" وتمحورت انتقاداتهم في الآتي:

أولاً: إن دافعي من وراء المقال هو التقرب للحراك بدليل أنني لم أكتب من قبل منتقداً الدولة ومسؤوليها!

ثانياً: إن نجيب عندما طردته عدن لم يجد غير الشمال ليلجأ إليه والآن يتنكر للشمال!

وحتى لا تتكرر مثل هذه التصورات الخاطئة, ولكي لا تجد مستقبلاً آذاناً صاغية, فإنه يسعدني-جداً- أن أوضح ما يلي:

أولاً: دوافعي لا تهم في شيء فقد كتبت "معلومات" صحيحة, والبحث عن دوافع أي كاتب يكون في حالتين هما:

- أن يتضمن مقاله معلومات مغلوطة.

- أن يكون مقاله إنشائي لمجرد الإشادة بشخص أو جهة, أو لذم شخص أو جهة.

لكن أن يكتب أحد موضوع يقوم على سرد معلومات هامة وصحيحة بحيث لا يستطيع أحد أن يدحض شيئاً منها فنترك ما كتبه ونقول دوافعه كذا أو كذا.. فهذا يفصح عن العجز عن مقارعة الحجة بالحجة ومن ثم محاولة التنفيس عن الغيظ بالحديث عن دوافع الكاتب أو شتمه.

حديث عابر عن الحراك

وبالنسبة للحراك الجنوبي فلست محتاجاً للتقرب منه, إن من اتهموني بذلك يتحدثون وكأن الحراك قد صار على مشارف عدن بعد أن بسط سيطرته على كل أنحاء الجنوب! بل لو افترضنا أن ذلك حدث فإنني حينئذ لن أتقرب للحراك فلست انتهازياً أو جباناً, فلو كنت انتهازياً أو جباناً لنافقت السلطة لا الحراك فهي التي تستطيع أن تحل لي كثير من مشاكلي وتمنحني امتيازات كثيرة.

وللعلم فإن كثير من قادة الحراك حاولوا أن يتقربوا لي, ويشهد الله على أنهم سعوا لإقناعي بالمشاركة معهم, وكان أحد العروض هو أن اكتفي فقط بحضور إحدى الفعاليات وليس مطلوباً مني إلقاء كلمة بل مجرد الظهور في الفعالية, ولكنني اعتذرت فالمسألة هي "قناعة" فإذا توفرت لدي فلن اكتفي بمجرد الظهور في فعالية أو إعلان إنضمامي للحراك فأنا أكبر من أن أنضم لعمل يتسم بالتفتت والتفكك والعفوية وسأمارس ما أراه أفضل, وأكدت لهم بأن القناعة لم تتوفر لدي. وبالطبع أنا أشكرهم فمحاولاتهم معي هي تعبير عن تقديرهم, كما أنني أحيي من طلب مني الاكتفاء بالظهور في إحدى الفعاليات فهذا العرض يعبر عن دهاء سياسي.

وانتهز هذه المناسبة لأؤكد بأنني لست ضد الحراك, لكنني أيضاً لا أؤيده في كل شيئ, فهناك أشياء أرفضها بشكل قاطع وأهمها الاعتداء على أرواح وممتلكات أبناء الشمال, فطوال عمري اعتبرهم إخوة ولا فرق عندي بين جنوبي وشمالي, ومشاعري تجاه من أشاهدهم في شوارع صنعاء أو تعز هي نفس مشاعري تجاه من أراهم في شوارع عدن ولحج, ونحن أبناء الشهيد الرئيس قحطان محمد الشعبي جميعنا الأربعة نرتبط بعلاقات صداقة حميمة مع كثير من أبناء الشمال "اليمني" بل أن كل منا الأربعة يرتبط بصلة مصاهرة مع إخوة وأخوات من الشمال, وهناك آلاف الجنوبيين يرتبطون بصلات صداقة بشماليين, وآلاف الجنوبيين متزوجين بشماليات, وآلاف الشماليين متزوجين بجنوبيات, لذلك يكون من الأشياء "الكريهة" أن يحاول البعض إثارة روح البغضاء بين الجنوبيين والشماليين, ألا يردد قادة الحراك بأنهم ينطلقون من روح التسامح والتصالح حتى مع من أجرموا بالأمس في حق الجنوب وشعب الجنوب؟ فأين هي تلك الروح وبعض قادة الحراك يعلنون كراهيتهم لكل ما هو شمالي؟! بل بينهم من نادى ببناء جدار عازل بين الجنوب والشمال! أين هو ذلك التسامح والتصالح وأنت حتى لا تخفي كراهيتك لنحو 20 مليون يمني هم أبناء الشمال اليمني مع أنهم لم يجرموا في حقك ولا تعالوا عليك ولا أساؤوا إليك في شيئ, فهم كلهم تقريباً بسطاء, ومعظمهم بسطاء أكثر من البساطة نفسها, وفقراء, وكادحون, ومكافحون في هذه الحياة البائسة والزائلة, أما من يجرمون في حق الجنوبيين ويتغطرسون عليهم فأن نسبتهم يستحيل أن تتجاوز نصف 0.1% (نصف واحد في الألف) من أبناء الشمال فهل هذه النسبة الضئيلة جداً (تعادل عشرة ألف شخص) تسمح لك بالتعميم على نحو عشرين مليون يمني؟! ما هذا الهراء؟ يا أخي أنت أو أنا أو هذا أو ذاك من ابناء الجنوب لنا مشاكل مع هذا الجهاز أو تلك الجهة أو مع ذلك المسؤول أو مع رئيس الدولة بنفسه فهل معنى هذا أن نتحول إلى أعداء لأبناء الشمال كلهم لمجرد أن الخصم أو العدو شمالي؟! شيء غريب والله.. وياله من تسامح وتصالح! (ربما أعود لتناول هذا الموضوع في مقال آخر, خاصة أنه انطلقت مؤخراً دعوات جعلت تحفظاتي على الحراك تزداد فهي دعوات تستفز كل من لديه أحاسيس وطنية وقومية وليس هذا فحسب بل أنها دعوات تتعارض مع تعاليم الإسلام).

ثانياً: أما من قالوا بأنني لم أنتقد الدولة ومسؤوليها من قبل, فهم إما نسوا أو لم يقرأوا مقالاتي منذ نحو 6 سنوات في صحيفة "الثوريٍ أو مقالاتي في "الأيام" عقب حرب 1994م وأشهرها سلسلة حلقات "سيظل هو عيدنا المخلدا" (حول الاستقلال الوطني الذي حاول الإعلام الرسمي حينها تشويهه لمجرد النكاية بالحزب الاشتراكي اليمني مع أن الحزب لا علاقة له بالاستقلال لا من قريب ولا من بعيد بل هو قضى على الجبهة القومية التي حققت ذلك الإنجاز الذي يعد أعظم إنجاز سياسي وطني عرفه الجنوب منذ بداية الخليقة ومع ذلك تخلى عنه أبطال اليسار الطفولي عندما تنازلوا لموسكو عن سيادة اليمن الجنوبي الخارجية والداخلية).

وهل هناك من ينسى مقالاتي في "الثوري" ذات الطابع الانتقادي الحاد للدولة ومسؤوليها؟ ولايزال كثير من الناس يتذكرون إلى وقتنا هذا عبارتي الشهيرة في "الثوري" بأن "الوحدة ليست فضيلة كما أن الانفصالية ليست رذيلة" وقد أوضحت الأسباب بالطبع, لقد كتبت تلك العبارة وكثير من مثلها قبل أن يكون هناك شيء اسمه حراك جنوبي (وعلى رأي عبدالرحمن الوالي أستاذ الهندسة بجامعة عدن وهو عضو قيادي بارز بالحزب الاشتراكي اليمني ومن قادة الحراك وهو الرجل الثاني بعد محمد حيدرة مسدوس اللذين بدءا حركة إصلاح مسار الوحدة – وهما يتميزان بذكاء حاد وثقافة رفيعة – إذ قال له البعض بعد نشر مقالي الفائت بأن نجيب سيدخل الحراك, فأجابهم بأن نجيب عمل حراك وبمفرده قبل أن يبدأ الحراك الحالي).

يمني وأوطاني عديدة

ثالثاً: والقول بأن عدن طردتني ولم أجد غير الشمال لألجأ إليه ثم الآن أتنكر له, هو أيضاً قول غير صحيح بل مضحك, وبداية أين هو تنكري للشمال فهذا لم يحدث, وبعد هذا أقول بأن عدن لم تطردني ولكنني أنا الذي ضقت من الممارسات الطفولية للسلطة فغادرت الجنوب نهائياً (هروباً) وذلك في 1976م واستقريت بالقاهرة وقد سبقني بأشهر شقيقي ناصر(وهو "ناصر قحطان" الحقيقي وليس ذلك الجبان الذي ينتحل اسمه في المواقع الإلكترونية ليشتم السلطة تارة, وتارة أخرى يشتمني! مسوي نفسه مناضل جنوبي وهو رعديد لأنه يريد يشتم الناس ولا يريدهم أن يعرفوا من هو! ألم أكتب في هذه الصحيفة من قبل بأن بعض العدنيين يريد أن يحرر عدن بالعرعار والمرفالة!) وقد لحق بنا إلى القاهرة بقية أشقائنا ووالدتنا – رحمة الله عليها – وزوجتي واحداً تلو الآخر, وهناك كنا نعيش في رعاية رئاسة الجمهورية بأوامر من الرئيس أنور السادات شخصياً – رحمه الله ويجزيه كل خير وقد توسط لدى عدن مرتين لإطلاق سراح والدي ولكن دون جدوى – وكان مكتب رئاسة الجمهورية بقصر القبة هو المسؤول عن حل مشاكلنا من تجديد إقامات إلى إعفائنا من الرسوم الجامعية إلى استثنائنا (دوناً عن جميع الطلبة والمقيمين العرب بمصر) من اخراج سياراتنا من مصر ثم إعادتها (كل 4 سنوات) وكان مكتب الرئاسة يتولى علاجنا بأفضل مستشفى مصري (مستشفى القوات المسلحة بالمعادي) وغيره وغيره, وجزاك الله خيراً يا لواء حسن رأفت(مدير المكتب بالرئاسة المصرية الذي كان مختصاً بشؤوننا) حياً أو ميتاً (كان كبيراً في السن حينئذ) فقد كنت كالأب لنا وتتعامل معنا بمنتهى الاحترام والذوق واللطف وتتحمل عصبيتي (ذات مرة ذهبت للمكتب متنزفزاً لعدم قيام موظفيه بإنجاز معاملة تخصني فعلم بأنني أتشاجر معهم فطلبني لمكتبه وطلب لي عصير ليمون وأخذ يهدأني, ثم قال لي "أنت عارف بتفكرني بمين يا نجيب؟" قلت: بمين؟ فقال "بصدام حسين عندما كان مقيماً هنا بمصر", سألته: تقصد أنه كان عصبياً مثلي؟ قال "ياريت كان عصبي زيك وبس, ولكنه كان بلطجي وكان شايل في وسطه سكين" وهنا قاطعته: تقصد مطوى؟ فقال "لا, سكين..سكين كبيرة, وكان كل ما يختلف مع أحد في النقاش يطعنه فكان البوليس كل يوم والثاني يجيبوه عندي هنا فأقوم بتسوية الأمر".

وأما النواحي الأمنية فكان مسؤولاً عن رعايتنا مدير مباحث أمن الدولة – بحي الدقي بالقاهرة – اللواء حبيب العادلي (وزير الداخلية حالياً) ومساك الله بالخير يا أخ حبيب, والله ما قصرت أبداً معنا يا أصيل. والمصريين بشكل عام شعب طيب وودود ومضيافاً.

وأتذكر جيداً أنه بعد تشكيل بعض الدول العربية ومنظمة التحرير الفلسطينية "جبهة الصمود والتصدي" المعارضة للتسويات السياسية المصرية الإسرائيلية في أواخر سبعينات القرن20, وكانت إحدى تلك الدول اليمن الديمقراطية (التي لا تهش ولا تنش فهي بين براثن الدب الروسي وفاقدة لاستقلاليتها) فحينئذ قام الأمن المصري بترحيل مواطني هذه الدول من مصر, ففوجئت ذات مساء بمن يطرق الباب ففتحت وإذا بضابط شرطة بالزي الرسمي يدخل ومن خلفه خمسة أو ستة مخبرين فأوقفته عن مواصلة الدخول في الشقة قائلاً "حيلك حيلك, ده سكن أسرة مش وكالة من غير بواب" فتوقف وقال "يللا خدوا هدومكم واتفضلوا معانا", سألته "نتفضل على فين؟" فقال "على السجن لحد ما نرحلكم على بلدكم" فقلت له "نحن هربانين من نظام الحكم ببلدنا ولو عدنا سينكلوا بنا الحكام هناك" فقال "ماليش دعوة"! وحاولت أفهمه وضعنا لكن بدون جدوى, فقلت له "إذن سأعمل مكالمة تليفونية" فأتصلت بحبيب العادلي وحكيت له ما يحدث فانفعل وقال "هو مين ده ابن الـ.... (النقاط من عندي تأدباً) اللي عاوز يرحلكم؟ إديني الضابط اللي عندك" فناولت السماعة للضابط وما إلا ثواني إلا وكان يكرر عبارة حاضر يا أفندم, تحت أمرك يا أفندم, وبعدها أخذ يعتذر لي ويتأسف ويقول "إحنا ما كناش نعرف وضعكم في مصر" (للأسف جرى حينها ترحيل جنوبيين إلى عدن برغم أنهم كانوا مثلنا فارين من نظام الحكم بعدن).

وأحب أيضاً أن يفهم أولئك المسؤولين الذين "ينخطوا" بأنني لم أجد غير الشمال لألجأ إليه, بأنه في تلك الحقبة (سبعينات القرن 20) أمر الملك فهد بن عبدالعزيز – تغمده الله بواسع رحمته وجزاه خيراً عن كل ما قدمه لنا من خير, وعلى الرغم من الخلاف السياسي بين والدي وحكام المملكة العربية السعودية حتى أن الرياض لم تعترف بالحكومة الوطنية للجنوب طوال عهد والدي, إلا أن الملك فهد وهو ولي للعهد أشعرني بواسطة سفيره بالقاهرة أنه على وشك إرسال ممثل رسمي للرياض إلى عدن للتوسط لإطلاق سراح والدي, وكانت الرياض قد إعترفت حينئذ بحكومة عدن, وبعدها علمنا بأن عدن لم ترحب بالوساطة أسوة بكل الوساطات الأخرى-أعود فأقول بأن الملك فهد وعندما كان ولياً للعهد, أمر سفير الرياض بالقاهرة (الشيخ عبدالرحمن أبا الخيل, الله يذكره بالخير فقد كان رجلا طيباً) أن يقدم لنا أي مبلغ نطلبه وكلما طلبنا ذلك, وأن يقيد تلك المبالغ على النفقة الشخصية لسموه, وكان رحمه الله في غاية الشهامة والرجولة معنا فمثلاً عندما علم بمرضي وأنني أنوي التوجه لاسبانيا للعلاج فإنه كتب للسفير أبا الخيل أن يبلغني بأن العلاج في بريطانيا أفضل وأمر السفير أن يقطع تذاكر سفر إلى لندن لي ولزوجتي وابني وأمر السفير أن يبلغني أيضاً بأن سموه قد أمر السفير بلندن بسداد كل تكاليف الفحوصات والعلاج والإقامة والمواصلات...إلخ على نفقة سموه شخصياً.

ولا بأس أن أضيف بأنه في عام 2000م كتبت إليه بواسطة سفيره بصنعاء (محمد بن مرداس القحطاني, انتهت مدته) طالباً توفير الإقامة لي ولزوجتي وأبنائي الأربعة لإننا ننوي أداء فريضة الحج, فجاء رده الكريم سريعاً ومرحباً بقدومنا جميعاً لنكون في ضيافته بالكامل أثناء تواجدنا بالمملكة (التي لم أزرها من قبل) وقال لي السفير "لعلمك يا أخ نجيب كثير جداً من المسؤولين الكبار باليمن ومشائخ كبار يمنيين طلبوا من جلالة الملك استضافتهم أثناء فترة الحج إلاّ أن جلالته لم يوافق إلاّ على حالتين أنتم إحداهما" ولم أحب أن أحرجه بالسؤال عن الحالة الثانية. وعندما حطت الطائرة على أرض "جدة" وجدنا المراسيم الملكية تصعد وتدخل إلى الطائرة لترحب بمقدمنا, وتحت الطائرة كانت تقف سيارتين لتنقلنا أولاً إلى صالة كبار الضيوف بالمطار لتناول المرطبات ريثما يحضرون حقائبنا, ومن ثم نقلونا إلى قصر الضيافة الذي سنقيم فيه بجدة.

وظلت المراسيم الملكية تحيطنا بكل اهتمام حتى أنه عندما كنا بقصر الضيافة الملكي بمكة المطل والقريب جداً من الكعبة المشرفة نزلنا مرتين نحاول الطواف بالكعبة فعجزنا نظراً للازدحام الشديد ومن ثم نعود للقصر للإنتظار حتى يخف الإزدحام, فعرض علينا مسؤولي المراسيم أن يشكل رجال الأمن السري حلقة حولنا حتى نتمكن من الطواف. وبعد انتهاء الحج أخذونا بطائرة نقل عسكرية لنزور المدينة المنورة وفتحوا لنا المسجد النبوي بمنتصف الليل لنزور قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ونلقي التحية عليه وعلى المدفونون بجواره من أعظم شخصيات المسلمين.

وأثناء الحج وعندما نقلونا إلى مزدلفة انزلونا في "فيللا" من دور واحد بدون أسقف وغير مؤثثة, فقط أرضيتها مغطاة بالسجاد, ووجدناهم ينزلون معنا بنفس الفيللا أسرة أخرى على اعتبار أننا يمنيين مثل بعض, وهنا عرفنا من هي الحالة الثانية اليمنية التي استضافها الملك فهد, فقد كانت شقيقة عبدالعزيز عبدالغني(رئيس الوزراء الأسبق, رئيس مجلس الشورى حالياً) – مساك الله بالخير يا أستاذ – وولدها كمحرم, وهو ما يدل على تقدير الملك للأستاذ.

وقد ودعنا حتى باب الطائرة بنفس الحفاوة التي أستقبلنا بها. ومن الطرائف التي أحب أن أرويها قبل أن أختم هذا الجزء من المقال, أننا أنزلنا أثناء الحج بإحدى دور الضيافة في "منى" وهي "المباني" الوحيدة بالمنطقة فما حولها وعلى مدى البصر تربض عشرات الآلاف من خيام الحجاج, فنزل ابني الأكبر "قحطان" ليتجول قليلاً بين الخيام فالتقى بعبدالرحمن بافضل (القيادي بحزب الإصلاح, وكان حينئذ زميلي في عضوية مجلس النواب. وهو رئيس كتله الإصلاح النيابية حالياً) وكانا يعرفان بعض من صنعاء فأخذا يتجاذبان أطراف الحديث, وسأله بافضل "بأي خيمة جالسين؟" رد قحطان "نحن نازلين بدار الضيافة الذي هناك" فقال بافضل "روح قول لأبوك يستحي على نفسه قليل, هوه جالس بدار الضيافة ونحن هنا جالسين بين القمامة"!.

في العدد القادم: سأتحدث بإذن الله عن علاقتنا بالكويت ودولة الإمارات والسودان واليمن الشمالي وليبيا على التوالي.. والله كانت أيام, فنأتي الآن على من "ينخطون" بأنني لم أجد ملجأ غير الشمال! وسيعلمون بأنني وأسرتي وأسرة الشهيد الرئيس قحطان الشعبي لم ننتقل من القاهرة لنستقر في صنعاء إلا بدعوة كريمة من الرئيس علي عبدالله صالح شخصياً. فإلى اللقاء.