ما لا يعرفه العرب عن فوائد زيت الزيتون وعجائبه في جسم الإنسان الضالع: وفاة شابة ووالدتها غرقاً في حاجز مائي غلاء عالمي لأسعار الغذاء إلى أعلى مستوى ست مواجهات شرسة ضمن بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز إستعدادات كأس الخليج.. لجنة الحكام باتحاد كأس الخليج العربي تجتمع على هامش قرعة خليجي 26 أول رد من المجلس الرئاسي لوزارة الدفاع السعودية بخصوص مقتل وإصابة جنود سعوديين بحضرموت تقرير: مليون يمني ألحقت بهم أمطار هذا العام أضراراً متفاوتة وضاعفت مخاطر الإصابة بالكوليرا ضبط عشرات الجرائم في تعز والضالع خلال أكتوبر حزب الإصلاح يتحدث لمكتب المبعوث الأممي عن مرتكزات وخطوات السلام وأولوية قصوى أكد عليها المسلمون في أميركا صوتوا لمرشح ثالث عقاباً لهاريس وترامب
مأرب برس - خاص
عندما يتحدث وزير الإعلام اليمني الأستاذ حسن أحمد اللوزي يدرك المستمع إليه منذ أول وهلة أن الرجل لم يعد صالحا للخدمة. إنه مازال يعيش بعقلية السبعينات والثمانينات في عصر الإنترنت والفضائيات.
ومازال يتصرف ويتحدث وكأنه وحده الممسك بتلابيب الإعلام في اليمن وخارجها، وهو لا يدري إن البساط أنسحب من تحته وإلى الأبد، ولن يستطيع مهما فعل أن يحجب الرسائل الإعلامية من الوصول إلى متلقيها، وخير دليل هو نشر هذا المقال داخل الأراضي التابعة له.
لقد كانت صحيفة 26 سبتمبر وحدها تسبب له إزعاجا أيما إزعاج لأنها لم تكن تحت سيطرته المباشرة في الثمانينات، رغم أنها كانت تدندن بما يدندن هو به، فكيف سيكون موقفه الآن والفضاء كله خارج عن سيطرته؟!
على الصعيد الشخصي لا أحب أن أتحامل على الرجل لأني اشعر بالامتنان الكبير له كونه دون أن يدري كان سببا رئيسيا في أفضل قرار اتخذته في حياتي وهو مغادرة البلاد إلى غير رجعة بعد فترة وجيزة من تخرجي. لم يقدم لي الاستاذ اللوزي نصحية بالمغادرة لأنه لم يكن يعرفني ولكن موهبته الفذة في تطفيش الإعلاميين كانت كافية لمساعدتي على الرحيل. ففي الوقت الذي كان فيه اللوزي وزيرا للإعلام ورئيسا لمجالس إدارات جميع المؤسسات الإعلامية كنت خريجا جديدا وصحفيا مبتدئا قرر أن يغادر بلاده بحثا عن فرص أخرى في بلاد الله الواسعة لأسباب عديدة من بينها بكل تأكيد سوء السياسات الإعلامية في ذلك الوقت التي يرجع الفضل للوزي في رسمها، ولا مجال للتفصيل هنا، ولكن الخلاصة أني بحثت لنفسي عن مخرج في وقت مبكر.
وقد خدمتني سياسات التطفيش تلك أيما خدمة فلولاها لما وجدت فرصا أخرى متعددة في مؤسسات إعلامية كبرى خارج الوطن، من هيئة الإذاعة البريطانية، إلى صوت أميركا، إلى قناة الجزيرة وغيرها، بعد تجربتين مريرتين مع اللوزي خلال فترتين متباعدتين رفض فيهما توقيع قرار تعييني موظفا من الدرجة الخامسة، ربما لأن اسمي كان يوحي له بأني أنتمي إلى سلالة معينة لا تحظ بالقبول لديه، ورغم تراجعه فيما بعد عن إصراره على موقفه الرافض إلا أن الشعور بالعنصرية في أبغض صورها كان تسلل من مسام جلد اللوزي فحزمت أمري وحقائبي كي أنفذ بجلدي من هيمنة وزارة لا داعي لوجودها أصلا. وكان الزميل الصحفي نبيل الكميم يحاول تصبيري وتبصيري وقتها بأن الوزير الأسبق يحي حسين العرشي سيعود لتولي حقيبة الإعلام وسوف يحل كافة المشكلات المعلقة أمام الخريجين الجدد بما عرف عنه من إنصاف، لكني لم أضيع وقتي في الإنتظار لأني شعرت أن اللوزي هو البوق المناسب في المكان المناسب، ولا مكان في وزارته إلا للأبواق.
وقد يقول قائل إن هذا الكلام مدعاة للتشاؤم وليس للتفاؤل ما دام الوزير إياه قد عاد إلى شغل نفس المنصب بعد غياب استمر كل هذه السنوات، وردي على ذلك هو أن من رأيناهم في الإعلام بعد اللوزي جعلونا نترحم عليه ونتذكر محاسنه إلى درجة تجعلنا نعتبر عودته خطوة متقدمة للأمام لا عودة إلى الوراء.
آخر من رأيناهم من وزراء الإعلام بعد اللوزي صديق عزيز وزميل مهنة كان متخصصا في الإعلام الرياضي لكن كتاباته الرائعة أيام الصحافة لم يطبقها على ممارساته بعد أن وصل إلى كرسي الوزارة، فخسر الحقيبة ولم يكسب المهنة. وتعرضت الصحافة في عهده لأقسى الضربات.
الوزير العائد حسن اللوزي كان له خصوم كثر في الوسط الإعلامي وكنت واحدا من هؤلاء الخصوم حيث هاجمت سياساته الإعلامية وهو في أوج مجده في سلسلة مقالات مازلت أذكر منها مقالا نشرته صحيفة 26 سبتمبر التي لم يكن له سلطة عليها لأنها تابعة للجيش تحت عنوان " نشرة الأخبار في التلفزيون والتطويل الممل". وها هو اللوزي قد عاد إلى الوزارة بعد أن أصبحت النشرة أقل طولا وأفضل مضمونا، وأرقى عرضا ومحتوى مما كانت عليه في عهده، ولكن للأسف أنه بحكم تأهيله المحدود ليس بإمكانه أن يواكب التغيير وفي ذات الوقت لم يعد قادرا على فتح زنزانة خاصة بمحرري الأخبار داخل سجن الوزارة الكبير؟
ونحن لا نلوم اللوزي على عودته غير المباركة وإنما نلوم صاحب قرار تعيينه الرئيس علي عبدالله صالح الذي يخطئ لو ظن أن حسن اللوزي أو غير حسن اللوزي يستطيع أن يحكم السيطرة مجددا على المعلومة في عصر الإنترنت وعصر الفضاء المفتوح، فقد كان اللوزي يدير وزارة متخلفة بأساليب متخلفة في عصر متخلف ولا أظن أن بوسعه أن يغلق الأفواه أو يكسر الأقلام مجددا في عصر لم يعد ملكه ولا ملك علي عبدالله صالح نفسه.
عقد الثمانينات من القرن الماضي الذي تولى فيه اللوزي مسؤلية الإعلام اليمني كنا نحذر خلاله بما تسنى لنا من وسائل من أن التلفزيون بقناته الوحيدة سيتحول إلى محطات متعددة يتم تغييرها مثلما يتم تغيير موجات الإذاعة، كما أن الصحف سوف تتجاوز الورق لتجد طريقها للنشر بوسائل إلكترونية تتخطى المنع والشطب والحذف والرقابة. وفي تلك الأثناء لم نكن نعرف من وزير الإعلام أي اهتمام بما كنا نطرح، ولم يكن يصدق ذلك، وكان كل هاجسه في تلك الفترة أن يمنع تأسيس قسم للإعلام في جامعة صنعاء لأن وزارته والمؤسسات التابعة لها لا تستطيع حسب رأيه أن تستوعب دفعات الخريجين المتوقع تعاقبها. وكان يجاهر بأنه يريد أن يمنع بطالة الإعلاميين قبل وقوعها عن طريق منعهم من دراسة الإعلام، وليس عن طريق تحسين الخدمات الإعلامية وتعزيز المؤسسات بالكفاءات.
بعد أن غادر اللوزي كرسي الوزارة حدثت تطورات مذهلة على الساحة ليس في اليمن فقط بل في المنطقة العربية كلها حيث فجرت قناة الجزيرة الفضائية ثورة عظيمة في أسلوب العمل الإعلامي العربي، ودخلنا أيضا عصر الإنترنت الذي يستطيع فيه أي يمني مقيم مدغشقر أن يوصل رسالته إلى مواطنيه في يريم أو برط أو عمران دون أن يتحرك من مكانة ودون أن يخشى غضب اللوزي أو محمد شاهر أو الشاطر حسن.
ولكن يبدو أن الرئيس نفسه عندما قرر إعادة الحياة لوزارة اللوزي عاد به الحنين إلى الأيام الماضية أيام الصفاء والسكينة، فإذا كان الرئيس يتوق إلى أيام اللوزي الماضية فهو مخطئ لأنها أيام لن تعود لا باللوزي ولا بدونه.
الشئ الجميل في أيام اللوزي أن الفساد في عهده لم يكن متفش ومستشر في المؤسسات الإعلامية بالقدر الذي عهدناه من بعده فقد كان فسادا مقننا ومحدودا جدا إذ أنه الوحيد الذي كان يتقاضى رواتبا وعلاوات من جهات متعددة بحكم رئاسته لمجالس إدارات المؤسسات الإعلامية كافة، وهو الوحيد الذي يستطيع أن يدرج اسمه في كشف الرواتب في كل مؤسسة من المؤسسات. والحق يقال أنه كان يمتاز في تلك الأيام رغم خلافنا معه بالعمل الجاد والدؤوب. وكان إلى جانبه إداريون شرفاء من أمثال علي صالح الجمرة ومحمد دحوان وعلي اسحاق، ورغم أن اللوزي كانت له وجهات نظر تزعج خريجي الإعلام الجدد لكنه كان يعمل مع هؤلاء بلا كلل ولا ملل، ويتحكم في كل صغيرة وكبيرة. وها هو الآن يعود إلى وزارته المهلهلة في وقت أصبحت فيه كل مؤسسة من المؤسسات الإعلامية لها رئيس مجلس إدارة مستقل بذاته، يتلقى التوجيهات العليا من وزير الإعلام الفعلي القابع في دار الرئاسة، فهل يستطيع الوزير أن يحترم استقلالية تلك المؤسسات واستقلالية رؤسائها أم سيصطدم بالتوجيها العليا كما اصطدم بها عبدالرحمن الأكوع من قبله؟!