المُثير في خِطاب المُشير
بقلم/ عبدالخالق عطشان
نشر منذ: 11 سنة و شهرين و 21 يوماً
الإثنين 26 أغسطس-آب 2013 02:25 م

ربما قد يكون الوقت سبق توقيت هذا المقال إلا أني آثرت التريث والإنتظار ريثما تسفر عنه ردود الفعل للكلمة التي ألقاها المشير (هادي) أمام طلاب كلية الشرطة ..إلا أن الواقف أمام الصحف على رصيف التحرير أو على رصيف المواقع الالكترونية لسوف يدرك أنه ماكاد يكمل الرئيس هادي كلمته إلا وقد تناول النقاد كلمته وبدؤوا يغربلونها ويستخرجون منها ما يتناسب مع الإثارة ويصنعوا من تلك الإثارة عناوين بارزة وملونة لصحفهم القاتمة التي ما أوجدوها إلا للنقد الهدام والتشهير والبحث بين الجمل عن العثرات وكشف العورات والإساءة والتطاول على كل ما هو وطني وشريف ، ويستميتون لبعث الحياة في من ماتت أرواحهم وأخلاقهم ووطنيتهم وفي من قذفت بهم الأقدار ثم الشعوب إلى مقالب الذل والنسيان ، بل إن بعضا من تلك الصحف بعد أن عمدت إلى الإثارة والتفاهة السياسية في صفحتها الأولى فإنها في الصفحة الأخيرة تعمد إلى الإثارة العاطفية والجنسية عبر صور لفاتنات حاسرات عن العفة كل ذلك للإسترزاق الرخيص والضلال والتضليل البين..

على الرغم من أن المشير الرئيس في خطابه الأخير كان يرجو الإعلام التحري والمصداقية وعدم اللهث حول كل ما يسئ للوطن والتنفير عنه إلا أن عشيرته السياسية والحزبية وعبر أبواقها كانوا السبّاقين للنيل منه إذ أن خطابه والذي تميز بالشفافية وتحديدا في موضوع التعاون الأمني مع الأمريكيين والطائرات بدون طيار والذي وضح فيه أن ذلك المنجز كان مما ورثه من (المشير السابق) ومنذ العام 2004م ، وإن ثمت أمور وأرقام كشفها المشير (هادي) توضح حجم العبث والسفه بالمال العام والذي قام به النظام السابق في تحسين قبح صورته و أن العبء الذي تحمله لم يكن إلا عبئا تراكميا مما تركه (المشير السابق) بل لقد كشفت كلمة هادي حجم الزيف والتضليل التي تمارسه أبواق حزبه الذي لا يعترف بانتماء هادي إليه إلا حين الغنائم والمنفعة ، ولذلك لم يكن مستبعدا بعد أي كلمة يلمح أو يصرح فيها هادي بعبثية حزبه أن تقوم وسائل اعلام الحزب بنقد (المشير هادي) نقدا يحط من قدره ويقلل من وطنيته ويشكك في قدرته ويؤكد تبعيته للخارج ولا غرابة أن يُذيّل ذلك الإعلام نقده (باليمين الزُبيريّة) عند المسمورة والمنقورة في الجامع الكبير حتى يصدقهم جهلة القوم.

وعلى شفا جرف النقد الهدام يقف آخرون حلفاء النظام السابق حاليا بقناصاتهم يقتنصون من خطاب هادي ما يؤكد أنه عميل أمريكي محض وأنه ينفذ مخططا أمريكيا، فبينما هم يسعون (لموت أمريكا) فإنه – هادي – يسعى لإحيائها فما لبثت مسامعهم أن سمعت بالطائرات التي بدون طيار والتعاون الأمني بين البلدين حتى رأوا في ذلك الحجة البالغة والدليل القاطع على العمالة والتبعية للأمريكان وكأن آلاف الضحايا و النازحين من صعدة إلى عبس وحرض وصنعاء إنما هربوا من الطائرات التي بدون طيار ولم يهربوا من بطش العصبية والسلالية والطائفية.

إن الصفحة الجديدة والتي دعا إليها هادي لم تكن لتُفتح حتى تطوى الصفحة التي قبلها بكل مآسيها ولن يتم طيها إلا بالترفع عن سفاسف الأمور وأن لا يبصر البعض القذى في عين الآخرين وينسى الجذع في عينيه وأن يدرك الجميع على اختلاف مشاربهم الفكرية والحزبية أن الوطن لم يكن ميدانا للتنافس على الأذى والإثم والهدم وإنما ميدانا للمسارعة للتعاون على البر والتقوى والبناء والتنمية.، وإنّ صِدقَ الحاكم مع المحكومين هو السبيل الأقوم للنهوض بالأمم.