واقع متوحش ... قرارات لا تعبر عن قناعات الرئيس
بقلم/ عبد القوي العديني
نشر منذ: 11 سنة و 4 أشهر و 16 يوماً
الإثنين 01 يوليو-تموز 2013 07:21 م

الإعلام والسياسة في المعترك الراهن يبدوان في حالة تأهب وتنسيق تام لشن حرب شرسة ضد الرئيس عبدربه منصور هادي الذي يتعرض في الوقت الراهن الى حملة تشويه منظمة تدار خارج القصر ولا تتوقف حتى داخل مكتبه .

الطاقم المساعد لرئيس الجمهورية شديد الحرص فقط على التعاون والتنسيق مع خصوم الرئيس , بحجة الضم والاحتواء , وما نتابعه ونشاهده يوميا عكس كل ما يسوق للرئيس ببراعة مدهشة وقدرات تجعلك لا تستطيع ان تميز المنطق من الوهم , وتجعل كل قراراتك تفتقد للتحليل السليم , وتبدو كل التصويبات وقد ابتعدت عن قناعات الرئيس , وبذلك تتحقق أهداف ليس لها أي علاقة بأجندات الرئيس ونواياه وإخلاصه للوطن.

ومع كل ذلك , هل نطلب من رئيس الجمهورية ان يعالج التعقيدات الاجتماعية والسياسية بحكمة واتزان ومسؤولية , ام نضاعف الضغط الجماهيري وننتقد استجابته وتعاطيه لبعض الظروف السياسية المحيطة به ( شاء أم أبى ) .

هل عبدربه انتخب كرئيس توافقي , ام انتخب كرئيس لمجموعة انتحارية ؟ ولماذا كثرة الأصوات التي تطالبه ان يعلن رسميا انه طرف في الصراع ضد كل الأطراف ؟ ومن سيخدم هذا التحول ؟ّ

يتفق الجميع ان عبدربه منصور رئيس متوازن , ومادمنا جميعا نحترم ذلك ونقدره , فعلى الزملاء في وسائل الإعلام ان ينتقدوا الأخطاء والظروف التي تبتز الدولة بمخاطر لا يجد بدا أي عاقلا من التعامل الايجابي المؤقت لها , ولو كان ذلك بالفعل رضوخ غير مقبول.

إن عبدربه يقوم بدور وطني وإنساني كبير ؛ عندما يجنب اليمن هذه البلاد من حرب لو اندلعت ستكون اعنف حرب تشهدها اليمن على مستوى التاريخ؟

نحن لا نبرر للرئيس .. ولكن يلاحظ ان من هب ودب ينتقد سياسة عبدربه , نحن ليس مع كل قراراته , لكن هناك قرارات حققت ضجة وجلبة لا داعي لها .

من المؤكد ان الشيخ صادق باشا مكروه في العدين , وغير مقبول , وبلادي في هذه المديرية , لا يدخلها صادق الباشا من أكثر من ثلاثين عام .. لكنني لست ضد تعيين ابنه جبران وكيلا لمحافظة اب.

اعرف ان جبران مؤهل , وفي المحافظة من هو أفضل منه ومن أخوه نبيل الذي فشل في خدمة الدوائر التي يمثلها ولم يقدم للعدين شيئ يستحق الذكر , لكن جبران ورغم صغر سنه فانه محبوب بين عدد كبير من الناس ويدير لجنة التخطيط في المجلس المحلي من عدة سنوات بكفاءة ؛ والسن هنا ليس بالمعيار الذي تقاس به قدرة المسئول وحكمته , والباشا الصغير للأمانة يتمتع بفعالية ونشاط يجعل من توليه وكيلا لمحافظة استحقاق طبيعي على المستوى الإداري والوظيفي , أما على المستوى السياسي , فقد انضم الى ساحة التغيير في اب ونصب الخيام شانه شان المزايدين اللذين انظموا الى ساحة التغيير بصنعاء وزعموا حمايتها ونعتوا بالألقاب التي قذفت بهم الى رئاسة الدولة لمنازعة رئيس الجمهورية الحكم .. ومع ذلك نطالب هادي بالتهور والمواجهة والشراسة والانتحار وسط كل هذه الألغام والظروف المرعبة المحيطة به .

نعم .. ليس من الحكمة ان نطالب رئيس الجمهورية بإقصاء كل هذه القوى المتوحشة , التي تبدوا في ظاهرها بالوفاق الناعم .. وعلى الميدان شديدة البأس تفتك بكل شيء . ومتوحشة للمال وللحكم وللوظيفة العامة .. وتتمدد داخل القصر الجمهوري سواء بشكل مباشر او غير مباشر , كما ان مسالة نقد سياسة الرئاسة أمانة في أعناق الجميع لابد من أداءها والقيام بها على أكمل وجه , ولكن أليس من الواجب مناقشة الأسباب والمخاطر المحيطة بالرئيس ومساندته ومطالبته بعدم الرضوخ للتحديات التي تواجهه .

وبكل تأكيد فان عبدربه منصور هادي يعيب على نفسه الكثير من الأوضاع التي تجري في البلاد , ويرفض في قرارات نفسه أي ابتزاز كان , ويدرك مثلا من اللحظة الأولى لمرحلة الوفاق انه اتخذ قرارات رئاسية لم تكن صحيحة او موفقة ولو بشكل نسبي , بل بدت وكأنها بنيت على جهل تام ؛ وذلك غير صحيح لان الرئيس عبدربه اتخذ القرارات المناسبة للمرحلة أخذاً في الاعتبار موازين القوى الموجودة على الأرض , لذلك لا نقر فعله , ولا نرحب به ونطالبه بمواصلة التغيير التدريجي وعلى الجميع مساندته وليس التخلي عنه لتسود الفوضى ونرجع بخطوات سريعة الى الماضي .

وعود الى حديث بعض القرارات وأصدائها , , يحسب الكثير ان عبدربه كمن يترنح ويهتز تماما بل ويوشك على السقوط , وهذا توصيف غير دقيق ولا يخدم أهمية ان تدار الدولة بالتوازن والمنطق والحكمة التي تواصل نزع فتيل كل القضايا الشائكة والمعقدة كي تستقر هذه البلاد وترسوا على توجه ومصلحة واحدة يعمل من اجلها الجميع .

انه من الحماقة ان يتخلى الوحدويون والشرفاء عن عبدربه منصور ؛ حتى لا تتبدد أوراقه او تذهب مع الريح جهوده , وحتى لا تزداد تشققا وارتباكا تحت قوة المخاطر المتحالفة والأجندات المتراكمة ضده .

كذلك على الرئيس ان يقرأ مجددا قراراته الأخيرة وأثارها , وعليك ان تتوخي الحذر وان تدرس مثل هكذا ملفات اولا قبل إصدارها , فقرار الدولة , او بيان الحركات والتجمعات السياسية وحتى التصريحات التي يدلي بها المسئولين تفقد اهميتها وشعبيتها ان جانبت اهتمامات الناس ولم تعبر عن مصالحهم بتغيير حقيقي ملموس , ولزمن التغيير ان استدعيناه من نزق الماضي , ولكل أدوات الحكم ان جانبت المنطق ولم تتمتع بتوجهات وإصلاحات جديدة تتسم بالفاعلية والكفاءة والقدرة على لملمة ما بعثرته أيادي الفساد والعبث بمصالح الشعب , بل وداهنت المحسوبية وسكتت عن الأفعال المضادة لمصلحة العامة .

الأمل معقود على الرئيس الذي ننتصر وننحاز دوما له ولقراراته كقائد تحول استثنائي تشهده اليمن , استطاع بحكمته ونقاء سريرته ان يجنب اليمن اخطر المحن , ومعه سنقول دوما وفي كل وقت وحين : سحقا لكل السياسات الهشة التي لا تقوى على فهم خطورة الوضع المتردي والتي لا ترفع للرئيس الجمهورية بقرارات ومقترحات تعمل بصدق على تصحيح وتنظيف أجواء العمل فيها , وكل مظاهر السليبات والمحسوبية التي تلحق ثقافة الخراب والبؤس بهذا المجتمع , دون ان تعمل او تتأهل لبناء مداميك للتغيير والازدهار , وتكون صمام أمان حقيقي للفرصة الأخيرة التي نعيشها الآن وتحيط بها المؤامرات والدسائس التي تتكتل على مدار الساعة ضد مستقبل اجيالنا .

وعلى عبد ربه منصور أن لا يكون جدارا صغيرا , او أداة سهلة لتضخيم الهيكل البيروقراطي المنتفخ أصلاً للوظائف داخل الدولة وان يرفض سياسة الترقيع والمراضاة ، وان يصحح سياسة تفريغ وظيفة الدولة من مضمونها وهدفها الى مناطق واسعة ضمن الإدارة الوسطية , يقابله ضمور في الأداء وعدم فاعليه , كما فعل في وزارة النفط , وهذه معادله رياضيه يفهمها البادئون \" !

ولأنه لم يعد بمقدور اليمن أن يمضي في تجارب فاشلة , ولا يمكننا أن نقبل بسيناريوهات السياسيين المتآمرة , فان الشعب كله يقف مع الرئيس هادي , وكل الآمال ان يمضى قدما بقرارات جديدة يكون هو فقط المهندس الأول لصناعتها , وحتى يدرك وندرك معه كشعب , نفس الرضى وبمقدار ردود الأفعال والانطباعات التي باركت قراراته الأولى , وحتى يتسنى لخارطة الحكومة هيكلة بإشراف منظمات ومؤسسات دولية , لإعادة هيكلة وتصحيح هذا الملف , بل ان الإشراف الشخصي من رئيس الجمهورية على هذا الملف ومتابعته ضمن أهم الأولويات , برأي قرار لا يحتمل التأجيل .

 

وتبا لقرارات تصدر ولا تعبر حتى عن قناعات الرئيس وطموحات الناس