الحراك بين مشروعي الماضي أو المستقبل
بقلم/ يونس العرومي
نشر منذ: 11 سنة و 8 أشهر و 23 يوماً
الأحد 24 فبراير-شباط 2013 04:28 م

ما يحدث في الجنوب هو اختطاف للحراك لصالح مشاريع الهدم والتدمير التي يتبناها السيد البيض ، وهذه هي جل المشكلة .

يمتلك الحراك مشاريع خير وبناء وتوحد ، ولا يملك علي سالم إلا خيالات الانتقام وبعضاً من الأحقاد وكثيراً من الحماقات ، وعديداً من أوهام العظمة ، وجل تلك المشاريع القديمة ، مشاريع استئثارٍ وإقصاءٍ وسحلٍ منظم .

كيف يمكن لجنوبي حر أن يتقبل إقصاء جنوبي آخر ، فقط لأنه لم يرفع لعلي سالم صوراً وشعارات ، بل تعد الأمر هذه المرة أكثر من ذلك ، لقد حاول القوم اقتحام ساحة العروض للتنكيل بهؤلاء الجنوبيين الذين احتشدوا للتعبير عن خياراتهم الوحدوية ، وهو فعل لا يمكن تعريفه إلا باعتباره امتداداً لثقافة الإلغاء والإكراه والبطش، وصوراً حية من وحشية الوعي المشوه بفعل تراكمات الممارسات الماضوية ، وهي ممارسات غدت بالنسبة لعلي سالم عبادة بعد أن كانت مجرد عادة وحسب .

يا قوم ، هذا الـ 21 من فبراير لا علاقة له بعبدربه منصور هادي في شيء ، هذا اليوم يعنينا ويعنيكم ، هذا اليوم ، في وجه من وجوهه ، يوم تسليم السلطة للجنوبيين ، فمن ذا الذي أوهمكم بالخروج للتنديد بمثل هكذا يوم ، فقط لأن علي سالم ليس متربعاً على كرسي وعرش .

الواحد والعشرين من فبراير ذكرى انتهاء الفرد وكل معاني المهزلة ، وإيذان ببدايات جديدة عنوانها الأبرز ، الشعب ، وعناوينها الفرعية حق وعدل وبناء وتنمية .

الـواحد والعشرين من فبراير حد فاصل بين ماض لا لون له ، ومستقبل يزخر بالبهجة وبعض الأمل ، والصراع الدائر الآن ليس إلا بين فئتين ، الأولى تنحز لخيارات الماضي وهي خيارات في أغلبها الأعم ، خيارات فردية لا جمعية ، والثانية تنحاز وتنتمي لمشاريع المستقبل ، وهي مشاريع زاخرة بالتعدد الإيجابي ، تبتغي في مجملها إعادة بناء اليمن وترميم الضرر وإصلاح الخلل ، وهذه هي كل الحكاية ، صراع الماضي والمستقبل .

فئة الماضي لا تريد إلا استعادة المكانة والسلطة ، وهي حتماً لن تعيد إلا إنتاج نفسها ، وحين تفتش في مشاريعها ، فلا تجد إلا أهداف الخراب والتشطير والتمزيق والتمرد ، لا مكان في قاموس مشاريعهم لمصطلحات البناء والتنمية والإعمار .

وعلى العكس من ذلك ، ثمة فئة تنتمي للمستقبل ، فهذا عبدربه منصور هادي ابن الجنوب ومن خلفه كل التيارات الوطنية في البلد تسابق الخطى والزمن لأجل هدف بناء اليمن الجديد ،وثمة أفراد يعكرون صفوا الأحلام ، ويفتعلون كثيراً من العقبات .

ما حدث في عدن في الواحد والعشرين من فبراير ، هو اختطاف الحراك من انتمائه للمستقبل إلى انتمائه لقبائح الماضي ، وهذا أمر يهدد قضية الجنوب الحقوقية الخاصة والسياسية العامة ، للجنوب قضية تتعلق بمظلوميات الزمن الأسود ، وقضية أخرى تندرج ضمن الإشكالية السياسية اليمنية العامة المتعلقة بشكل نظام الحكم ومدى مشاركة المجتمعات المحلية في ممارسة السلطة ، وهي قضيتين لا يمكن حلها برفع صور الفرد الزعيم ، لا حل لهذه القضايا إلا بالحوار ، وها هو ذا ابن الجنوب عبدربه يكرر دعواته ليل نهار لهؤلاء بالانخراط في الحوار الوطني ، حتى لا تضيع القضية بين دهاليز المطامع الذاتية لفرد أو بضع أفراد .

الحوار في حد ذاته انتماء للمستقبل ، والرافضون للحوار ، رافضون للحل ، أي حل ، وهي فلسفة تستند إلى إبقاء القضية بلا حل ، باعتبار هذا الأمر هو الطريق الأنسب لهم لاستمرار مسلسل الانتهازية وإعادة إنتاج الماضي .

الرافضون للحوار ينتمون للماضي ، ويرغبون في إعادة إنتاجه ، ببعض الرتوش ، وهم حتماً بهذا واهمون ، فثمة ثورة شباب ، عمت الجنوب والشمال ، تنتمي للمستقبل ، وتتطلع دوماً للأمام ، وهذه الثورة الجامعة للجنوب والشمال خير تجسيد لأحلام الشعب في التنمية والبناء والعدل والحرية والوحدة .

لكل مشروعه ، وللوحدة الوطنية شباب يحميها .