رسالة عتاب للرئيس هادي . !؟ .
بقلم/ طارق مصطفى سلام
نشر منذ: 11 سنة و 6 أشهر و 5 أيام
الإثنين 13 مايو 2013 04:01 م

بادي ذي بدء لابد من التأكيد إنني أجل هذا الرجل بل وأقدره حق قدره وهو الرئيس التوافقي لليمن المشير عبدربه منصور هادي بل أنني أليت على نفسي إلا أن أهتم بشخصه وسيرته وأتابع باهتمام أخباره وأنشطتهُ كافة منذُ الحرب الظالمة العام 1994م التي برز فيها صيته ولمع نجمه حتى طغى بريقه (كقائد عسكري كفؤ ومحنك)على نجوم كثيرة من الأسماء اللامعة والمعروفة (حينها) للقادة العسكريين البارزين في جنوب اليمن وشماله , نعم فقد تابعت ورصدت مساره وأخباره منذ ذلك الحين (وما قبله) فلم أجد إلا ما يشرف المرء ويسر الخاطر .

في الأيام السالفة وجدتُ عدد غير قليل من الزملاء الأفاضل من مختلف الأطياف والاتجاهات السياسية للقوى الوطنية في الساحة اليمنية (سواءً تلك المتفقة مع توجهاتي السياسية أو المختلفة معها) تنقدني بشدة ولمآرب مختلفة وتردد لي العبارة الآتية : ( ان الإكثار من المديح للحكام هي ظاهرة غير صحية ومكروه شرعا , كما أن طغيان الزعماء العرب سببه بطانة السوء التي تكثر من التعظيم والتمجيد لهم فتؤله الحاكم ) إلا أنني وجدت أنه من الواجب الديني والأخلاقي والأمانة والمسؤولية الوطنية نحوا الأهل وولي الأمر أن أنقل للأخ الرئيس هادي حديث النقد والعتاب والنواقص .

وكما أكثرت (انا) من الإشادة والمديح للأخ الرئيس هادي خلال الفترة الماضية وجدت أنه من واجبي ومن العدل والإنصاف أن أنقل لهُ بتجرد ما يقال عنه وعن عهده الجديد من حديث ناقد يأتي من أنصاره الشباب الثائر في الميادين والساحات ومؤيدي هذا العهد عموما والمناوئين لهُ خاصة .. كما أنني أعلم أن كثير من الناس يعرفوا ويسمعوا بهذا الحديث الناقد للأخ الرئيس ,ولكن الأهم في الأمر هو كيف يصل إليه هذا الحديث ؟.. تحت لافتة (من يجروا على الكلام وإيصال هذا الحديث الناقد للأخ الرئيس دون تجميل أو تشويه أو زيادة أو نقصان ؟), فأن صدق هذا الحديث في جزئياته كافة أو بعض منها ففي ذلك فائدة جمة للرئيس أن يصلح من محيطه , وأن جافت الحقيقة بعض تفاصيله أو جميعها فليس هناك ما يضير الأخ الرئيس أن هو أحاط بها علما وتجنبها مستقبلا وعمل على إيضاح حقائقها للعامة .

إنها تلك المقولة الشهيرة التي يحلوا للدكتور القربي ترديدها دائما في مثل هذهِ المواقف .. من يجروا على تعليق الجرس أو يتقدم ليقرع ناقوس الخطر ..وفي الوقت المناسب .

الجميع يضغط على هادي : ونقصد بذلك الأطراف المؤتلفة في الحكومة والقوى الأخرى خارجها فبعض قيادات المؤتمر وحلفائه يبتزون هادي بالتحريض عليه ومحاولة عرقلة المرحلة الانتقالية الجارية في البلد وتعطيل استكمال النقل السلس للسلطة من خلال تواجد عناصر فاسدة كثيرة من مؤيدي النظام السابق في معظم مفاصل الدولة ومؤسساتها الهامة وكذا بممارسة السلوك الانتهازي في الحياة السياسية والدفع بالمظاهر الغوغائية في الشارع ومرافق العمل ونشر مظاهر الفوضى والتسيب والإهمال في المجتمع والجهات والمؤسسات كافة والتشجيع بل والتحريض على قطع الطرقات والتخريب لمصادر وموارد التمويل الحيوية للحكومة وللخدمات الأساسية للمواطنين ليوجدوا حالة تذمر قصوى بين صفوفهم مما يجعلهم يقارنوا بين العهد السابق والحالي لصالح الأول , هدفهم في ذلك مآرب برجماتية تتعلق بالانتخابات القادمة , كما يرفضوا قانون التدوير الوظيفي ونقل عناصرهم الفاسدة في قيادة مؤسسات الدولة الحيوية المدنية والعسكرية بحجة انه التهميش والإقصاء , كما يضغطوا بدافع من النوايا السيئة لتعيين العناصر المجربة والفاسدة لمزيد من التخريب للخدمات وللعملية الاقتصادية والتنموية بل وتعطيل المرحلة الانتقالية برمتها , وفي الطرف الأخر تأتي القوى والمكونات التي أشعلت الثورة أو ساندتها وقد أصابها الوهن إلا أنها صاحبة المصلحة الحقيقية في قيام الثورة وانتصارها وانجاز مهامها اللاحقة وأهمها استكمال عملية التغيير والانتقال السلمي والسلس للسلطة ومن هذا المنطلق تريد هذه القوى أن تأخذ فرصتها الحقيقية في التصدي لتلك المهام الكبيرة في بناء الدولة المدنية الحديثة بفرض رؤيتها المنهاجية وأليتها البرامجية في عملية التغيير وكذا الاستحواذ على الحصة الأكبر في قائمة القرارات والتعيينات الجمهورية والرئاسية , إلا أن خلافاتها في هذا الجانب جعلها تعكس ذلك في ممارسة العديد من الضغوطات على هادي , وهذه القوى التي اتفقت وتوحدت وتقدمت في درب النضال وإشعال الثورة وإنجاز المهام والأهداف الأولية لها, عادت وتخلفت واختلفت في الرؤى والمواقف من عملية البناء للدولة بسبب من تعدد منابعها الفكرية وألوانها السياسية وأهوائها الحزبية , وبالتالي فهي (جميعها ) تضغط على هادي لفرض أولوياتها ورؤيتها المليئة بأمراض نرجسية القيادات الحزبية والتطرف الفكري في عقيدته الشوفونية أو الدينية , كما أن هناك قوى وأطراف أخرى من خارج هذه الدائرة المؤتلفة في الحكم لها ايضا أجندتها الخاصة وعلى وجه الخصوص تيار الحوثي المتطرف في صعده وما جاورها وفصائل الحراك الجنوبي وخاصة الفصيل العنيف الذي يطالب بفك الارتباط بالقوة ومكونات المجتمع المدني الأخرى مثل مكونات النساء والشباب المستقل الذي يتهم الجميع بالتآمر عليه وسرقة ثورته .. وجميع هذه القوى لها العديد من المطالب الملحة لدى هادي إلا أن بعضها يستخدم وسائل الضغط (الابتزاز) للتعجيل بإنجازها إذ أن كل طرف فيهم (وفي نظرة قاصرة للصورة كاملة)يصر أن الأولوية لتنفيذ مطالبه وحقوقه في ظل قدرات محدودة للدولة وعامل زمني ضاغط .

نعم هناك أطراف عديدة تضغط على هادي وتمتن عليه لدورها في الثورة التي أوصلته لكرسي الحكم وتريد أن تفرض رؤيتها في النهج وأجندتها في مهام الحكم وحصتها في نفوذ السلطة , وأطراف أخرى تضغط عليه بتصعيد أعمال الفوضى والنهب والتخريب والتقطع وأخرى ثالثة بالحشود والاعتصامات تقابلها حشود واعتصامات مضادة , ورابعة برفع شعارات حقوق الجرحى المهملين والوفاء لدماء الشهداء الزكية وأرواحهم الطاهرة وخامسة لدورها في الحماية والمناصرة للثورة وللسلطة الجديدة , كما أن هناك تحالف قوى الثورة المضادة والمكونة من زمرة الفاسدين ورموز العهد القديم والمتضررين من العهد الجديد وغيرهم , تضغط عليه تارة بخلط الأوراق والتدليس والمناورة والتسويف وتارة أخرى بالتخوين والتمسك بمواقعها القديمة ورفض الشرعية الجديدة , ومما يجعلها تتمادى في غيها وتتجاوز في بغيها هو ذلك السلوك العجيب للسلطة في رعونة التعامل مع تمردها والتجاوب مع مطالبها الغير مشروعة , وبذلك تتمكن من فرض شروطها المجحفة مقابل تنفيذها لقرارات القيادة الشرعية ولتقبل بالإزاحة من المواقع التي تغتصبها من أعوام عديدة , حيث يتم ترضيتها وتطييب خاطرها بأموال طائلة من الخزينة العامة !؟ بينما الشعب المغلوب على امره يعاني من ضنك العيش وسوء الخدمات وتضخم الأسعار وهذه تحديدا هي أبرز الملاحظات والظواهر التي تؤخذ على هادي !؟ .

إذا كان ولا بد من صرف تلك الأموال الطائلة لمواجهة قرارات الإزاحة للقيادات العسكرية والمدنية بناءً على بنود المبادرة الأممية والخليجية ولنتمكن من إنجاز عملية التغيير الملزمة والجارية في البلد فلماذا لا يتم مواجهتها من مصادر تمويل خارجية بتغطيتها من قبل الدول العشر ( وغيرها )الراعية لتجربة الانتقال السلمي للسلطة ؟ .

وهادي يضغط على الفرقاء كافة : نعم فهوا يضغط على جميع الفرقاء في الساحة الوطنية نتيجة عدم الثقة والصراع القائم بينهم ,وكذا بسبب من التناقض الطارئ بين شركاء الأمس في انجاز الثورة والتغيير بعد أن اختلفوا فأصبحوا فرقاء اليوم الغارقين في دوامة الخلاف المستجد بفعل فاعل مستتر , نعم هي تلك القوى صاحبة المصلحة الحقيقية في التغيير وإرساء العهد الجديد , إلا أن هادي هو صاحب الشرعية التوافقية وهو من يصدر القرارات ويوقع عليها !؟ بينما كان يفترض أن تسود شرعية الواقع الثوري الجديد الذي لا وجود فيه للرؤية الضبابية المهادنة وإنصاف الحلول .

كما أن هادي يضغط تلقائيا على القوى الحداثة والتغيير إجمالا بعدم مغادرته النهائية للمربع القديم باتجاه الانحياز الكامل لأغلبية الشعب ليصبح أسير المخاوف والمحاذير وينغلق في هيئات ونخب لم تقدم كثيرا لهذا الشعب بل وتنشغل كثيرا في إعطاء الأولوية لقضايا ومصالح حزبية وفئوية وجهوية بالغة الأنانية !؟ ,وبهذا المسار والمنوال فأنهُ يختزل الشعب اليمني بأكمله بأعداد قليلة من الأفراد والمجموعات المحيطة بهِ, وأولئك النفر مهما بلغت أهميتهم وقوتهم وتأثيرهم فلا يعني ذلك تمثيلهم للشعب بأكمله ومصالحه كافة !.

نعم هادي يظل يحكم (تحت تأثير مخاوف غير مبررة إلا أنها كامنة فيه) أو كما قال لي شاب ثائر من الساحات في عهد قريب (هل هي ديمه خلفنا بابها أم هي حليمة عادة لعادتها القديمة ؟) ,وفي ذلك يقول الشعب الحر المناضل (نريد الرئيس هادي أن يكون هو الأصل الذي يقود التوجه والعهد الجديد ويهدي المسير إلى الأفاق الرحبة للثورة ولا يكون نسخة مقلدة من النظام السابق لأن العادة جرت أن يكون المقلد عديم القيمة والفائدة والأصل دائما هو الأفضل من التقليد وفي كل الظروف والمناسبات, ولا عزاء أو مستقبل للمقلدين في اليمن الحر الجديد ) .

وبعضهم يبتز هادي : مثل بعض تلك الأطراف الممثلة في فعاليات الحراك الجنوبي , تلك التي تصعد أو تخفف من نشاطها حسب شروط العرض والطلب وحجم التمويل ومصادره, هي العوامل المؤججة لوتيرة الاستقطاب والمثيرة للفتنة التي تحكم سوق الارتزاق وهي تلك المقايضة التي تبتز رغبة هادي في حرصه الشديد على تمثيل شعب الجنوب وحضوره مؤتمر الحوار الشامل القائم فعلا الآن في حضرة ومقام عاصمة اليمن الكبير وانحياز هادي لعظمة الوطن الأم الذي قال فيه المولى عز وجل أنها بلدة طيبة ورب غفور قال الله تعالى: (( لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور ( 15 ) فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتى أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل (16) )) , وليس في ذلك أدنى دلالة لمعاني لغة الترغيب أو الترهيب, بل هو العتاب وحده وإدانة الجحود للوطن وإشارة لآيات المنافق في نهج البعض وسلوكهم الأرعن !؟ .

أخي الرئيس : هذه الثورة وعملية التغيير هي التي جاءت بكم إلى سدة الحكم وكرسي الرئاسة , ولذلك لا بد لكم من تحديد توجهاتكم بدقة ومن الالتزام والإيفاء بالأمانة التي قبلتم ان تتحملوا أعباها بكل شرف وشجاعة , وكونكم رئيس توافقي لذلك يجب أن يكرس جل جهدكم ووقتكم لصالح الشعب في التخفيف من معاناته في ظل عدم توفر واستقرار الخدمات الأساسية التي بغيابها ينتفي العيش الكريم فما بالكم ببقية الحقوق !؟ لذلك من الأفضل تعيين نائب لكم أو أكثر لمساعدتكم ولابد أن يكون أحدهم من المحافظات الشمالية لدرء فتنة يتم التحضير لها الأن وحتى تتوازن طرفي المعادلة في هذا الوطن المعطاء , وفي ذلك تتجسد كثير من المصالح العامة ويتعزز أمن الوطن وأمنكم الشخصي حيث أن تحقيق ذلك يمنع المغامرين من استهدافكم لغرض افشال الانتقال السلمي للسلطة من خلال إيجاد فراغ دستوري في البلد بغياب شخص الرئيس .

أخي الرئيس هادي : لابد لنا ان نشاهد ونلمس بناء نظام جديد شفاف في تعامله مع الشعب وعادل في حكمه لليمن وأهله .. يبني الوطن ويرفع من شأنه عاليا ويعزز اللحمة الوطنية بين أبنائه ,ولذلك لابد من التعجيل بتحقيق الأمن والاستقرار وتجسيد التغيير المطلوب الذي تأخر تحقيقه كثيرا حتى الآن !؟ .

أخي الرئيس هادي : لماذا إعطاء كل هذه الأهمية للحوار في وثائق وأدبيات المبادرة الأممية الخليجية وربط مصير ومستقبل اليمن بمقرراته فقط ؟ دون وضع البدائل الأخرى المناسبة للعلاج ؟ولمخاطر ذلك المسار الوحيد للعلاج دعونا نطالب أن يكون الحوار بمن حضر حتى لا تمارس بعض القوى الانتهازية مزيد من الابتزاز لليمن وأهله ..الحوار بمن حضر حبا ووفاءً لليمن وشعبها الحوار لمن يرغب في التأسيس لليمن القادم الحديث المزدهر

• هذه الثورة يا فخامة الرئيس .. أعمق وأنبل وأعظم من ان تختزل بمجرد تغيير حاكم , ولكم أن تنصفوا شعب صابر ومكافح .. شعب أصيل وثائر , والله من وراء القصد وهو ولي الهداية والتوفيق