لَنُغرِيَنَّكُم بهم ..!
بقلم/ ابو الحسنين محسن معيض
نشر منذ: 10 سنوات و 4 أشهر
الخميس 17 يوليو-تموز 2014 06:04 م

يتعرض كثير من شباب حكتنا الإسلامية لضغوطات نفسية جمة وهم يعايشون وضعا تضيق باستيعابه البحار وتنوء بحمله الجبال , ويرون كل يوم أحداثا أليمة أنتجتها عقول التآمر والخيانة وصنعتها أيدي الشر والغدر , ويشهدون مزيدا من الانتهاكات تقوم بها تحالفات مقيتة من خفافيش كهوف العسكري المنتظر وزواحف النظام الغابر المحتضر , وبينهما يمتد طابور من العمالة في أروقة الحكم وسراديبه .

وفي خضم هذا التوتر يعيش الشباب المتوقد المشتاق للتضحية حالةً من الاستنفار النفسي لنفير الدفاع عن وطنه وشعبه عامة , وعن بيته الخاص الذي عاهد الله على أن يقدم النفس في سبيل حمايته , لما يمثله من كيان يسعى لتحكيم الكتاب والسنة في كل شئون الحياة وفقا لمقتضيات العصر , ومجتهدا في توحيد الأمة من خلال إعادة حكم الخلافة الإسلامية على منهاج النبوة . وفي ظل هذا العداء الانتقامي البين ضد توافق الوطن , قد يخرج عليهم كيانهم ببيان ملوا سماعه في كل نازلة , وهو يدعو كيان الظلم إلى تطبيق العدل , ويطلب من طابور الكذب قول الحق , ويسأل بؤرة الفساد التزام النظام .

وتوطن في نفوسهم أن تلك البيانات الاستعطافية العقلانية إنما هي كالذبيحة التي اضطجعها جزارها وهي تأمل بنظرتها المنكسرة وثغاءها المتقطع ان يزيح رجله عن سحق عنقها وان يبعد سكينه الحاد عن حلقومها . ويؤكد عدد غير قليل منهم لقياداتهم أن الوضع لم يعد يحتمل مزيدا من التنازلات والموازنات والأعذار الواهيات , فاليوم قد تراءت الفئتان وتجلت النيات وبانت التحالفات واتضحت المخططات الرامية كلها علنا إلى مهاجمة كيانهم الكريم وهدم بنيانه القوي وتمزيق صفه المتماسك .

لقد استنفذت حركتنا الاسلامية مأجورة كل وسيلة متاحة من اجل درء الفتنة وتجنب الاقتتال الأهلي , فقدمت ما لم يقدمه أي تنظيم وكيان اخر , وضحت بعدد من خيرة كوادرها وشبابها لأجل استقرار البلد ونماءه , بينما اكتفى الخصوم والحلفاء بموقف المتفرج الشامت والمترصد الخبيث . كما ارتضت حركتنا مبادرات كانت في مجملها اشد مرارة وقسوة عليهم من بنود صلح الحديبية الجائر القاهر .

إن الحركة تدرك ان هناك منظومة متكاملة من قوى الشر مندسة في السلطة الحاكمة وفي الكيانات السياسة والتجمعات الشعبية ومن خارج الحدود تقوم بدفعها نحو عدة منعطفات خطيرة فيها ضرر عليها , إما بإحداث تصدع في مستويات البناء التنظيمي من خلال تمرد صريح يرفض هذا السكوت والتريث ويؤدي إلى عصيان لكل قرار , وقد ينتج عنه تكوين كيان مواز ينهج العنف , وإما أن تتخذ القيادة كاملة خيار عدم السلمية دفاعا عن نفسها لما تراه يحدق بها من خطر قاتل ولما تشعر به من سم مميت يسري في دمها النقي .

ان الحركة لم تكن يوما مفتاحا للشر ولا جسرا تنتقل عبره الفتنة للناس , بل إنها طوال فترة حياتها كانت صانعة للخير ودالة عليه في كل موقع وملتقى وباذلة النصح في كل اتجاه ومستوى , وهذا النهج الطيب هو ما تربي عليه روادها ومحبيها مؤكدة لهم ان البسمة مقدمة على اللكمة في النزاع وان الورد اولى من الجلد في الصراع , وأن سؤال العافية أكرم من تمني لقاء العدو . ولكن مع زيادة الضغط عليها قد يحدث الانفجار , ومع تأجج النيران حولها قد يحدث الانصهار , وحينها لن يتمكن أحد من التحكم في توجه شظايا الشهاب ولا في جريان حمم البركان , وسيدفع الجميع الثمن تفحما ودمارا .

فلا تحيلوا بسوء خططكم تبسمنا عبوسا , ولا تجعلوا بمكر أعمالكم وردنا شوكا . إن هذا هو ما يخالج قلوب فرق من أبناء الحركة في كل مستوياتها التنظيمية . أما ما يدور في بواطن قمة الهرم فذلك علمه عند الله , ولكن مع كثرة الانبطاح وتكرر الإنسداح يراود النفس البشرية الضعيفة تساؤل ويزيد الشيطان والغضب في تنميته وترديده . ومفاده أننا نتحدث عن الخيانة ونقض العهود من قبل الحلفاء والشركاء في القرار وميدان العمل , وهذا امر ليس مستبعدا منهم تجاهنا . ولكن ! ألا يوجد مثلهم يسكنون جسد بيتنا متحكمين في صنع قراره وتوجيه حركة سير خلايا دمه ؟ من يدري ؟! ربما ! لا أظن .!

ولكن للسن حُكمَه وله حِكمتُه .