فارس العرب .. !!!
بقلم/ توكل كرمان
نشر منذ: 15 سنة و 7 أشهر و يومين
الثلاثاء 07 إبريل-نيسان 2009 02:30 ص

ذهب الرئيس إلى قمة الدوحة ومعه مبادرة شابة عن اتحاد عربي بدل جامعة قال أنها شاخت ولم تعد صالحة للبقاء ، احتاج الأمر فقط لجلسة قات وربما جلستين .. ليضع هو ومساعديه الخبراء في لم الشمل وتحقيق وحدة الأوطان مشروع لاتحاد عربي كامل الاوصاف والتفاصيل !

ذهب الرئيس وهو لايعبأ بأجندة قمة الدوحة وما هو موضوع على الطاولة من مواضيع مدرجة ومقرة سلفا، كان القوم يتحدثون عن قمة لجامعة عربية ستعقبها قمة مشتركة تجمع الجامعة بدول أمريكا الجنوبية ، لكن الرئيس وإعلامه كانوا في واد آخر ، كانوا يتحدثون بثقة عن رصاصة الرحمة التي سيطلقها في رأس جامعة شبعت موتا !

لا أدري كيف استساغ الفكرة وكيف تمت الحسبة ، لم يسبق للقمة العربية منذ تأسيسها ان انعقدت قبل ان يتم مناقشة البيان الختامي من قبل وزراء الخارجية العرب والتوافق عليه قبل ايام او اسابيع من الانعقاد .

لكن لأنه فارس العرب فمبادرته لولايات متحدة عربية لاتحتاج الى مداولات ومناقشات مسبقة تعقدها الدول مثنى وثلاث ورباع قبل القمة بعقود أو حتى بسنوات !

لنقلب هذا الاحتمال ، إن كان العرب سيتحدون فمن سيعلن البيان رقم واحد ؟ أهو مبارك مصر أم عاهل السعودية ؟! وماذا عن الرئيس السوري والقطري والقائمة تطول ؟! أما أن يكون الرئيس الصالح فذلك مدعاة لان ينقسم القوم شعوبا وقبائل أضعاف ماكانوا عليه !! أتمنى الأن أن أعلم بالضبط من أوحى له بهذه الفكرة العبقرية لنقدم له براءة الاختراع ومعها جائزة الشجاعة!

ما كان يجدر به أن يقدم شيئا ، لا تزال فضيحة قمة غزة تثير الضحك والبكاء معا، يخيل إلي ان كل من استمع إلى وسائل اعلامنا تبشر بمشروع الاتحاد العربي يتذكر على الفور مبادرته الداعية لنصرة غزة والمبشرة بمواقف لا تخاف في غزة لومة لائم ،لكن حين حان الاستحقاق عجز فارس العرب أن يجاري رئيس جزر القمر أو موريتانيا ، اعتذر عن الحضور بعد أن أكد المشاركة ! وبدا أن كل مطالبات الفارس بـ " حتة الأرض" المجاورة لفلسطين ليشد منها الركاب لفتح بيت المقدس وأكناف بيت المقدس مجرد كلام في الهواء، لايبدوا ان صاحبه كان يقدّر ان هناك استحقاقات واجبة الدفع .

بدأ الحديث قبل أسابيع من طرف واحد في صنعاء عن ماتقدمه اليمن من مساهمة فاعلة لانجاح قمة الدوحة ، لم نكن نعرف طبيعة ونوع المساهمة اليمنية لإنجاح القمة وما الذي لدى اليمن لتقدمه للنجاح او الفشل !

المساهمة اتضحت فقط قبل الجلسة الختامية حين زفت إلينا وكالة سبأ للأنباء – منفردة - نبأ الانسحاب العظيم من الجلسة المغلقة والختامية كرد فعل لعدم إتاحة الفرصة للرئيس لقراءة مبادرته عن اتحاد عربي مات قبل أن يولد !

لسوء الحظ أننا لم نعرف بنود المشروع بعد ، ولا أعتقد أن الرئيس يرى أن هناك حاجة لنشره أو بثه على الجمهور العربي بعد أن فشل في جعل قناة الجزيرة تبث صوره وهو يلقي مبادرته من مكان انعقاد القمة.

لسوء الحظ أيضا أن الجزيرة لم تبث نبأ الانسحاب الأعظم ، ولم تفلح عشرات المحاولات في جعلها تفعل ولو حتى عبر الشريط الإخباري المتحرك !

من حقهم أن لا يفعلوا ، من حق القوم أن يشعروا بالانزعاج وعدم الرغبة في مجاراته ، فلربما سبقته إلى هناك مذكرة استغاثة لحراك جنوبي يطالب بتقرير المصير ، متحججين بأنهم في ظل دولة الوحدة لم يجدوا حقوقهم في الشراكة والمواطنة المتساوية.

الرئيس مغرم بلعب دور خارجي، لكنه حفظه الله في خصومة مع قاعدة ذهبية تقول أن الحضور الخارجي مرهون فقط بالحضور المحلي .

سيدي .. لن تكون ذا شأن إن لم يكن نظامك السياسي يتكئ على عوامل كافية من القوة الداخلية ، ولأن الدولة اليمنية لم تكن يوما بهذا الضعف فلنا أن نتوقع حجم التقدير الذي ستقابل به المبادرات اليمنية التي لم تنفك تقدم حلولا لمشاكل العالم المزمنة .

بالقياس قطر دولة عظمى ، ولاداعي لان تقارن اليمن بالأردن ولبنان فما ثمة شئ لدينا يستحق المفاضلة ، ودعك من مصر والسعودية وسوريا ، ما الذي لدى النظام اليمني من أوراق ضغط وذراع خارجي تكفل له مشاركة خارجية وان بحجم قراءة ورقة لمشروع وهمي ؟

ليس لدينا ما نقدمه لأي اتحاد عربي أو خليجي او أي شيء كان، اليمن بوضعها الحالي ليست مؤهلة لأي نوع من الشراكة الخارجية ، وهي لسوء الحظ قليلة الحيلة وهشة وفاشلة برغم ماتملكه من عوامل الازدهار والقوة .

حين يحمل ملف الاتحاد العربي رئيس تقول التقارير ان بلاده دولة فاشلة بعد عشرين سنة من وحدة ثنائية كان لها ان تكفل لابنائها حياة كريمة وأكثر لو ان القائمين على الأمر اظهروا شيئا من المسؤولية والنزاهة بدل ان يسوقوا دولة الوحدة الى حافة الانهيار! 

حين يحمل ملف الاتحاد العربي رئيس تقول التقارير ان العشائرية والمناطقية والقرابة هي المعايير الغلابة عند توزيع الثروة والسلطة العامة !

بعد ذلك أليس من حق قطر اوغيرها ان تقول رحم الله رئيسا عرف قدر نفسه ؟

للمهزلة تفاصيل أخرى ، البلد المضيف طرف ثالث في اتفاقية طرفاها يمنيون لازالوا يطالبون بتنفيذ بنودها أو فالحرب خيار بدء في الحدوث حتى قبل أن تحط بالرئيس الرحال في مطار الدوحة .

سيدي ..

كنا ولا نزال ننتظر مبادرة وإن من العيار الخفيف تجود على دولتنا الفاسدة قليلا من سيادة القانون ، ومسحة من الرشد ، "اليمن ليست دولة فاشلة لكنها دولة على وشك الانهيار وعلى حافة الفشل" هذا آخر تصريح بدا فيه أحد الدبلوماسيين الأجانب أكثر تفائلا .