فيصل بن شملان : أنت ذكرى جميلة
بقلم/ طارق عثمان
نشر منذ: 15 سنة و شهر و 9 أيام
الجمعة 02 أكتوبر-تشرين الأول 2009 05:43 م

أحقا أنت كما تقول الأخبار عنك \" يقضي أيامه الاخيرة في مستشفى في الهند \"؟؟ أحقا ياسيدي إنك توشك أن ترحل كما يزعمون...؟ إن كان الأمر كذلك فهل يحق لي أن أنعيك وأنت ما زلت حيا ، فقد أفجعونا بهذا الخبر ، وأحزنوننا عليك وبللوا مآقينا بالدموع ..

سيدي : ليت الله يمن عليك بالشفاء ، وعلينا بعودتك سالما تقارع الظلم ، والطغيان ، والفساد كما كنت دوما ..

وإن كانت آخر أيامك كما قالوا و ( البقاء لله وحده ) فاعلم أن قلوبنا مثواك وفي ساحات ذكرياتنا لك نصباً تذكارية تقاوم النسيان ..

سيدي : سنمتدحك الآن وحُقَ لنا أن نمتدحك وأنت الذي لا يرتجى من مدحه شىء زائل ولم تكن يوما شغوفا بالمديح حتى في عنفوان تألقك الجماهيري حين أحاط غيرك أنفسهم بالمداحين ، والمتزلفين ، والمنافقين ، وحملة المباخر، ومزيني السرادق و محترفي صناعة الرتوش ..

سنتكلم عنك الآن كرمز ٍ حقيقي ظهر في زمن الرموز المبهمة ... فكنت الصدق في زمن النفاق ... وكنت الكتاب المفتوح في عصر الطلاسم ... وكنت رقيةً للشعب المسكون بعفاريت السلطة في زمن السحر والشعوذة ..وكنت الشجاعة في زمن التخاذل والاستكانة ، كنت شيخا معمما بالوقار والحكمة يتقد حماسا حين شاخت عزائم الشباب وخارت قوى الفتية ..

كنت طيفا جميلا مر بخيالنا وحاولت أن تعيد لنا احلامنا الجميلة التي صادروها لصالحهم زرعت في الناس فسائل نخيل الحرية فقامت قيامة الطغيان عليك ، وربما لن تعيش لترى ما غرست ، لكن صدقني غراسك سيكبر يوما ويصبح باسقاتٌ لها طلعُ نضيد ..

أردت للشعب الحياة فأراد بعضه لك الموت ، فانطلق خلفهم يعيرك ببياض شعرك ‘ وكبر سنك ، حين لم يستطيعوا أن يعيرونك بما هو فيهم ، فما عيروك يوما بالخيانة ولا السرقة ولا النهب والاعتداء على أموال الناس فقد وقفت نزاهتك سدا منيعا أما صلفهم ونزقهم وابتذالهم ، فما فائدة سواد شعورهم إن كان لون القلوب مثله ، والعقول أشد ظلمةً وقتامة ..

سيدي : إعذرني إن زدت عليك آلامك فلقد وقع كل ما حذرتنا منه وسرنا إليه حتف أنوفنا ، فصعدة يتعمق جرحها حتى أعيت الطبيب المداويا ، والجنوب يتسع خرقها فأعيت الراقع المجد ..

والبلد ولى وجهه شطر التخلف وأنطلق يركض نحوه بكل ما أوتي من قوة ..

أتذكر ياسيدي !!؟ أتذكر حين كنت تجوب البلاد طولا وعرضنا تحذر من عواقب بقائهم ؟ كان مرشحهم حينها يصرخ في كل محفل مبررا إصراره على البقاء \" لقد رأيت ذئابا تريد أن تنقض \" و \" التتار قادمون \" فعاد وعادت معه الذئاب تنهش جسد الوطن من كل جانب وأحاط التتار والمغول بالبلد إحاطة السوار بالمعصم ومزقوها كل ممزق ونهبوا كما كان يحذر أضدادك \" النفط ، والبنك المركزي ، ووزارة المالية \"..

سيدي إن كنت ترقد هناك على سرير العافية فهم يتسمرون هنا على كراسي السلطة يتشبثون بها ، ويصارعوننا ونصارع هوسهم بالحكم ، أنت هناك قد أضناك هم البلد وهم هنا يضنيهم إلتهامها .. وتشقينا عنجهيتهم وطيشهم أنت هناك في الهند ترقد في مشافيها وهم هنا قد حولوا البلد كله إلى استوديو كبير لأفلامهم الهندية ...

سيدي : إن كنت تشكو ورما خبيثا في الدماغ فالبلد كلها تشكو منه ..

سيدي :أدين لك شخصيا بدين وأنا الذي لم أعرفك إلا من وراء حجاب التلفزيونات فلم أحضر لك مهرجانا ولا خطبةً ولا مقابلة ،وكني أدين لك بدين ، أنك أيقظت فيَ غريزة الكتابة التي استفاقت يوما وهي تراهم يتكالبون عليك من كل جانب فاستللت قلمي عبر مارب برس في حمى الإنتخابات الرئاسية قبل 3 سنوات أقارعهم وأبذل جهدي في فضحهم حتى يومنا هذا ...

سيدي : فيصل بن شملان : إن كان أبي رحمه الله قد رباني صغيرا فلقد علمتني كبيرا ، علمتني معنى الحرية ومعنى الحياة الكريمة ومعنى الوطنية في زمن تزييف المبادىء ، زمن التضليل والشعارات الخداعات ...

سيدي : عافاك الله مما ألم بك وعافى البلد مما ألم به ولتعلم أخيرا أن قلوبنا ترفرف حولك تبتهل إلى الله أن يشفيك ويطيل في عمرك في مرضاته ، وتهمس في أذنك : إن اليمنيين يحبونك في الله يا والدنا العزيز وقلوبهم تخفق خوفا عليك وتتمنى أن تعيش لكي يستمر نهر عطاءك وشمعة ضياءك وحكمة أقوالك وعمق رؤيتك .