خلف أكمة الطرود المشبوهة ما خلفها
بقلم/ منير العمري
نشر منذ: 14 سنة و أسبوعين
الأحد 31 أكتوبر-تشرين الأول 2010 11:01 ص

خرجت علينا بعض وسائل الإعلام العالمية أمس الأول بخبر مفاده أن المقاتلات الأمريكية رافقت طائرة تابعة للخطوط الجوية الإماراتية قادمة من دبي وفي طريقها إلى مطار جون كيندي في واشنطن بسبب الاشتباه بوجود طرود مفخخة فيها، وفي سياق متصل ذكرت مصادر أخرى أن طرود مشابهة كانت على متن طائرة تابعة لشركة UPS للشحن.

جاءت مرافقة المقاتلات الأمريكية للطائرة الإماراتية السالف ذكرها بعد تلقي وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (السي أي إيه) إخبارية من دول وصفها المصدر بالصديقة تفيد بوجود طرود مشبوهة على متن الطائرة الإماراتية التي قيل وقتها أن رحلتها بدأت من العاصمة صنعاء.

وباستثناء خبر مبتور في بعض الصحف والمواقع الإليكترونية الرسمية نقلا عن مصدر لم تسمه، تأخر رد الجهات الرسمية العليا، كالحكومة أو الرئاسة. والليلة فقط عقد الرئيس على عبد الله صالح مؤتمرا صحفيا مقتضبا حضره مندوبو وسائل الإعلام وهذا المؤتمر لم يأتي بجديد بالنسبة لفك طلاسم الموضوع حيث لا يزال اللبس والغموض قائما حول مصدر ونوع وعدد الطرود التي خرجت من اليمن وأين ومتى تم أكتشفت، كما أنه لم يهدأ من روع المواطنين.

عمليا كان من المهم إن يأتي الرد من الجهات العليا في اليمن على ما يثار هنا وهناك، وخصوصا بعد أن جاء الاتهام على لسان المسئول الأول في البيت الأبيض الرئيس باراك حسين أوباما، ومع ذلك فالأمور لا زالت غير واضحة وهناك من يشكك في مصداقية الموضوع برمته ويرون أنه ليس سوى لعبة إستخباراتية قذرة الغرض منها إظهار اليمن كبلد يشكل تهديدا خطيرا على الأمن القومي الأمريكي وبالتالي تبرير الأفعال العدائية الأمريكية داخل الأراضي اليمنية كما حصل في أبين وشبوة ومأرب قبل عدة أشهر.

ولا يخفي الكثير من اليمنيين امتعاضهم من الاتهامات الأمريكية المتواصلة لليمن بالوقوف خلف التهديدات المختلفة التي تواجهها أمريكا وتحولها كمركز خلفي للقاعدة تخطط منه وتنفذ عملياتها، كما يربط الكثير من المتابعين خروج الرئيس الأمريكي أوباما للحديث عن قضية الطرود المشبوهة بانتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأمريكي وتراجع شعبية حزبه في أوساط المواطنين الأمريكيين.

وهذه ليست المرة الأولى التي يعلن فيها أن تهديدات أمنية للعمق الأمريكي مصدرها اليمن، فقد ألقي القبض على عمر فاروق عبد المطلب – المولود في العاصمة النيجيرية لاجوس في 22 ديسمبر 1984 – عشية عيد الميلاد على متن رحلة نورث إير لاين 253 والتي كانت في طريقها إلى ديترويت في ميتشجن.

وقد وجهت لعبد المطلب الذي قدم حينها من اليمن تهمتين وهما وضع متفجرات في طائره مدنية ومحاولة تفجيرها وكذا محاولة قتل 289 شخص هم مجموع من كان على متن الطائرة. وقد قيل وقتها أن المواطن اليمني الأمريكي أنور العولقي، الذي يشبهه البعض بأسامة بن لادن، قد حرض عبد المطلب – عندما التقاه في اليمن – على تنفيذ العملية قبيل سفر الأخير إلى أمريكا.

ما من شك بأن أمن مطار صنعاء الدولي يفحصون بدقة متعلقات المسافرين وكل الطرود التي تخرج من اليمن وأذكر في هذا الصدد ما حصل لي شخصيا في مطار صنعاء الدولي قبل أسبوعين فقط حيث كنت في طريقي إلى دبي وكان ضمن متعلقاتي الشخصية مزيل للعرق وعندما تم فحص متعلقاتي تم أخذ حقيبتي جانبا وتفتيشها بدقة وإخراج مزيل العرق كونه قابل للاشتعال فما بالكم بطرود مفخخة!!

ويرى بعض المتابعين بأن الموضوع مشكوك في صحته وحتى وإن افترضنا بأن تنظيم القاعدة يقف خلف الموضوع فكيف للبنت التي قيل بأنها من أرسلت الطرود بأن تسجل بياناتها الشخصية الصحيحة على الطرود. بالتأكيد، لن يغيب عن بال الأشخاص المسئولين عن إرسال الطردين عدم تقديم أي بيانات أو معلومات يمكن أن توصل إلى عنوانهم الحقيقي.

وبصرف النظر عن صدق ما يثار من عدمه، فما يهم المواطن والمتابع العادي هو تصدر اليمن لعناوين الصحف والنشرات الإخبارية في القنوات التلفزيونية وخاصة وأمريكا تعد اليمن الآن ثالث أكبر تهديد لأمنها القومي، طبعا بعد أفغانستان وباكستان.

وبما أن المسئولين في أمريكا يرون بأن البلد يشكل تهديدا مباشرا على أمنهم القومي، فأن قواتهم البحرية والجوية لن ترى غضاضة في ملاحقة أعداءها داخل اليمن ولن تتورع أيضا عن ضرب أية أهداف تابعة للقاعدة في عمق البلد على غرار ما يحدث في باكستان و أفغانستان وفي المحصلة سيكون المدنيين هدفا مباشرا لهذه الهجمات .

أما وقد جر التنظيم أمريكا للنزال خارج الأراضي الأمريكية، على حد قول أحد قادة التنظيم البارزين في اليمن، وفي دول من مثل أفغانستان وباكستان والعراق، فحري بالطامحين والطامعين من منتسبي تنظيم القاعدة الذهاب إلى هناك ومنازلة الأمريكان وجها لوجه لا أن يقوموا بعملياتهم اليائسة والبائسة في اليمن لأن البلد فيه ما يكفيه.