الشعب في خدمة الصناديق !
بقلم/ سامي الكاف
نشر منذ: 14 سنة و 3 أشهر و 12 يوماً
الإثنين 02 أغسطس-آب 2010 06:31 م

أكثر ما يثير الانتباه أنك تسمع الجميع هنا في اليمن يتحدث عن الفساد وكيفية مكافحته؛ في الواقع من المستحيل أن تجد أحداً لا يتحدث عن الفساد. الجميع يتحدث عن ذلك دون ملل أو كلل.

أنظروا: الرئيس علي عبدالله صالح يتحدث عن الفساد، وذات مرة قال أنه "لن يكون مظلة للفساد والفاسدين"..!

ورئيس الحكومة الدكتور علي مجور هو الآخر يتحدث عن الفساد كلما سنحت له الفرصة؛ بل وصار في كل مناسبة يتواجد فيها يتحدث عن الفساد وكأنه محاضر أكاديمي لا يشق له غبار في هذا المضمار.. وهلم جرا: وزراء ونواب وزراء يتحدثون عن الفساد وكيفية محاربته، وكذلك نواب البرلمان وأعضاء الشورى يفعلون ذلك. أينما تروح وتذهب تجد الجميع يتحدث عن الفساد.

طيب.. ما الذي أبقوه للمواطن العادي وهو المغلوب على أمره..؟ لاشيء سوى الفرجة على هؤلاء وهم لا يجيدون سوى التحدث.. لا غير.

قبل بضعة أيام راح رئيس الحكومة الدكتور علي مجور يقول في كلمة ألقاها في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الإقليمي الثاني للشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد الذي انعقد أخيراً في العاصمة صنعاء أن حكومته "تولي مكافحة الفساد أولوية خاصة استشعاراً منها بخطورة هذه الآفة وإدراكاً للارتباط العضوي بين جهود مكافحة الفساد وبين خطط التنمية".

ها.. حلوة جداً دي "الأولوية الخاصة"..!

حسناً.. يعلم رئيس الحكومة قبل أي مسئول أخر ان حكومته لا تستطيع سوى التحدث عن الفساد. في الواقع لا شيء أكثر من ذلك تستطيع تقديمه في هذا الشأن.

يااااه... رحم ألله فرج بن غانم و"بشش الطوبة اللي تحت رأسه".

هل رأى أحدكم أنه تم تقديم مسئول واحد - واحد وحسب- لمحاكمته بتهمة الفساد..؟!

لاحظوا أنه حتى عندما تم تأسيس (الهيئة العليا لمكافحة الفساد) اتضح أن تكوين هيئة أعلى لمراقبتها وما تقوم به ضرورة.

بالمناسبة هل يتذكر أحدكم الآن "سعد الدين بن طالب" وما أثارته استقالته من الهيئة العليا لمكافحة الفساد..؟!

يقول مجور ان الحكومة ملتزمة بـ"دعم هيئة مكافحة الفساد ومساعدتها في بنائها المؤسسي والتنظيمي وبناء قدراتها وتأمين مواردها المالية بما يكفل سرعة ممارسة مهامها واختصاصاتها"؛ يعني ما زالت الحكومة مشغولة في مساعدة بناء الهيئة العليا لمكافحة الفساد علماً بأن الأخيرة ظهرت منذ بضعة سنوات..!

قبل بضعة أيام - بالتزامن مع محاضرة مجور حول الفساد- ظهر أخيراً تقرير تناولته عدد من وسائل الإعلام عن أوضاع الصناديق الخاصة التي أنشأتها الحكومة بهدف تقديم خدمات للمواطنين وعددها في الواقع يزيد عن 40 صندوقاً - كاشفاً مدى الفساد الذي أصاب عمل معظم هذه الصناديق؛ أو بمعنى ألطف أنحرف عدد كبير من هذه الصناديق عن الأهداف التي أنشئت من أجلها..!

أنظروا: كشفت تقارير رسمية صادرة عن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وجود فساد ونهب مهول لأموال هذه الصناديق لجهات بذاتها وبالمليارات مع أن الغرض من إنشاء مثل الصناديق إنما خدمة للشعب وليس العكس، إذ تم الصرف من هذه الصناديق بطريقة تنسف قوانين إنشائها..!. أليس معظم أموال كثير من هذه الصناديق يدفعها المواطنون كضرائب؟

أحد هذه التقارير أشار إلى تبديد أكثر من 737 مليون ريال في صناديق 15 محافظة في مقدمتها إب، والحديدة، وتعز وأمانة العاصمة، و234 مليون ريال تم صرفها تحت مسمى عمولات تحصيل، و234 مليون ريال تحت مسمى عُهد وسلف..!

طبعاً مثل هذا التقرير تعلق بشأن نتيجة تدقيق الحسابات الختامية لكل من الموازنات الملحقة والمستقلة موازنات الصناديق الخاصة للسنة المالية 2008م وحسب..!

في حين كشف تقرير رقابي رسمي أخر صدر عن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة حول نتائج فحص ومراجعة حسابات صندوق نظافة وتحسين أمانة العاصمة للعام المالي 2007م عن مخالفات مالية وإدارية بمليارين و122 مليوناً و236 الفاً و657 ريالاً..!

وبيّن التقرير الذي نشرته صحيفة "الجمهور" وقائع فساد ترتكب ضد المال العام، واستهتار بالأملاك والأصول الخاصة بالصندوق، ومزاجية في الإدارة وصلت حد الملكية الخاصة، وغياب الرقابة والمتابعة لأموال الصندوق..!

في حين نشرت صحيفة "الناس" أن تقرير اللجنة المكلفة بمراجعة وتقييم أوضاع الصناديق الخاصة أثار حنق وزير الدولة أمين العاصمة عبدالرحمن الأكوع عندما وضع التقرير صندوق النظافة بأمانة العاصمة على قائمة الصناديق الأكثر فساداً.

وقالت الصحيفة أن مصدراً مطلعاً قال لها أن تقرير اللجنة التي يرأسها نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية عبدالكريم الأرحبي والذي جرى طرحه خلال جلسة مجلس الوزراء الأسبوع قبل الماضي قدم صورة عامة عن أوضاع الصناديق الخاصة في اليمن؛ وأن جدلاً دار بين الأرحبي والأكوع لدرجة أن الأخير قال للأول: "أنزل أنت وكنس شوارع أمانة العاصمة".. (الناس العدد "507").

طبعاً حكومة مجور كانت أول من يعلم بمثل هذه التقارير قبل أن تهم وتتناولها وسائل الإعلام وتصبح في متناول الجميع؛ لكن لا أحد يعلم إن كان بمقدورها أن تقدم على فعل شيء بالنسبة إلى فساد هذه الصناديق يؤكد مدى مضيها في مكافحة مثل هذا الفساد لأنه طبقاً لكلام مجور ذاته يمثّل "أولوية خاصة"..!

ومضة:

قال لها : "لن استسلم.....".

لكنها كانت قد اتخذت قرارها. في الواقع؛ مضت في طريقها دون أن تكلف نفسها عناء الالتفات إليه........!