سلطة في الجو (حوار وحروب)
بقلم/ عبد الرزاق الجمل
نشر منذ: 14 سنة و 10 أشهر و 3 أيام
السبت 09 يناير-كانون الثاني 2010 04:55 م

غارات جوية على صعدة وعلى الجوف وعلى عمران وعلى مأرب وعلى شبوة وعلى أبين وعلى مناطق مختلفة في اليمن، بعضها يستهدف جماعة الحوثي، وبعضها يستهدف عناصر القاعدة، وبعضها يستهدف قوى الحراك..

 وتشارك في القصف طائرات سعودية وأخرى أمريكية، إلى جانب الطائرات اليمنية، ومع كل هذه الحروب تدعو السلطة في صنعاء إلى حوار وطني شامل تحت قبة مجلس الشورى لن تشارك فيه جماعة الحوثي ولا قوى الحراك ولا أحزاب اللقاء المشترك ولا القاعدة.. صور رائعة من الحروب والحوارات..

حروب شاملة وحوارات خاصة جدا، تحاور فيها السلطة المؤيدين لها بشأن قضايا مفصلية غاب ممثلوها الحقيقيون، كقضية صعدة، والقضية الجنوبية، والقضايا السياسية الأخرى كالانتخابات النيابية وغيرها..

ليس غريبا على السلطة أن تحاور نفسها حوارا وطنيا شاملا، وتنجح في ذلك، فقد سبق لها أن نافست نفسها في انتخابات المجالس المحلية والنيابية التكميلية التي قاطعها المشترك، ونجحت في ذلك أيضا ..

كل شيء جائز في الحوار والحرب .. باختصار، كل شيء جائز في اليمن، بما في ذلك اختيار مجلس الدفاع الوطني لمهمة توجيه الدعوة إلى الحوار.. لو اهتمت السلطة بالحوار كاهتمامها بالحروب لتجاوزنا مشاكلنا بسهولة.. لكن أعتقد أنها على استعداد لخوض ستة حروب خاسرة وليست مستعدة لخوض حوار واحد ناجح..

نعود إلى موضوعنا الرئيسي .. عندما تفقد السلطة سلطتها على الأرض، تغزو الفضاء أو تبيحه لتنتقم من الأرض.. وقد شهدت الأيام الماضية عمليات قصف جوي طالت عددا من المحافظات اليمنية، وراح ضحيتها الكثير من الأبرياء معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ وآخرين لا علاقة لهم بأهداف هذه الغارات ..

قبل أيام قال لي أحد مشايخ صعدة إن السلطة موجودة في الجو فقط، أما أراضي صعدة فهي للحوثيين، وطالب السلطة أن تسحب ما تبقى من أسلحتها الثقيلة حتى لا يدمر الحوثيون بيوتهم بها، فبيته دمره الحوثيون بسلاح السلطة الثقيل حسب كلامه ..

لم تتمكن السلطة حتى اللحظة من فتح طريق صعدة عمران رغم كل الانتصارات التي تعلنها وبشكل يومي، وعملية الامداد للمتواجدين في صعدة، جوية، بينما يتنقل الحوثيون على الأرض بحرية شبه كاملة، ولهم منافذهم المفتوحة لوصول الدعم بمختلف أشكاله إليهم ..

لا يختلف الوضع في الجنوب كثيرا، فهناك قوة موازية أو أكبر للخصوم، سواء كانوا "حراك" أو "قاعدة" ولم تعد السلطة متفوقة بغير سلاح الجو، على أن هذا السلاح لم يكن عامل تفوق، فأغلب ضحاياه هم من المدنيين الأبرياء .. 

تقلصت خيارات السلطة في التعاطي مع القضايا العالقة، وبات الجو خيارها الاول، وقد يكون الخيار الوحيد في المستقبل، ولا أستبعد أن يتم توزيع الرواتب للموظفين عن طريق الإنزال المظلي .. أو أن تدعوا السلطة إلى حوار وطني شامل، ليس تحت قبة مجلس الشورى، ولكن على متن طائرة حربية برعاية وزارة الدفاع ..

الآن وأنا أكتب هذا المقال، أسمع أحد النواب في الفضائية اليمنية يتحدث عن قصف جوي طال مديرية رازح ليلة أمس وراح ضحيته أكثر من خمسين مدنيا، والجلسة معقودة لمناقشة الغارة الجوية على مديرية المحفد بمحافظة شبوة .. ويضيف النائب بأن الطائرات التي قامت بالقصف مجهولة الهوية..

بالمناسبة .. كل الطائرات، سواء كانت مجهولة أو معلومة الهوية، تنزل الموت بالمواطنين الأبرياء، و الخراب بالأرض والممتلكات، وتعيث في الجو فسادا .. والسلطة التي تنفي وجود تدخل خارجي مباشر في القصف خوفا من أن تُتهم بالتفريط في السيادة االوطنية، لا تهتم بسيادة وكرامة المواطن الذي يطاله هذا القصف الأعمى ..

أخيرا .. قُتل عبد الملك الحوثي بقصف جوي سعودي، وقُتل "أبو علي الحارثي" بقصف جوي أمريكي، وكذا بعض قيادات القاعدة .. والسؤال : ما الذي حققه الطيران اليمني ..؟ السقوط أكثر من مرة بخلل فني ..؟ .. سلطتنا فاشلة جوا وبرا وبحرا.. وأضفت بحرا لأن ميناء ميدي بمحافظة حجة القريبة من صعدة، تشرف عليه المملكة العربية السعودية حاليا..