آخر الاخبار

الجيش السوداني يلاحق قوات الدعم بتحرك سريع ....ويكشف عن عملية عسكرية شاملة لاستعادة السيطرة على الخرطوم.. تهريب الأموال بشوالات عبر المنافذ الرسمية.. البنك المركزي في عدن يعلّق الرئيس العليمي يتحدث عن دعم بريطاني جديد لقوات خفر السواحل اليمنية مقتل ثلاثة اشقاء برصاص قريب لهم في جريمة ثانية تشهدها محافظة عمران خلال يوم واحد توكل كرمان تسلم الأفغانية نيلا إبراهيمي جائزة السلام الدولية للأطفال 2024 أردوغان يحذر المنطقة والعالم من حرب كبيرة قادمة على الأبواب منتخبنا الوطني يصل البحرين للمشاركة في تصفيات كأس ديفيز للتنس وكلاء المحافظات غير المحررة يناقشون مستجدات الأوضاع ومستحقات المرحلة وتعزيز التنسيق وتوحيد الجهود انتشار مخيف لمرض السرطان في أحد المحافظات الواقعة تحت سيطرة مليشيا الحوثي .. مارب برس ينشر أرقام وإحصائيات رسمية خبير عسكري يكشف عن تحول وتطور جديد في المواجهة الأمريكية تجاه الحوثيين ولماذا استخدمت واشنطن قاذفات B2 وبدأت بقصف أهداف متحركة؟

مؤتمر الحوار والقضية الجنوبية
بقلم/ د. عيدروس نصر ناصر
نشر منذ: 11 سنة و 8 أشهر و 29 يوماً
الأربعاء 20 فبراير-شباط 2013 02:50 م

غضب العديد من الزملاء الذين شاركوا في ندوة جامعة لندن المنعقدة يومي 11ـ12 يناير الماضي والتي كرست لليمن وتحديات عملية الانتقال السياسي، غضبوا من كاتب هذه السطور عندما قال ما معناه: أن الجنوب بأغلبية مكونات حراكه السلمي قد طرح قضية "فك الارتباط واستعادة الدولة" كسقف أعلى لمطالبه، والذين يطرحون ما دون ذلك هم أقلية الكثير منهم من يعبر عن رؤية قوى سياسية، وهذا حقهم كمواطنين جنوبيين، فما الذي تقدمه السلطة لأصحاب هذا المطلب لتثنيهم عنه أو لتغريهم للتراجع عنه، وقد جاء هذا الغضب على اتجاهين: اتجاه اعتبر هذا الحديث تأييدا لفك الارتباط وانحيازا له،  والاتجاه الآخر من محتكري القضية الجنوبية وربما المقاولين عليها والذين لا يريدون لأحد سواهم أن يتناول القضية الجنوبية إلا من وجهة نظرهم وحدهم فقط.

تكمن المشكلة الكبرى في اليمن في التعامل السلحفائي من قبل صناع القرار السياسي مع الملفات الساخنة من خلال التسويف والمماطلة والزئبقية المتمثلة في الحديث عن قضية ما (كالقضية الجنوبية) بإيجابية ولكن دون الإقدام على أي خطوة باتجاه الانتصار لهذه القضية وهو ما يخلق صورة معاكسة تجعل المعنيين بهذه القضية يتشككون في مصداقية المتحدثين بهذه الإيجابية واعتبار ذلك نوع من التزلف والخداع والمغالطة السياسية خاصة وإن هذا النوع من السلوك السياسي ظل وما يزال قائما منذ عقود طويلة، ويصدر عن أفراد وجماعات ساهمة بقوة في صناعة وتوليد العوامل السياسية والاجتماعية والاقتصادية للقضية الجنوبية، هذا السلوك لا يعبر عن شعور بالمسئولية ولا حتى عن ذكاء سياسي ذلك إنه إذا كان ينم عن رغبة في الخداع فهو إنما يشابه صب الزيت على النار المشتعلة وإذا كان يعبر عن العجز فإن المسألة ستكون أكثر كارثية أي أن إمكانية اتخاذ إجراءات عملية سيكون من سابع المستحيلات، وهو ما يعني تجاهل مطالب الجنوبيين والتعامل معها بتعالي أو ازدراء أو عدائية أو استهانة، وهذا يعزز حق هؤلاء المواطنين في التمسك بسقفهم الأعلى.

مما قاله كاتب هذه السطور لممثلي الحكومة الذين حضروا ندوة جامعة لندن، إنكم تتغنون بالوحدة اليمنية وتريدون إقناع مواطني الجنوب بأن هذه الوحدة تخدم مصالحهم لكنكم لم تقولوا لهم ما هي خياراتكم وبدائلكم للوضع القائم الذي يقر الجميع باعوجاجه وعدم صلاحيته للاستمرار ؟ ما هي المعطيات المغرية التي ستقدمونها لأبناء الجنوب ليتراجعوا عن مطلب "فك الارتباط واستعادة الدولة"؟

من المؤسف أن أحدا لم يمتلك الشجاعة ليقر بأن الخلل القائم قد قضى على المشروع الجميل الذي حلمت به الأجيال على مر عقود طويلة من الزمن والمتمثل في قيام دولة كل المواطنين اليمنيين، وحولته إلى وحدة بين منتصر ومهزوم، وناهب ومنهوب، وسالب ومسلوب، وهو وضع لا يستقيم لأنه مخالف لكل قوانين الطبيعة والمجتمع والمنطق السليم ذلك إن الوحدة ما لم تكن بين شريكين متكافئين مصيرها الزوال طال الوقت أم قصر، ويراهن هؤلاء على أن المغالطات والخداع والادعاء بأن ممثلي الجنوب راضين بهذا الوضع المعوج ويهيمون بها حبا، سيحل المشكلة متناسين بأن الضمانة الوحيدة لأي شراكة قابلة للحياة هو تعبيرها عن رضى وقناعة كل الناس الذين سيدافعون عنها فيما لو تعرضت للخطر.

لا يمكن للذين نهبوا أراضي الجنوب واستولوا على الوكالات الاستثمارية وسيطروا على المنشآت الحكومية وحولوها إلى أملاك شخصية لهم، أن يقدموا حلولا ناجعة للمشكلة، لأنه باختصار شديد لا يمكن لصانع المشكلة أن يحلها خاصة عندما يعلم أن الحل سيكون سببا في إلحاق الضرر بمصالحه، ومن المؤسف أن هؤلاء يتذرعون بالحفاظ على الوحدة وهم لا يحافظون إلا على مصالحهم، لكن هذا الإصرار الأحمق على استبقاء الأوضاع كما أنتجتها حرب 1994م قد يؤدي ليس فقط إلى خسران مصالحهم (المشروعة منها وغير المشروعة) بل وإلى ذهاب ما تبقى من الوحدة (المزعومة) أدراج الرياح، وربما تفكك كل اليمن كما أقول دائما ليس فقط إلى شمال وجنوب بل إلى عدة شمالات وعدة جنوبات.

لا يستطيع كل الذين يراهنون على أكذوبة "الفزاعة الإيرانية" أن يقنعوا مكونات الحراك بالمشاركة في مؤتمر حوار ترسم نتائجه في مقايل صنعا، ويتم إخراجها بالتصويت بالأغلبية، أما حجة الخمسين بالمائة من الجنوب فقد اتضح أن المقصود بها شهادة الميلاد وليس التوجه السياسي، والموقف السياسي المعبر عن معاناة الجنوبيين، وعندما يحضر مندوب جنوبي يدافع عن ناهبي الأراضي والمستولين على مرتبات الجنود والضباط الجنوبيين وناهبي ثروات الجنوب ويقدم هذه الممارسات على إنها جوهر الوحدة وصلبها فإنه يلحق من الضرر بالقضية الجنوبية أكثر مما ألحقه هؤلاء الناهبين،ويغدو حضور هؤلاء المندوبين كغيابهم بل إن عدم حضورهم باسم الجنوب هو الأفضل.

هناك خطوة بسيطة يستطيع المتحمسون للدفاع عن الوحدة والحريصون على إنجاح الحوار الوطني أن يقوموا بها لإقامة الحجة على الجنوبيين وهي أن يعيدوا الأراضي التي نهبوها، ويسلموا المنشآت التي استولوا عليها وسجلوا بعضها بأسماء أولادهم أو باعوها لأقربائهم، وأن يعيدوا مزارع الدولة والمباني الحكومية لأصحابها وأن يسمحوا للضباط والجنود الجنوبيين بالعودة إلى أعمالهم ومساهمتهم في الحياة العسكرية والأمنية، وصناعة القرار العسكري والسماح للشباب الجنوبيين بالانخراط في الكليات والمعاهد العسكرية والأمنية، والأهم من هذا إعلان الاستعداد لإعادة النظر في شكل دولة الوحدة بما يضمن استعادة مكانة ودور الجنوب في المعادلة السياسية اليمنية (وليس بالضرورة باختيار رئيس أو رئيس وزراء جنوبيين)، هذه الخطوات لو تم اتخاذها سيضع قادة مكونات الحراك في الزاوية وإذا ما تعنتوا عن حضور مؤتمر الحوار فمن حق الكل أن يقيم عليهم ادعاء إفشال مؤتمر الحوار أما مقولة أن يحضر ممثلو الحراك مع استمرار البسط على أراضي الناس وأملاكهم ونهب ثرواتهم واستمرار ثقافة الغنيمة وسياسة الإقصاء والاستبعاد والتهديد بمجلس الأمن فإنها لن تحل المشكلة حتى وإن نجحت في ترهيب أو ترغيب البعض على القبول بالوضع المعوج الذي صنع لليمنيين كل هذه المآسي.

برقيات:

*في حلقة الاتجاه المعاكس، على قناة الجزيرة التي كرست هذا الأسبوع للثورة اليمنية، أبدى الباحث والناشط ماجد المذحجي تفوقا ملحوظا في إقامة الحجة والإتيان بالبراهين، لكن الطرف الآخر (عبد الخالق البركاني) أبدى تفوقا واضحا في خطف الوقت والصراخ ومقاطعة ممثل شباب الثورة، والأهم من هذا التحدث باسم الثورة أكثر من الثوار أنفسهم.

*تكرار سقوط الطائرات العسكرية فوق المناطق المدنية، بصنعاء وغيرها يطرح أكثر من سؤال: ليس فقط عن كنه هذه الحوادث وما إذا كان هناك من يقف وراءها، لكن حول مدى أهلية القائمين على المؤسسة العسكرية وما تمتلكه من أسلحة لقيادة هذه المؤسسة التي يفترض أنها عصرية ومتطورة وشديدة الأهمية لأمن وسلامة البلد وصيانة أرواح الناس لا التسبب في إزهاقها.

* قال الشاعر العربي بدر شاكر السياب:

ذوب الليل يا شــــــــــــعاع النهارِ            تلــــمح العين ما وراء الستارِ

ذوب الليل يبــصر الشعب صرعاهُ            فما زال واقفا بانتـــــــــظارِ

يبصر الـــــقوم بين هاوٍ الى اللَّحـ         ـد وغرقان دائبٍ في احتــــظارِ

زمزم الموج في الســـهول النديات           مغيطاً وصاح في كل دارِ

سائل الكوخ والربى والصـــجارى            كـيف أرعش في يد التـــــيارِ