أنصار الإرهاب مِلَّتُهم واحدة
بقلم/ رشاد الشرعبي
نشر منذ: 12 سنة و 3 أشهر و 10 أيام
الخميس 09 أغسطس-آب 2012 01:35 ص

تُصر أيادي الإجرام والإرهاب والعبث والفوضى, مع سبق الإصرار والترصد, إلا أن تذهب بنا باستمرار بعيداً عن الهدوء والسكينة والأمن والاستقرار والطمأنينة, لتجرجرنا من ألم شديد إلى ألمٍ أشد ومن حزن كبير إلى حزنٍ أكبر, ومن وجع كثير إلى وجع أكثر.

ففيما كان مازال الألم يعتصر قلوبنا جراء الكارثة التي حلت على مدينتنا المسالمة (تعز) بتفجير قنبلة بعد شجار بين سائق لدراجة نارية بحوزته قنبلة وآخر هو بائع، ما أدى لمصرعهما ومعهما 5 آخرين وأكثر من 10 جرحى, وذلك بعد أيام على قطف روح طفل في القرب منا بالعاصمة صنعاء.

جرائم قتل اليمنيين والاعتداءات والانتهاكات لحقوقهم وحرياتهم مستمرة في كل مكان من قبل جماعات إرهابية (القاعدة وأنصار الشريعة والحوثي وأنصار الله والرئيس السابق و أنصار الشرعية), وليس ما حدث في وزارة الداخلية من قتل لجنودها وضباطها وإعتداءات على زملائهم ونهب كل شيء, إلا صورة واضحة عما يحدث من تكامل وتعاون وتعاضد بين أنصار (الشريعة والله والشرعية).

لم تجف دموعنا لماحدث في تعز وقبلها في صنعاء, حتى فاجأنا المجرمون بارتكاب كارثة أبشع وأفدح في مدينة جعار بمحافظة أبين, وهي المدينة التي كانت قد اغتسلت قبل أشهر قليلة من (قذارة) جماعات مسلحة سيطرت عليها لأكثر من عام, في مسرحية هزيلة سادها الانسحاب والتواطؤ وربما الدعم غير المباشر من النظام الآفل .

لقد تخلصت جعار الحزينة وأبين المنكوبة من سيطرة تلك الجماعات الإرهابية, التي تسيء لديننا الإسلامي بادعائها انتسابها إليه وهو دين الرحمة والتسامح, لكنها لم تتخلص بعد من هستيريا تلك الجماعات التي ترهب المؤمنين بالله ودينه الحق في ليلة رمضانية وفي موقع عزاء كانت تظلله أجواء الحزن والأسى وتسوده رحابة تلاوة آيات من القرآن الكريم.

نعم, لم تتخلص بعد جعار وأبين كلها, من جرائم هذه الجماعات الباغية والضالة, كما لم يتخلص وطننا اليمني كله من جرائم العصابة الباغية التي يقودها من يرفض بإصرار غريب أن يعتبر من نهاية الصريع (الزعيم الليبي).

حتى لحظة كتابة المقال فجر الاثنين, وعدد ضحايا تلك الجريمة الارهابية في جعار قد وصل إلى 45 شهيداً وقرابة 40 جريحاً, مازال بعضهم مرشحين ليلتحقوا بسابقيهم من الشهداء وآخرون سينضمون لطابور المعاقين والجرحى مدى الحياة, وجلهم مسلمون كانوا صائمين لله سبحانه وتعالى في نهار ذات اليوم ويؤدون واجب العزاء ويذكرون بين كل دقيقة وأخرى أنه: لا إله إلا الله, ولا حول ولا قوة إلا بالله, وإنا لله وإنا إليه راجعون.

مازلت عاجزاً عن التصديق بأن من يقفون وراء جرائم كهذه هم جماعات وتنظيمات متطرفة وإرهابية كالقاعدة وفرعها اليمني (أنصار الشريعة), مثلما أعجز عن تصديق تعرض مسيرات خاصة بالحوثيين في صعدة لتفجيرات يتم التقاطها (صوتاً وصورة) لحظة بلحظة.

أتساءل بحسرة وألم: هل يعقل أن يقدم من يدعون إيمانهم بالله وإن اختلفنا معهم حول مفهوم الجهاد واستهداف الأجانب الموجودين في أوطاننا أو في أوطانهم وخاصة منهم المدنيين والممنوحين موافقة حكوماتنا, يقدمون على ارتكاب هذه الجرائم البشعة والكوارث التي تودي بحياة طفل بريء أو عشرات اليمنيين المسلمين؟.

أثق أن من يقومون بالعمليات الانتحارية شباب مغرر بهم أو يتم تطويعهم بأساليب ووسائل مختلفة, من بينها غسيل مخ أو تهديد بالتعرض بأذى لأسرهم وأقاربهم, لكن من يقفون وراءهم ويدفعونهم ويخططون ويمولون ويساهمون ويشتركون في تسهيل تنفيذ تلك العمليات الانتحارية, هل يعقل أنهم يعتقدون حقيقةً أنهم بذلك الإجرام والارهاب يرضون الله ويسعون إلى الجنة؟.

تتنازعني الأوهام وتشتت تفكيري الوساوس وتتقافز إلى ذهني الشكوك, لتضعني في حيرة دائمة بشأن من يقفون وراء تلك التفجيرات الاجرامية والعمليات الارهابية التي جل ضحاياها مسلمون يرددون باستمرار الشهادتين ويؤدون الشعائر الاسلامية كالصلاة والصيام والزكاة فكيف فيمن يدعون الدفاع عن الدين الاسلامي والانتصار له يقتلونهم ويعملون على تنفيذ جرائم ومجازر بهذا الحجم وهذه البشاعة؟.

أتحداهم أن يثبتوا أنهم قتلوا أحداً غير مسلم في جريمة السبعين أو كلية الشرطة أو عزاء جعار وغيرها الكثير من الجرائم الارهابية, لقد كان كل من قتلوهم يمنيين مسلمين (مدنيين وعسكريين), بل وليس فيهم أحد ممن يدعون أنهم عملاء لأمريكا, وأثق أن غالبيتهم –إن لم يكن كلهم- لا يتحدثون الانجليزية ولا يعرفون اسم السفير الامريكي بصنعاء أو أياً من العاملين في سفارته.

من الصواب التفكير بصورة جادة بأسلحة متعددة لمواجهة هذه الجماعات ليس سلاح الأمن إلا إحداها, فهناك مواجهة الفكر التكفيري والجهادي بفكر تسامحي ووسطي هو جوهر الاسلام ومواجهة الفقر والبطالة وإتاحة المزيد من أجواء الحرية والديمقراطية, وأيضاً القضاء على رأس الأفعى التي مازالت تنفث السموم لتبعث الحياة في جماعات الإرهاب والتطرف من جعار إلى صعدة.