الكهرباء" قضية وطن
بقلم/ عصام السلمي
نشر منذ: 12 سنة و 4 أشهر و 22 يوماً
الثلاثاء 26 يونيو-حزيران 2012 05:56 م

يعيش اليمنيون حالة دائمة من التوتر والقلق بسبب "مصيبة" انقطاعات الطاقة الكهربائية، فقد أصبحت هذه الوسيلة أساسية في حياة الناس في هذا الزمان، (ربما) في درجة تتلو الماء والهواء مباشرة!، وقد كانت الانقطاعات والانطفاءات سمة رئيسية لعصر المخلوع علي صالح على مدى سنوات حكمه العجاف كلها، ولم يشفع لنا عنده هو وأركان الفساد أن بلادنا غنية بالنفط وبها كميات هائلة من الغاز الطبيعي تكفي لإضاءة كل مدينة وقرية ودار يمنية، كما لم يحرج أخطبوط الإجرام أنهم يبيعون هذه الثروة الوطنية المهمة بأبخس الأثمان، ليضيئوا به بيوتا ومصانع في أقاصي الأرض ويحرموا أصحابها من إخوتهم وشركائهم وجيرانهم القريبين؛ إلا أن العزاء أنه ليس هذا القطاع الوحيد المدمر في اليمن "السعيد!"، ألا ما أقبح الخيانة!

أما المصيبة الأكبر والتي لا يستوعبها إنسان عاقل، أن المخلوع وأعوانه ومن والاه وباع من أجل ذاته الصغيرة ضميره وعقله، لا زالوا محافظين على عادتهم القديمة، وبكل ما أوتوا من ذكاء وقوة وإمكانات وجهد! فهم لا زالوا يدفعون الأموال ويرسمون الخطط ويبذلون الجهود الكبيرة! لتخريب وسائل نقل الكهرباء، ولا تسل عن الأهداف الحقيقية من وراء مثل هذا العمل الإجرامي الخطير، فأنا بذلت جزءا ثمينا من وقتي في تخيل أو توقع الأهداف النبيلة للمشير الرمز الرئيس السابق علي عبد الله صالح من وراء "تضنيك" حياة الناس والتضييق عليهم في أرزاقهم ومعايشهم؛ وخرجت من محراب تفكيري خالي الوفاض، ولم يبق لدي إلا أن أؤمن بما قد علِمه الشعب اليمني من الحقد والغل الذي يحمله كل قلب متكبر جبار!

الحقيقة أن أي إنسان يسمع عن هذه المصيبة التي تحل باليمنيين باستمرار وصارت جزءا حتى من ثقافتهم ليتساءل بعمق عن الدافع الذي يؤدي بإنسان إلى اقتراف عمل إجرامي بشع مثل هذا الذي يقوم به بقايا نظام العائلة، وحين لا يجد أسبابا منطقية واقعية، فإنه سيتجه إلى التحليل والربط والاستنباط، وحينها سيكتشف الأسباب الآتية:

1- المنافسة السياسية غير الشريفة، والتي تعوّد الشعب اليمني عليها طوال مدة حكم العائلة الصالحية، من خلال إجراءات على الأرض والإنسان تصب في مصلحة العائلة وخططها ولا تلقي بالاً لآلام الناس ومشاكلهم. بمعنى أن هذا جزء من منهج وسياسات العائلة وقد اعتادوا عليه.

2- يريد المخلوع وأعوانه أن لا يشعر الناس بالفرق بين عهدهم الظلامي البائد والعهد النوراني الثوري الجديد، وقد اختاروا هذه الزاوية بالذات (قطاع الكهرباء) لأثرها الكبير والمباشر في حياة الناس، ونهنئهم على اختيارهم الموفق، فقد آذوا الناس أيما إيذاء وأضروا بهم أيما ضرر!

3- إشغال الناس قدر المستطاع عن إكمال ثورتهم وتنفيذ أهدافها، فإنه كلما استنزفت جهود اليمنيين في البحث عن الطعام والماء والكهرباء وضروريات الحياة أدى ذلك -بطبيعة الحال- إلى ضعف الأداء الثوري في الساحات والمؤسسات. وهنا لم يوفق آل عفاش، فإن الشعب اليمني العظيم الصابر قد تعود على أقل درجات ومستويات الحياة، وهو من الكائنات النادرة في هذه الأرض القادرة على العيش في كافة الظروف والأحوال، ولذا لن يؤثر هذا فيهم كثيرا.

4- معاقبة الشعب اليمني جزاء قيامه بالثورة، أو حتى السكوت عنها. وهذا سبب نفسي مرتبط بأمراض يعرفها الجميع يعاني منها المخلوع وعائلته، وهي أمراض نفسيه \\\"صدمية\\\"، نشأت عن صدمة الهبوط من وهم الكبرياء إلى دونية الخيانة والفضيحة.

إن الناظر في حياة اليمنيين عن قرب لَيعلم حقيقة القلق والهم الذي يسكنهم باستمرار بسبب عذابات انقطاعات الكهرباء، وهم بذلك يحرمون من الإضاءة ومن تشغيل الأجهزة والمعدات الضرورية في منازلهم ومصانعهم ومستشفياتهم ومحلاتهم وفي كثير من مرافق الحياة.

وبكل احترام وتقدير لحكومتنا الكريمة، إلا أنني أتعجب من عجزها عن إصلاح هذا القطاع الأساسي والمهم، واكتفائها ببعض الإجراءات البسيطة التي لا تكفي ولا تنفع، يجب على حكومة الوفاق أن تعلن قضية الكهرباء قضية وطنية، وتحشد من أجلها كل الجهود الممكنة، وتقدم بين يدي التاريخ واليمنيين إثباتا واضحا على وطنيتها وصدقها ووفائها بالقسم الذي أقسمت به أمام الله والشعب؛ كما يجب الانتهاء من هذا الهم المؤرق بأي طريقة وأسلوب حتى تتفرغ الدولة –براحة بال- لقضية أخرى، وما أكثر القضايا والمشاكل في بلدنا الحبيب، فلم تترك العائلة المخلوعة فيه جزءا إلا أدْمَته وجرحته.

خاتمة: قَـدَر هذا الشعب أن يحيى حرا، وأن يستعيد عافيته وقواه وقوته، وأبناؤه البررة عازمون على المضي به نحو المعالي والأمجاد، بكل قوة وعزم، فمن أراد أن تثكله أمه ويفجع في نفسه فليعترض طريق اليمنيين، والله وحده المستعان.

مشاهدة المزيد