لماذا رافق نجل الرئيس والده للسعودية؟
بقلم/ عبدالناصر المودع
نشر منذ: 12 سنة و 7 أشهر و 21 يوماً
الثلاثاء 27 مارس - آذار 2012 05:11 م

أساء الرئيس هادي التقدير حين أصطحب نجله في زيارته الرسمية الأولى للسعودية، فوجود نجل الرئيس ضمن الوفد الرسمي، أوحى للكثيرين بأن مشروع التوريث لم يغادر ذهن المتربعين على السلطة بعد، وبغض النظر إن كان هذا الإيحاء صحيحا أم توجس مرضي، فإن الحكمة كانت تقتضي من الرئيس هادي ألا يقدم على مثل ذلك العمل. فالكثيرين في اليمن أصبحوا حساسين جدا، لأي وجود لأقارب الرئيس في الشأن العام، فمشروع التوريث، الذي قامت الثورة لوأده، لازال حاضرا بقوة في المشهد السياسي اليمني. وظهور نجل الرئيس هادي ضمن الوفد الرئاسي فتح الباب للتأويلات والتوجسات، والتي من بينها الاعتقاد بأن الرئيس هادي يرغب في تسويق نجله خارجيا، وتحديدا في المملكة السعودية صاحبة النفوذ الأكبر في الشأن اليمني.

و حتى لا نصحوا على مشروع توريث جديد، فإن علينا أن نكون متيقظين لأي فعل، مهما كان نوعه أو حجمه، يُـذكر بمشروع التوريث السابق. ومن أجل أن يحس الجميع بأن مشروع التوريث قد انتهى للأبد ينبغي إزالة جميع الشكوك التي تدور حول هذا الموضوع، ومن بينها قيام الرئيس هادي بإقالة أقاربه من المناصب الحكومية وإخفائهم، قدر المستطاع، من الظهور في الشئون العامة.

قد يرد البعض على طلب الإقالة بالقول: أن أقارب الرئيس من حقهم أن يتولوا مناصب عامة مثلهم مثل بقية المواطنين بحسب كفئاتهم، والحقيقة أن هذا القول مردود عليه. ففي البداية لا يمكن الاتفاق على تعريف محدد لمعنى الكفاءة، فهل هي الحصول على مؤهل تعليمي من أمريكا أو بريطانيا، كما كان يردد أنصار مشروع التوريث في نظام الرئيس صالح. ثانيا السماح لأقارب الرئيس بتولي المناصب العامة سيفتح الباب من جديد باتجاه التوريث والمحسوبية والفساد.

قد يكون من المقبول، في ظل الأوضاع الحالية لليمن، تعيين أقارب للرئيس في وظائف محددة تتعلق بأمن الرئيس وحمايته، من قبيل قائد الحرس الرئاسي أو السكرتير الشخصي مثلا، إلا أن هذا الأمر ينبغي أن يتم وفق نصوص دستورية وقانونية واضحة، تحدد هذه الوظائف بدقة وتبررها، بحيث لا يتم العبث بالوظيفة العامة تحت مبرر أمن الرئيس واستقرار الدولة، وهي مبررات قد تقودنا من جديد إلى مشروع توريث أخر.

في الكثير من الدول الديمقراطية يحظر القانون على الرئيس أو المسئولين التنفيذيين توظيف أقاربهم في نطاق السلطات التابعة لهم، وليس بعيدا عنا الضجة التي أثيرت قبل فترة في فرنسا حول تعيين نجل الرئيس الفرنسي (نيكولا ساركوزي) في وظيفة حكومية ثانوية، إلا أنها جوبهت بالرفض من قبل المجتمع الفرنسي، وهو ما أدى إلى استقالت نجله من تلك الوظيفة. وينبغي أن يكون في اليمن تشريع، أو حتى مادة دستورية، تنص على عدم جواز تعيين أقارب المسئولين التنفيذيين، بما في ذلك رئيس الجمهورية، في وظائف تدخل ضمن نطاق سلطاتهم.

إن الحكمة والمسئولية تقتضي من الرئيس هادي إبعاد أقاربه من الشأن العام، كي لا يقع في شبهة التوريث الذي أصبحت مقيتة ومرفوضة في اليمن والمنطقة العربية عموما. وقيام الرئيس هادي بإقالة أقاربه من المناصب العامة سترفع من شعبيته، وسترسل رسالة مناسبة في ظرفها وزمانها مفادها: أن مشروع التوريث قد انتهى، وأن هناك صفحة جديدة قد فتحت. أما في حال تكرار مشهد ما حدث في زيارة الرئيس للسعودية، فإن الجميع سيتساءل هل فعلا حدثت ثورة وتغيير؟